صحيفة : المعارضة السورية تدخل ورشة تنظيمية لمواكبة المتغيّرات والتحضير لمرحلة ما بعد الأسد
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أنها تواجه صعوبة في تنفيذ برنامجها لتدريب وتجهيز مقاتلي المعارضة السورية المعتدلة لمواجهة تنظيم داعش في سوريا، مع انسحاب عدد من المقاتلين على ضوء رفضهم اشتراط واشنطن لقتال داعش دون نظام بشار الأسد الذي يشكل 40 في المائة من أسباب وجود داعش ، بحسب ما قال المستشار القانوني لـ الجيش السوري الحر أسامة أبو زيد .
ويأتي إعلان واشنطن بموازاة تكثيف المعارضة السورية من اجتماعاتها مع الأطراف العسكرية المعارضة لتنظيم نفسها ضمن إطار مدروس، تمهيدًا للمرحلة المقبلة التي ستكون التحدي الأكبر بالنسبة للمعارضة، بحسب أبو زيد، كونها ستلي مرحلة الأسد. ويمهد الائتلاف لتلك المرحلة باللقاءات التشاورية التي يعقدها مع الفصائل العسكرية، وتمكن من جمع فصائل تنخرط للمرة الأولى في حوار جدي مع المعارضة السياسية مثل أحرار الشام وجيش الإسلام، بالتزامن مع دعوة رئيس الائتلاف خالد خوجة لتشكيل مجلس عسكري جديد.
ورأى أبو زيد في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط أن تلك الاجتماعات هي أول مواكبة جدية للمتغيرات السياسية التي ستطرأ على سوريا خلال أشهر قليلة، وتراعي المرحلة ومتطلباتها ، مشددًا على أننا سنواصل بذل جهودنا لإنجاح التجربة، لأن المجتمع الدولي الذي يبدو أنه ينجز الاتفاق على التسوية الكبيرة مع إيران وروسيا على مرحلة ما بعد الأسد، لا ينتظر أحدًا بل يرسم سيناريوهات ويفرضها بالقوة، لذلك علينا أن نتحرك بسرعة وننجز ما يجب علينا تحضيره لأننا سندخل مرحلة انتقالية حيث لن يكون الأسد موجودًا في الفترة المقبلة في سوريا.
وأوضح أبو زيد أنه رغم الإنجازات العسكرية في الشمال وجنوب سوريا، فإن المعارضة السورية ليست في مرحلة تنظيمية جيدة، كوننا لا نمتلك بديلاً بعد ليكون محل النظام، قائلاً: إننا نمر في مرحلة العبور من عنق الزجاجة، وتحضير أنفسنا للمرحلة المقبلة، لأن المجتمع الدولي اتخذ قراره بأن تكون سوريا من دون الأسد، وبدأ بمنح الأقليات فرصة تيسير أمورها، ويعطيها الدعم تحمي نفسها من (داعش)، بانتظار الاتفاق على رؤية سياسية وعسكرية للحكم في سوريا، لافتًا إلى أن ذلك ظهر في دعم معركة تل أبيض بعد كوباني، بينما لم يقدم لنا أي دعم لقتال (داعش) بريف حلب الشمالي منذ معركتنا قبل 17 يومًا.
هذا الواقع، دفع المعارضين السوريين للتمسك أكثر في قضية قتال داعش وقوات الأسد على حد سواء، وانسحاب نحو ألف مقاتل معارض من البرنامج الأميركي، بعدما طلب الجانب الأميركي تعهدات بقتال داعش دون أي جهة أخرى، وهو ما دفع السوريين للرفض. وقال أبو زيد إننا رفضنا المشاركة في برنامج يستثني قتال الأسد، لأنها هدر للأرواح والمال والجهود، لأن وجود النظام يشكل 40 في المائة من أسباب وجود داعش وقوته، وبالتالي إن قتال التنظيم دون النظام غير مجدٍ .
وكان قائد القوة التي أعلنت مشاركتها في البرنامج الأميركي مصطفى السيجري، أعلن سحب مقاتليه من البرنامج، على ضوء الشروط بحصرية قتال داعش دون النظام. وبدا أن السبب نفسه، هو موضع التباينات بين واشنطن وأنقرة، علمًا أن الجانب التركي يوافق قوات المعارضة السورية تطلعاتها لبرنامج التدريب. وكانت وزارة الدفاع الأميركية، قالت الخميس إن الجهود الأميركية لبناء قوة من المعارضة السورية المعتدلة يمكنها مواجهة مقاتلي تنظيم داعش، تسير ببطء أكثر من المتوقع بسبب تعقيدات في التحقق من هوية المتطوعين وإخراجهم من سوريا للتدريب.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، الكولونيل ستيف وارين، إن ما بين مائة ومائتي مقاتل سوري يتلقون حاليًا التدريب في حين يوجد مئات يجري فحصهم أو ينتظرون الخروج. وقال وارين: حتى الآن لم يكمل أحد التدريب، مضيفًا: نحن بالتأكيد دون توقعاتنا بشأن سرعة التدريب .
وقال: فيما يتعلق بالمجندين لمهمة التدريب والتسليح السورية نحن راضون. نحن نواجه صعوبة بشأن الخطوة الأخيرة. وقال إن نحو 6 آلاف سوري تطوعوا للمشاركة في الجهود التي تدعمها الولايات المتحدة لتدريب وتجهيز قوة عسكرية سورية معتدلة سياسيًا. ومن بين هذا العدد يوجد 4 آلاف ينتظرون التحقق من شخصياتهم.
وقال مسؤولون بوزارة الدفاع إن نحو 1500 أكملوا تمامًا عملية الفحص المطلوبة لبدء التدريب. وقال وارين في إفادة: توجد تحديات، مضيفًا: هذه عملية بالغة الصعوبة للقيام بها. يجب أن نحدد هوية السوريين الذين يريدون دخول هذا البرنامج ويجب أن نتحقق منهم وهي عملية صعبة. وأضاف: توجد صعوبة أخرى وهي إخراج هؤلاء الأفراد من سوريا.. سوريا مكان بالغ التعقيد وشديد الخطورة حيث تقاتل أطراف مسلحة كثيرة بعضها بعضا. ولذلك، فإن عملية إخراجهم تشكل تحديًا كبيرًا أيضًا. وقال مسؤولون أميركيون إنهم يخططون لتدريب نحو 5 آلاف مقاتل سوري سنويًا لمدة ثلاث سنوات بموجب البرنامج.
وبدأ البرنامج في مايو (أيار) حيث يوجد نحو 90 شخصًا في أحد المواقع كما يوجد عدد مماثل في موقع آخر. وإضافة إلى الصعوبات التنفيذية، فإن البرنامج يواجه أيضًا تباينات استراتيجية بين واشنطن وبعض شركائها مثل تركيا. وتأخذ أنقرة على الولايات المتحدة أنها تريد توجيه تحرك العناصر المقرر تدريبهم فقط ضد تنظيم داعش، على حساب مقاتلة نظام بشار الأسد. وفي العراق، تواجه إدارة أوباما أيضًا صعوبات في تدريب عدد كاف من المقاتلين المحليين. وأعلن كارتر الأربعاء أمام الكونغرس أنه في حين أن الهدف يقضي بتدريب 21 ألف عنصر في قوات الأمن العراقية سنويًا، فإن تسعة آلاف جندي فقط تم تدريبهم أو هم في طور التدريب.
المصدر : الشرق الاوسط