شهد الشهرين الماضيين تطورات عسكرية متلاحقة في سوريا، تمثلت في تقدم كبير لقوات المعارضة على مختلف الجبهات، وتركزت التطورات على 4 جبهات أساسية، وهي إدلب وحلب والقلمون ودرعا، حيث سيطرت، قبل نحو شهر ونصف، فصائل المعارضة، المنضوية تحت غرفة عمليات “جيش الفتح” على مدينة إدلب، بعد معارك دامت 5 أيام، ثم تقدمت تلك القوات، لتسيطر على “جسر الشغور” جنوب غرب إدلب، التي كانت تعتبر خزان إمداد النظام نحو إدلب، ونقطة الوصل بينها وبين السا حل.
وقد منيت قوات النظام بخسائر كبيرة في محافظة إدلب منذ بداية العام الحالي، كان أولها خسارته لمعسكري وادي الضيف والحامدية الإستراتيجيين، الواقعين في جنوب شرق إدلب، والذي ما أنفك مؤيدو النظام على تسميتهما بالمعسكرين الأسطوريين، نظراً لصمودهما لأكثر من سنتين أمام محاولات اقتحام المعارضة لها.
أما حالياً فتحاصر قوات المعارضة “المشفى الوطني” الواقع على أطراف المدينة، حيث تتوارد أنباء عن وجود عدد كبير من الضباط رفيعي المستوى فيه، إلى جانب أكثر من 200 جندي، فيما منيت محاولات النظام في التقدم لفك الحصار عنه بالفشل، بعد تصدي المعارضة لأرتال كبيرة أرسلها النظام لهذه الغاية .
وتلا السيطرة على جسر الشغور، السيطرة على معسكر القرميد، فيما تتقدم قوات المعارضة اليوم نحو معسكر المسطومة في جنوب إدلب. وفي حال تمت السيطرة عليه فسيبقى لقوات النظام منطقة وحيدة في مجمل إدلب وريفها، وهي منطقة أريحا التي تشهد حالياً معارك متقطعة بين الجانبين مع تقدم للمعارضة في عدة حواجز فيها.
وأفاد “أحمد قرة علي”، الناطق الرسمي باسم حركة أحرار الشام الإسلامية ، أنه “بعد الإنجازات التي حققها جيش الفتح بسيطرتها على مدينة إدلب وجسر الشغور ومعسكر القرميد، فإنه اتجه إلى معسكر المسطومة، حيث سيطر على قرية “المقبلة” المجاورة للمعسكر، وتلة “المسطومة” الاستراتيجية، وعدة نقاط عسكرية داخل قرية “المسطومة”، من أهمها حاجز المدرسة، الذي يعد من أكبر النقاط جيش النظام بعد معسكر الطلائع في البلدة”.
وأضاف قره علي “أن المعارضة باتت قريبة جداً من السيطرة على المسطومة والمشفى الوطني، وربما يتحقق ذلك في أي ساعة من الساعات القادمة”.
من جانبه أوضح القاضي العام لجيش الفتح “عبدالله المحيسني”، أن عملاً مفصلياً سيجري بعد تحرير إدلب، موضحاً أن هذا العمل سيكون له أثر كبير جداً في سير المعارك في سوريا، وسيغير توازنات القوة في البلاد”. دون أن يذكر تفاصيل عن طبيعة العملية المذكورة.
وفي حلب، تمكنت المعارضة إزالة شبح الحصار عن المدينة، وصدت الحشد الكبير للنظام والقوات الإيرانية وميليشيات حزب الله اللبناني وغيرها من القوات التي تسانده، حيث تمكنت من وقف تمدد تلك القوات شرقاً من المنطقة الصناعية، وغرباً من “حندرات” في الشمال الغربي للمدينة، وسيطرت على عدة نقاط في الجبهتين، فيما شنت هجمات قوية على جبهة المخابرات الجوية وجمعية الزهراء في غرب المدينة، وتمكنت من تفجير أجزاء من مبنى المخابرات الجوية، إلى جانب تفجير عدة مقار للنظام في حلب القديمة عبر الانفاق.
ومؤخراً، أعلن عدد كبير في فصائل حلب الانضواء تحت قيادة “غرفة عمليات الفتح”، الهادفة للسيطرة على مدينة حلب بالكامل، وبلغ عدد الفصائل حتى الآن 22 فصيلاً.
وأفاد “أحمد الأحمد”، مسؤول العلاقات العامة في لفيلق الشام في حلب أن “جيش الفتح ما يزال يعد لمعركة كبيرة، تهدف إلى تحرير مدينة حلب بالكامل في غرفة عمليات جيش فتح حلب، التي تضم أغلب الفصائل العاملة في المنطقة”، وأكد أحمد أن “الإعداد لهذه المعركة يجري على مستوى عال من المسؤولية والدقة، لأن العمل كبير وسيكون مفصليا في المنطقة” .
في الأثناء، تشهد منطقة القلمون في شمال غرب دمشق، منذ أيام حراكاً عسكرياً ومعارك كر وفر بين المعارضة وميليشيات حزب الله، بعد هدوء دام لأكثر من سنة، حيث باغتت المعارضة قوات حزب الله، التي كانت تتجهز لعمل عسكري في المنطقة، وقتلت عدد من عناصره، التي حاولت التقدم في المنطقة من خلال نصب الكمائن لها.
وقال زكريا الشامي الناطق الرسمي باسم “تجمع واعتصموا بحبل الله”، المنضوي في جيش فتح القلمون، الذي يضم فصائل المعارضة في القلمون، إن “جيش فتح القلمون تصدى لعدة محاولات اقتحام قبل ميليشيا حزب الله المدعومة بطائرات النظام السوري، وتمكن من طردها من “تلة موسى” بعد سيطرة الحزب عليها لساعات”، مشيرا إلى أن كتائب جيش الفتح أسقطت يوم أمس الأحد طائرة استطلاع صغيرة لحزب الله بمضاداتها الأرضية. كما أكد على تواصل الاشتباكات بين الجانبين في “جرود فليطة”.
وأضاف الشامي أن جيش الفتح من خلال شن هجماته على القلمون، هدفه استنزاف قوات الحزب والميليشيات المشاركة معه، مؤكداً وقوع عشرات القتلى في صفوف الحزب خلال معارك الأيام السابقة. كما أعرب عن أمله بانهيار قوات الحزب بسبب الضغط الكبير عليها من فصائل المعارضة.
وجنوباً في درعا حققت المعارضة تقدماً كبيراً في عدة نقاط استراتيجية، وانتقلت قوات المعارضة من وضع الدفاع إلى وضع الهجوم، كما لوحظ اعتماد النظام الكبير على الميليشيات الإيرانية والأفغانية في هذه المنطقة، وخاصة في شمال درعا القريبة من ريف دمشق الجنوبي.
وأشار “فهد السلطي”، القيادي بالجيش الحر في لواء تحرير حوران إلى السيطرة على مواقع عسكرية ومناطق ذات أهمية استراتيجية لدى قوات النظام، منها مدينة بصرى الشام شرق درعا، وحواجز عسكرية في كفر شمس شمال درعا، ومعبر نصيب الحدودي مع الأردن ، لافتاً إلى أن “الثوار سيعملون في المرحلة القادمة على قطع شريان النظام في درعا المتمثل بالطريق الدولي بين دمشق ودرعا”.
الاناضول