معارك القلمون لن تمتد للبنان واجتياز المعارضة السورية للحدود اللبنانية “خط أحمر”
اعتبر محللون لبنانيون أن تجاوز مقاتلي المعارضة السورية الحدود اللبنانية “خط أحمر” إقليمي، مشيرين إلى أن التقديرات الأمنية تؤكد انه “لا خطر داهم” من تمدد معارك القلمون بين هذه المجموعات و”حزب الله” الى لبنان.
وشنت جبهة النصرة قبل أيام “هجوما استباقيا” على مواقع لحزب الله في منطقة القلمون حيث يقاتل الحزب دعما لقوات النظام وبدعم من مجموعات الشبيحة المسماة “قوات الدفاع الوطني”، وذلك ردا على تحضيرات الحزب لما يقول انها “معركة القلمون” للسيطرة الكاملة على المنطقة.
ومنذ ايام تدور اشتباكات ويتبادل الطرفان السيطرة في معارك كر وفر، شهدت سقوط قتلى بين الجانبين، ابرزها قيادي ميداني بالحزب.
ورفض أمين عام الحزب حسن نصر الله في خطابه الأخير الثلاثاء الماضي الإعلان رسميا عن بدء معركة القلمون.
وقال المحلل السياسي علي الأمين ، إنه “لا تغيير بالمعنى الميداني والعسكري، فالمعارضة السورية تقاتل هذه المرة ضمن تفاهم اقليمي وبالتالي تقاتل ضمن خطوط حمر لن تتجاوزها ومنها عدم تجاوز الحدود اللبنانية أو دخول القرى العلوية في سوريا”.
وأضاف الامين “لا أرى اي تداعيات نوعية في المرحلة الأولى على الاقل، واعني قبل سقوط بشار الاسد”، مشيرا الى ان التقدم الذي احرزته المعارضة داخل سوريا يعود الى ان هناك غرفة عمليات مشتركة تدير الامور بشكل منضبط واستراتيجي هدفه اسقاط الاسد لا هدم الدولة السورية”.
ولم يستبعد استمرار معارك القلمون لفترة، “لكنها لن تمتد الى لبنان خاصة مع انسحاب داعش من القلمون ولأن القوى التي تقاتل حاليا باتت اكثر انضباطا من السابق”، بحد قوله.
ولفت إلى أن “هذا الوضع المنضبط سيستمر لأن المعارضة السورية تريد أن تقدم نموذجا مختلفا عن داعش الذي أضر بالثورة وكانت تجربة دفاعية عن النظام أعطته شرعية”، مردفا أن “القوى الاقليمية الداعمة للمعارضة حاليا وبينها تركيا تريد إظهار نموذج مختلف عن داعش ويكون منضبطا من أجل شرعنة اي تدخل مستقبلي”.
واندلعت في اغسطس/ آب من العام 2014 معارك ضارية بين الجيش ومجموعتي داعش والنصرة في محيط بلدة عرسال اللبنانية الحدودية، أدت الى مقتل العشرات بالاضافة إلى خطف اكثر من 40 جنديا لبنانيا ما زالت الحكومة اللبنانية تفاوض على إطلاق الباقين منهم. وما تزال “النصرة” تحتفظ بـ 17 عسكريا لبنانيا من الشيعة والدروز والمسيحيين اسيرا و”داعش” بـ 7 عسكريين اسرى من الشيعة والسنة والدروز.
وقال الامين انه نتيجة لذلك فإنه “بالمعنى الاستراتيجي بالنسبة لخيار الذهاب الى سوريا فحزب الله انهزم هناك”.
وأوضح في الوقت نفسه اصرار الحزب على الاستمرار في خوض هذه الحرب منذ اعلن ذلك منتصف 2013، بالقول إنه “ليس امام حزب الله من خيار سوى الاستمرار في معركة القلمون والتواجد في سوريا لأنه لا يستطيع الانسحاب بدون ثمن وسيتحول الى ورقة في التسوية اللاحقة”.
وشدد على أن “الانسحاب سيعني هزيمة وانهيارا” بالنسبة للحزب وللنظام السوري على السواء، مشيرا الى انه “بالنسبة لكيفية انعكاس ما يجري في سوريا على حزب الله فذلك مرتبط بشكل التسوية وكيفية رحيل الاسد، وهل سيراهن الحزب على تحالفات مع المعارضة السورية نتيجة انقساماتها أم لا؟”
وبحسب الأمين فإن “طبيعة الحزب تغيرت فلم يعد حزب مقاومة ضد اسرائيل بل بات منضويا ضمن معادلات اقليمية ويراهن على أنه سيكون مستقبلا حاجة أمريكية لقتال التطرف السني ليس إلا”.
من جانبه، قال العميد الركن المتقاعد والخبير الاستراتيجي هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، إن ما نشهده حاليا هو ما نسمّيه في العلوم العسكرية “استطلاع بالنار” اي معارك كر وفر.
