الائتلاف يقر وثيقة المبادئ الأساسية للتسوية بسوريا تمهيدًا لبحثها في مؤتمر جامع للمعارضة
استكملت يوم أمس الهيئة العامة لـ«الائتلاف الوطني السوري» المعارض جلساتها التي من المقرّر أن تنتهي اليوم الأحد في مدينة إسطنبول التركية، وعلى جدول أعمالها مواضيع عدّة، أبرزها الخطة الرئاسية التي قدمها رئيس الائتلاف خالد خوجة طالبا التفويض لاعتمادها بشكل رسمي خطة عمل للائتلاف، إضافة إلى وثيقة المبادئ الأساسية حول التسوية السياسية في سوريا كمرجعية في أي مفاوضات مستقبلية. كذلك كان تصريح المبعوث الدولي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، المثير للجدل، حاضرا على طاولة البحث. ولقد اعتبر الائتلاف أنّه خرج من موقعه وسيطا وبات واضحا أنّه ينحاز إلى طرف دون آخر، لا سيّما أنّه كذلك امتنع عن تقديم خطّة وقف القتال في حلب إلى المعارضة، لكنه قدّمها إلى النظام السوري، وفق ما قال هشام مروة نائب رئيس «الائتلاف»، وأضاف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لكن رغم ذلك لسنا بصدد التصعيد، وأخطاء الوسيط لا تعني انتهاء فرص الحل».
خوجة أكد في كلمته أنّ خطته الرئاسية تتضمن نقاط القوة والضعف والمخاطر والعقبات التي قد تتيح للائتلاف فرصا كبيرة للعمل، مشددا على ضرورة استغلال نقاط قوة الائتلاف على الساحة الدولية ليكون رقما صعبا في المحافل الدولية. وأكد رئيس «الائتلاف» أن التجربة الروسية الأخيرة المتمثلة بمؤتمر موسكو أثبتت أن الاجتماع الذي لا يحضره الائتلاف ليس له أي قيمة، وهذا باعتراف الروس، وفق ما قال.
ومما يذكر أن اللواء سليم إدريس، وزير الدفاع في الحكومة المؤقتة، كان قد قدّم في اليوم الأول تقريرا حول الوضع الميداني، وأشار إلى أن هيئة الأركان بدأت ترتيب الأوراق والتواصل مع القوى الفاعلة، وشدّد على ضرورة بذل الجهود لتوحيد الصفوف وتفعيل عمل كل القطاعات في الجيش الحر.
ويوم أمس، وقّعت الهيئة العامة على وثيقة المبادئ الأساسية، بعدما أضيفت إليها بعض التعديلات، ومن المفترض أن تكون موضع مناقشة مع كل فصائل المعارضة الأخرى، ولا سيّما «هيئة التنسيق الوطنية» في اجتماع أو مؤتمر جامع في وقت قريب يحدّد مكانه لاحقا. وكان «الائتلاف» و«هيئة التنسيق» قد بدآ مفاوضات شاملة لتوحيد صفوف المعارضة، والتأكيد على أن تكون مقررات مؤتمر جنيف وتشكيل هيئة حكم انتقالية مرتكزا لأي حل سياسي في سوريا.
وأهم ما أكدت عليه الوثيقة أنّ غاية العملية السياسية هي «تغيير النظام السياسي الحالي بشكل جذري، بما في ذلك رأس النظام ورموزه وأجهزته الأمنية، وقيام نظام مدني ديمقراطي». وأشارت الوثيقة كذلك إلى أنّ «نجاح عملية التفاوض يقتضي التزام الأطراف الإقليمية والدولية وتعهد الطرفين بتنفيذ الالتزامات القانونية المترتبة وفق قرارات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن». وشددت على أن «إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار ووصول المساعدات ووقف عمليات القتل والقصف واستهداف المدنيين واحتجازهم وتعذيبهم وتهجيرهم شرطٌ أساسي لإطلاق عملية التفاوض ومعيار لمدى الالتزام بشرعة حقوق الإنسان وقرارات مجلس الأمن حول الوضع في سوريا». وأشارت أيضا إلى أن أي اتفاق في حال تم التوصل إليه يجب أن يتضمن «إعلانا دستوريا مؤقتا»، وتعتبر هيئة الحكم الانتقالية هي الهيئة الشرعية والقانونية الوحيدة المعبرة عن سيادة الدولة على كامل أراضيها.
وفي حين أشارت بعض المعلومات إلى أنّ «الائتلاف» بصدد إنشاء «جهاز استخبارات» في الأراضي السورية، أوضح مروة نائب رئيس «الائتلاف» أنّ هذه الخطة كانت ضمن التقرير الذي قدّمه إدريس إلى الهيئة، منوها بأهمية هكذا جهاز كغيره من الأجهزة لتفعيل عمل فصائل الجيش الحر. ولفت مروة إلى أنّه وفق المعلومات التي قدّمها إدريس، فإن التحضيرات اللوجيستية لتأسيس «الجيش الوطني» الذي سبق أن أعلن عنه وزير الدفاع، باتت مكتملة وهي بانتظار حضور المدربين والخبراء الذين يقدّر عددهم بنحو 400 شخص.
وفي هذا الإطار، لفتت مصادر في الجيش الحر لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ إدريس كان قد قدّم هذه الخطة للحكومة المؤقتة ولقيت تجاوبا منها، معتبرة أن جهازا كهذا يجب أن لا يقل عدده عن 600 شخص، ومؤكدة أن هؤلاء جاهزون للعمل إذا توفّر التمويل اللازم لهم، ومعظمهم من المنشقين من المخابرات العسكرية والأمن السياسي والجوي. وأوضحت أنّ أهم مهام هذا الجهاز جمع المعلومات الصحيحة حول وضع الطرف الآخر ومدّ غرفة العمليات الرئيسية بها قبل تنفيذ أي عملية، موضحة أنّ هذا الأمر لم يكن يتحقّق في الجهاز السابق نظرا، خلال ولاية إدريس السابقة، بسبب لا مركزية القرار العسكري في غرفة العمليات الرئيسية.
وتجدر الإشارة إلى أنّه في بداية شهر فبراير (شباط) الحالي كان اللواء إدريس قد أعلن بدء العمل على تشكيل جيش وطني يضم القوى الثورية العسكرية السورية المعتدلة، قوامه 60 ألف مقاتل ويعمل وفق الأنظمة والقوانين الدولية، لكي يكون بديلا عن قوات النظام في سوريا، وبدأ العمل على جعل القرار العسكري مركزيا وإنهاء عمل غرف العمليات في بعض الدول، وفق ما كشفته مصادر معارضة.
الشرق الأوسط – وطن اف ام