أعلن البنك الدولي أن أكثر من ربع السوريين يعيشون في فقر مدقع بعد ثلاثة عشر عاماً من الحرب، أدت إلى أزمات اقتصادية متلاحقة وجعلت ملايين السكان عاجزين عن تأمين احتياجاتهم الرئيسية.
وأشار البنك في تقرير له إلى أن “استمرار النقص في التمويل ومحدودية المساعدات الإنسانية” إلى البلاد أديا إلى “زيادة استنزاف قدرة الأسر على تأمين احتياجاتها الأساسية وسط ارتفاع الأسعار، وتراجع الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات البطالة”.
ولم تحصل خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2024 إلا على ستة في المئة فقط من الاعتمادات المطلوبة والمقدرة بأكثر من أربعة مليارات دولار، وفق الأمم المتحدة.
وأضاف البنك الدولي أن أكثر من عقد مما سماه “النزاع” في سوريا أدى إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية، لافتاً إلى أن سبعة وعشرين بالمئة من السوريين، أي نحو خمسة ملايين وسبعمئة ألف نسمة يعيشون في فقر مدقع.
وتابع أنه على الرغم من عدم وجود الفقر المدقع فعلياً قبل اندلاع الصراع، لكنه طال أكثر من واحد من كل أربعة سوريين بحلول عام ألفين واثنين وعشرين، وربما زاد حدة وشدة بسبب الآثار المدمرة لزلزال شباط ألفين وثلاثة وعشرين الذي أودى بنحو ستة آلاف شخص في عموم سوريا.
وأورد البنك الدولي أسباباً خارجية عدّة أسهمت في “تراجع رفاه الأسر السورية” مؤخراً، بينها الأزمة المالية التي تعصف منذ عام 2019 بلبنان المجاور، حيث يودع سوريون كثر أموالهم، إضافة إلى تداعيات كل من جائحة كوفيد-19 والغزو الروسي لأوكرانيا.
وبات عدد كبير من السوريين يعتمد وفق البنك الدولي على التحويلات المالية من الخارج التي باتت “تمثل شريان حياة بالغ الأهمية”، مقدراً قيمتها الإجمالية عام 2022 بنحو 1.05 مليار دولار، في وقت تُقدّر قيمة الناتج الاجمالي المحلي لسوريا العام الماضي بـ6.2 مليار دولار.
وقال البنك الدولي إنه مع تعرض “إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لحالة غير مسبوقة من عدم اليقين”، فإنه من المتوقع أن “ينكمش بنسبة 1.5 في المئة في عام 2024، إضافة إلى التراجع الذي بلغ 1.2 في المئة في 2023”.
ورجّح كذلك أن “يبقى التضخم مرتفعاً في عام 2024 بسبب الآثار الناجمة عن انخفاض قيمة العملة، فضلاً عن العجز المستمر في أرصدة العملات الأجنبية، واحتمال إجراء مزيد من الخفض في دعم الغذاء والوقود”.
وفي نيسان الماضي، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” إن الاحتياجات الإنسانية في سوريا تستمر في الارتفاع، مؤكداً أن هناك فجوات حرجة في التمويل وكلفة عالية للتقاعس عن العمل.
وأضاف في تقرير له عن الاستجابة الإنسانية للأزمة السورية أن الاحتياجات الإنسانية في سوريا تستمر في الارتفاع بلا هوادة، مدفوعة بتصاعد العنف، مما أدى إلى مزيد من النزوح والمعاناة.
وتابع أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي مستمر في التدهور، وتفاقم بسبب الزلازل والتوترات والصراعات في المنطقة منذ شباط ألفين وثلاثة وعشرين، مما أثر سلباً على التماسك الاجتماعي، وتفاقم نقاط الضعف.
ولفت إلى أنه من المتوقع أن يحتاج نحو 16.7 مليون شخص في سوريا إلى المساعدة الإنسانية، خلال العام 2024، وهو أكبر عدد منذ بداية الأزمة في العام 2011، مشيراً إلى “آثار التدهور الاقتصادي السريع، ونقص فرص كسب العيش تؤدي إلى تعريض الأشخاص الضعفاء لمخاطر وتهديدات الحماية، بما في ذلك المخاطر المتزايدة”.