أقرت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية الإثنين، بأن دونالد ترامب يحظى بنوع من الحصانة الجنائية على اعتباره رئيسا سابقا.
وبناء على هذا الحكم يفترض أن يتم تأجيل محاكمته بتهمة السعي لتغيير نتائج انتخابات العام 2020.
وجاء القرار المنقسم على أساس إيديولوجي بين القضاة (ستة مقابل ثلاثة) قبل أربعة شهور من الانتخابات التي ينافس فيها المرشح الجمهوري ترامب الرئيس الديمقراطي جو بايدن.
وهذه هي القضية التاريخية الأخيرة التي تنظر فيها المحكمة في دورتها الحالية، ويمكن أن تخلف تداعيات واسعة بالنسبة للسلطة التنفيذية والسباق إلى البيت الأبيض.
وفي رأيه المستند إلى رأي الأغلبية، صرح رئيس المحكمة المحافظ جون روبرتس أن أي رئيس “ليس فوق القانون” ولكنه يحظى بـ”حصانة مطلقة” من الملاحقة الجنائية لأعمال رسمية قام بها وهو في السلطة.
وأضاف أنه “بالتالي، لا تُمكِن ملاحقة الرئيس لممارسة سلطاته الدستورية الأساسية ويحق له، على الأقل، امتلاك حصانة مفترضة من الملاحقة عن كل أعماله الرسمية”.
مؤكدا “أما بالنسبة للأفعال غير الرسمية، فلا توجد حصانة”، محيلا القضية إلى محكمة أدنى درجة لتحديد أي من التهم التي تواجه الرئيس السابق مرتبطة بسلوك رسمي أو غير رسمي.
وستعقد محكمة منطقة أمريكية الآن ما يتوقع بأن تكون سلسلة جلسات مطولة قبل المحاكمة، ما يجعل إجراءها قبل انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر أمرا مستبعدا إلى حد كبير.
ويواجه ترامب تهمة بالتآمر للاحتيال على الولايات المتحدة والتآمر لعرقلة إجراء رسمي هو جلسة الكونغرس في السادس من كانون الثاني/يناير 2021 التي عُقدت للمصادقة على فوز بايدن في الانتخابات.
كما أنه متهم بالتآمر لحرمان الأمريكيين من حق التصويت وبأن يتم فرز أصواتهم.
القضاة الليبيراليون يعارضون القرار
وعارض باقي القضاة الثلاثة الليبراليين الحكم إذ قالت القاضية سونيا سوتومايور “لم يسبق في تاريخ بلادنا أن كان لدى رئيس مبررا للاعتقاد بأنه سيتمتع بحصانة جنائية إذا استخدم ميزات منصبه لانتهاك القانون الجنائي”.
وأضافت: “أعلن معارضتي خوفا على ديمقراطيتنا”. وتابعت: “في كل استغلال للسلطة الرسمية، بات الرئيس الآن ملكا فوق القانون”.
وتابعت أنه إذا “أمر فريق 6 في سلاح البحرية باغتيال خصم سياسي؟ يحظى بحصانة. ينظم انقلابا عسكريا للتمسك بالسلطة؟ يحظى بالحصانة. يتلقى رشوة مقابل عفو؟ يتمتع بحصانة خلف أخرى”.
من جهته، رحب ترامب بالقرار، قائلا على شبكته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال” “إنه انتصار كبير لديمقراطيتنا ودستورنا”.
تعليق بايدن
بدوره انتقد بايدن بشدة حكم المحكمة العليا بشأن الحصانة الرئاسية، والذي اعتبر انتصارًا لمنافسه ترامب.
وقال بايدن: “هذه الأمة تأسست على مبدأ أنه لا يوجد ملوك في أمريكا”، مضيفًا أنه لا أحد فوق القانون.
وأضاف بايدن أن قرار المحكمة العليا “غيّر ذلك بشكل جذري”.
وقال الرئيس الديمقراطي في خطاب إلى الأمة عبر التلفزيون إن هذا القرار “يخلق جوهريا مبدأ جديدا وسابقة خطرة لأن سلطات (الرئيس) لن تكون مقيّدة بالقانون بعد الآن”.
“ترامب يعتقد أنه فوق القانون”
وأما فريق حملة بايدن، فاعتبر أن ترامب “يعتقد أنه فوق القانون وهو مستعد للقيام بأي شيء من أجل الوصول إلى السلطة والبقاء فيها”. وأضاف في إشارة إلى اقتحام أنصار ترامب الكابيتول: “فقد دونالد ترامب عقله بعدما خسر انتخابات 2020 وشجع عصابة على قلب النتائج”.
كان من المقرر أن تجري محاكمة ترامب في قضية الانتخابات في الرابع من آذار/مارس.
لكن المحكمة العليا التي يهيمن عليها قضاة محافظون عين ترامب ثلاثة منهم خلال فترته في السلطة، وافقت في شباط/فبراير على الاستماع إلى مرافعته بشأن الحصانة الممنوحة للرئيس، ما جمد القضية بينما نظرت المحكمة فيها في نيسان/أبريل.
“نجح ترامب”
وأفاد أستاذ القانون في جامعة إلينوي شيكاغو بأن الحكم “يعني ببساطة بأن هذه القضية ستتواصل لمدة أطول إلى ما بعد الانتخابات بوقت طويل”.
وأضاف: “نجح ترامب بشكل كبير في المماطلة وتمديدها إلى ما بعد الانتخابات”.
ولفت إلى أن الحكم يضع “خارطة طريق” لأي رئيس يسعى لتجنب الملاحقة الجنائية على عمل ما “عبر ربطه بكل بساطة بتحرّك حكومي رسمي”.
وشدد على أن “ذلك سيؤثر سلبا على محاسبة رئيس سابق لأن أفعال الرئيس الرسمية وغير الرسمية متشابكة في أحيان كثيرة”.
ويبذل ترامب الذي يواجه أربع قضايا جنائية كل ما في وسعه لتأخير المحاكمات إلى ما بعد الانتخابات على الأقل.
وأدين ترامب في أيار/مايو الماضي في نيويورك بـ34 تهمة جنائية تتعلق بتزوير سجلات تجارية لإخفاء أموال تم دفعها في ذروة حملة انتخابات 2016 الرئاسية لإسكات نجمة لأفلام الإباحية ستورمي دانييلز التي تقول إنها أقامت علاقة جنسية معه.
وبذلك أصبح ترامب أول رئيس أمريكي سابق يدان بارتكاب جريمة. وسيتم إصدار الحكم عليه في 11 تموز/يوليو.
وتمكّن محامو ترامب، عبر تقديم سلسلة مذكرات قبل المحاكمات من تأجيل المحاكمات الثلاث الأخرى المرتبطة بمساعيه لقلب نتائج انتخابات 2020 والاحتفاظ بوثائق سرية للغاية في منزله في فلوريدا.
وفي حال انتُخب من جديد، يمكن لدونالد ترامب فور تنصيبه في كانون الثاني/يناير 2025، أن يأمر بإنهاء المحاكمات الفدرالية في حقه.
فرانس24/ أ ف ب