قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، في كلمة له أمام اجتماع مجلس الأمن بشأن الوضع في سوريا، إنه في ظل غياب عملية سياسية شاملة، تتفاقم جميع أنواع الاتجاهات السلبية، مما يشكل مخاطر رهيبة على السوريين والمجتمع الدولي الأوسع.
وحذّر بيدرسن من أنه “إذا استمرت هذه الديناميات فسنشهد حتماً مزيداً من معاناة المدنيين، ويمكننا أيضاً أن نشهد تصعيداً كبيراً، ومزيداً من عدم الاستقرار في جميع أرجاء المنطقة”، مشيراً إلى أن “مجموعة مذهلة من الجهات الفاعلة المحلية والدولية والجماعات الإرهابية المدرجة على قوائم مجلس الأمن لا تزال منخرطة في الصراع داخل الأراضي السورية عبر ساحات متعددة”.
وشدد على أن “هناك حاجة ماسة إلى وقف التصعيد على جميع الساحات في سوريا”، مؤكداً أن “جهود خفض التصعيد على المستوى الإقليمي، بدءاً بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، هي أيضاً ضرورية للغاية”.
وأعرب المبعوث الأممي عن أسفه لعدم استئناف اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، موضحاً أن استئناف الاجتماعات “سيسمح بجمع الأطراف السورية من أجل صياغة استجابة للأسباب الجذرية للصراع”، ومؤكداً انفتاحه على مكان آخر للاجتماعات غير جنيف.
وأوضح: “نحن نشهد بالفعل جيلاً ثانياً من الأطفال السوريين المحرومين من الوصول المستمر إلى التعليم، أو يخضعون لمناهج مختلفة تماماً، مما يهدد مستقبل الأطفال، ووحدة سوريا، ويذكي احتمالات التطرف”.
وتابع أن “العمليات الانتخابية المتوقعة في عدد من المناطق في سوريا، ليست بديلاً عن عملية سياسية شاملة تفضي إلى دستور سوري جديد متفق عليه، وانتخابات لاحقة وفقاً لتصور قرار مجلس الأمن 2254”.
وأوضح أنه من الضروري دعم اللاجئين الذين يختارون العودة، لكنه أشار إلى أن “هناك عقبات أمام عودة اللاجئين بشكل آمن وكريم وطوعي”.
وشدد المبعوث الأممي على أنه “لا يمكن ببساطة إدارة الصراعات العميقة والمعقدة أو احتواؤها إلى الأبد، بل يجب أن يكون هناك أفق سياسي لحلها أيضاً، ولذلك فإن تمهيد الطريق لنهج جديد وأكثر شمولاً أمر منطقي”، مؤكداً أن “هناك حاجة لجميع الأطراف، ولا يمكن لأي جهة فاعلة أن تحل الأزمة وحدها”.
وقبل أسابيع، قال المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن إنه من المأساوي أن عمل اللجنة الدستورية قد توقف، مضيفاً أنه يحاول إقناع الأطراف للاتفاق على مكان يكون مقبولاً للجميع لعقد اجتماعات اللجنة.
وأضاف في مقابلة مع “العربية” أنه أبلغ جميع الأطراف بأنه طالما لا يمكن الاتفاق على مكان جديد لانعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية، يجب أن نستمر في الاجتماع في جنيف حتى نجد اتفاقاً على مكان جديد، موضحاً أن نظام الأسد رفض ذلك، ولا يريد الحضور إلى جنيف بسبب اعتراض روسيا على ذلك.
واعتبر بيدرسن أن “التسوية السورية ليست في أيدي السوريين وحدهم، بل تحتاج إلى تفاهمات بين الروس والإيرانيين والأتراك والأميركيين، وأن تكون هذه التفاهمات مدعومة من قبل العرب والأوروبيين، ومن دون ذلك ستكون التسوية صعبة جداً”.
وأضاف أن العملية السياسية في سوريا تواجه “أزمة عميقة”، مضيفاً أن كل المؤشرات، بما في ذلك الوضع الاقتصادي والإنساني والسياسي، تشير إلى الاتجاه الخاطئ، وإذا لم يتم حل الأزمة السياسية، فلن نتمكن من معالجة الأزمات الأخرى، وفق تعبيره.
واعتبر بيدرسن أن القرار ألفين ومئتين وأربعة وخمسين، الذي تم اتخاذه بالإجماع، ليس خريطة طريق مفصلة لحل “الأزمة السورية”، لكنه اتفاق على كيفية حلها، ويعتبره نظام الأسد والمعارضة السورية أنه بمثابة إطار للحل السياسي.