وأضاف أن “معركة القلمون لم تبدأ بعد ولا نعرف متى تبدأ”، واشار إلى أن “قرار بدءها يعود الى التنسيق بين الجيش اللبناني وحزب الله والجيش السوري او بقرار من النصرة والمسلحين”، متوقعا أن “يشارك الجيش اللبناني اذا تطورت الامور لأن الهجوم خير وسيلة للدفاع”.
وكان مصدر عسكري لبناني رفيع صرح قبل يومين أن الجيش اللبناني لن يشارك في اي معركة ضد المجموعات المسلحة السورية إلا “دفاعا عن مواقعنا وارضنا”، وأوضح أنه لا معارك حاليا على الاراضي اللبنانية بين “حزب الله” وهذه المجموعات على الحدود الشرقية بل تجري “بعيدا عنّا”.
وشدد المصدر القيادي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، على أن كل ما يجري من معارك في الايام الاخيرة بين “حزب الله” والفصائل العسكرية السورية وتحديدا جبهة النصرة في القلمون “لا يجري على ارض لبنان… ليس هناك من معارك ابدا على الجبهة او الحدود اللبنانية”، نافيا حتى وقوع “معارك في بلدة الطفيل” اللبنانية المتداخلة مع الاراضي السورية.
وشدد المصدر الرفيع على أن “الجيش لن يشارك في اي معارك ضد هذه المجموعات طالما انها داخل الاراضي السورية”، مضيفا أن “حربنا معهم دفاعية وليست هجومية ابدا”.
وكان جازما في القول انه “طالما ان هذه المجموعات لم تحاول الدخول الى القرى اللبنانية او تقترب من مواقعنا العسكرية وتحاول اجتيازها فنحن غير معنيين بخوض اي معركة معها”.
ولفت جابر الى ان القتال الاساسي يدور في منطقة رنكوس وعسال الورد في القلمون حيث تدور معارك للسيطرة على تلال استراتيجية.
وأوضح ان المناطق الحدودية التي ينتشر فيها الجيش هي تلك المحاذية للقرى المسيحية او المختلطة طائفيا، اما “حزب الله” فيعزز مراكزه في القرى الحدودية الشيعية.
ولفت في الوقت نفسه إلى أنه “لا تماس مباشر بين الجيش اللبناني وحزب الله بل تنسيق حيث ان كل طرف يعمل في منطقة خاصة”، مشيرا الى ان “المسلحين يتجنبون القرى الشيعية لسببين: أولا لأنها بيئة حاضنة للحزب وله فيها تواجد كثيف، وثانيا لأن سكانها معظمهم أصلا من سكان العشائر المسلحين اساسا”.
وتوقع أن يتركز أي هجوم من جانب المقاتلين السوريين إذا حصل على “الخواصر الرخوة الضعيفة وهي القرى المسيحية مثل القاع ورأس بعلبك او المختلطة (سنية – مسيحية) مثل الفاكهة وهذه القرى، يتولى الجيش الدفاع عنها”.
وفي هذا السياق، قال نائب رئيس تحرير صحيفة “النهار” والمحلل السياسي نبيل بو منصف، إنه “لا خطر حتميا مما يجري من معارك في القلمون ولا أتوقع أن نصل الى ذلك قريبا”.
وكشف بومنصف ، انه “بحسب تقديرات الأجهزة الامنية اللبنانية فليس من خطر محدق نتيجة معارك القلمون. الخطر بعيد وليس داهما وليس له تداعيات على الحدود في الوقت الحالي ذلك”.
ولفت إلى أن “التقديرات الامنية التي تؤكدها الوقائع الميدانية تدل على أن المعركة بطيئة جدا بسبب طبيعة التضاريس بشكل خاص”.
وقال إنه “نتيجة لذلك فإن مسألة تمدد المعارك غير واضحة وهي تعتمد على ما يحققه حزب الله في المعركة التي يبدو أنه لا يريد الاعلان عن بدئها قبل تحقيق مكسب عسكري كبير”، مضيفا أن هناك خيارات اخرى لما يمكن أن تؤول اليه الامور مثل “احتمال ان تتحول إلى حرب استنزاف مع عدم الاستهانة بقدرة المقاتلين (السوريين) على تحريك جبهات اخرى مثل البقاع الغربي (الحدودي مع سوريا جنوب شرق لبنان) للضغط على حزب الله”.
وأوضح بو منصف أنه مقابل استبعاد أي خطر على الحدود الشرقية وتمدد للمعارك الى لبنان، “هناك إجراءات بدأتها القوى الامنية في الداخل لتكثيف الامن خصوصا في الضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله) لتحصين الجبهة الداخلية ضد اي تداعيات امنية لمعارك القلمون كما حصل سابقا”، في الاشارة الى التفجيرات التي استهدفت الضاحية السنة الماضية مع احتدام المعارك بين الحزب والمعارضة السورية في القصير بحمص والقلمون.
الاناضول