سياسة

مسؤول أمريكي : التخلي عن الإطاحة ببشار الأسد حماقة استراتيجية

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا لمايكل فيكر، الذي عمل مساعدا لوزير الدفاع لشؤون العمليات الخاصة في إدارة كل من جورج دبليو بوش وباراك أوباما، يتحدث فيه عن فكرة التخلص من نظام بشار الأسد، قائلا إن على إدارة دونالد ترامب ألا تتخلى عن فكرة الإطاحة به.

ويقول الكاتب: “بناء على تصريحات عدد من المسؤولين البارزين في الإدارة، فإن سياسة الرئيس ترامب تركز بشكل كامل على التعامل مع الروس لهزيمة تنظيم الدولة، فلم يعد هدف ترامب التخلص من الديكتاتور بشار الأسد هدفا للسياسة الخارجية الأمريكية”.

ويضيف فيكر في مقاله، أن “الرضا ببقاء الأسد في السلطة، وإنهاء الدعم للجماعات السورية المعتدلة، لن يقويا إلا الأعداء، وسيقنعان الحلفاء بأن إدارة ترامب تضع المصالح الروسية فوق مصالحها، وتعمل على تقوية إيران لتعزيز مكاسبها الاستراتيجية، وتزيد من التهديد الجهادي الدولي على الولايات المتحدة، بشكل يجعل من طموح تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط أمرا صعبا”.

ويعلق الكاتب قائلا إن “التخلي عن هدف إزاحة الأسد عن السلطة لن يضع الولايات المتحدة فقط إلى جانب النظام السوري البربري، الملوثة يداه بدماء الأمريكيين منذ ثمانينيات القرن الماضي، بل إلى جانب إيران وحزب الله وروسيا أيضا، وهذه حماقة استراتيجية”.

ويشير فيكر إلى أن “نظام حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي، أسهم في بداية عقد الثمانينيات من القرن الماضي، في محاولات إيران إنشاء حزب الله اللبناني، الذي وقف بعد فترة قصيرة من إنشائه وراء تدمير السفارة الأمريكية، والهجوم على ثكنة المارينز في بيروت، واختطاف الرهائن الأمريكيين وتعذيبهم وقتلهم، وبينهم مدير محطة (سي آي إيه) في بيروت وليام باكلي، فقبل هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 قتل حزب الله أمريكيين أكثر من أي جماعة إرهابية أخرى في العالم”.

ويفيد الكاتب بأنه “بعد عقدين من الزمان، وفي أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق، فإن نظام الأسد سهّل تدفق الإرهابيين السنة إلى العراق، ما أدى إلى مقتل مزيد من الأمريكيين”.

ويعلق فيكر قائلا، إن “العقود الماضية شهدت زيادة مطردة في القوة الإيرانية في الشرق الأوسط، فبعد الثورة الإسلامية في عام 1979 تحالفت إيران مع نظام الأسد، واستطاعت مع مرور الوقت أن تجعل من حزب الله القوة المهيمنة عسكريا على لبنان، بشكل وضع إسرائيل أمام تهديد الصواريخ الدائم، ودعمت إيران في الفترة الأخيرة الحوثيين؛ للسيطرة على اليمن، وأطاحت بحليف مهم للولايات المتحدة في الحرب ضد تنظيم القاعدة، بالإضافة إلى أن إيران زادت من تأثيرها على الحكومة التي يسيطر عليها الشيعة في بغداد”.

ويعتقد الكاتب أن “الحرب السورية مثلت الفرصة الذهبية للولايات المتحدة لوقف القوة الإيرانية في الشرق الأوسط، والعمل على تخريب خطوط الإمدادات المهمة لحزب الله، وقد ضيعنا تلك الفرصة”.

ويلفت فيكر إلى “التدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، حيث أصبحت روسيا مشتركة عسكريا في الشرق الأوسط، ولأول مرة منذ عقود طويلة، وإضافة إلى هذا، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شن حربا تقليدية وغير تقليدية لتفكيك أوكرانيا، وهاجم الديمقراطية الأمريكية، ولن يتوقف العدوان الروسي إلا في حالة تعرض روسيا لضربة قوية، من خلال زيادة الدعم العسكري للمعارضة السورية المعتدلة، وتوفير أسلحة دفاعية لأوكرانيا، ومواجهة الإجراءات الروسية في الفضاء الإلكتروني، وهذه البداية”.

ويرى الكاتب أن “تركيز ترامب، وبشكل منفرد، على مواجهة الجهادية العالمية في سوريا، يعبر عن قصر نظر، خاصة أن الحرب الأهلية والتهديد الجهادي النابع من سوريا يتقاطعان بشكل استراتيجي، ولا يمكن الانتصار بواحد منهما دون الانتصار في الآخر”.

ويجد فيكر أن “وحشية نظام الأسد ضد الغالبية السنية جعلت من سوريا منطقة جذب للجهاديين الدوليين، وستظل كذلك منطقة جذب ودعوة للجهاد لهم، ولو نظر للولايات المتحدة على أنها تقف إلى جانب الأسد وروسيا وإيران، فإنها ستصبح هدفا للجهاديين، وستتحول عناصر في المعارضة السورية المعتدلة، وبلا شك هناك الآلاف منهم، للتشدد؛ بسبب التخلي عنهم، ما سيقوي صفوف الجهاديين”.

ويقول الكاتب إن “هزيمة الجماعات الجهادية في سوريا، وليس فقط تشتيت صفوفها، يقتضي وجود حكومة لمرحلة ما بعد الأسد، نعقد معها شراكة مستمرة في مكافحة الإرهاب، ووقف التأثير الإيراني، وهو شرط مسبق لحرف ميزان القوة لصالح الولايات المتحدة في المنطقة”.

ويعلق فيكر قائلا: “هناك البعض في أمريكا يعتقد أن الإطاحة بنظام الأسد هدف لا يمكن تحقيقه دون تدخل عسكري على قاعدة واسعة، لكن ليس هذا هو الحال، فإن نظام الأسد واجه مخاطر خلال سنوات الحرب الأهلية الست، ولو تم تقديم الدعم الكافي للمعارضة المعتدلة خلال إدارة أوباما، لتحقق التحول إلى حكومة سورية ممثلة”.

وينوه الكاتب إلى أن “الرئيس دونالد ريغان فهم إمكانيات الحروب السرية بالوكالة، ودورها في تغيير ميزان القوة الدولي، فمن خلال زيادة الدعم العسكري للمجاهدين الأفغان والحركات المضادة للشيوعية وسياسات استراتيجية أخرى، استطاع الانتصار في الحرب الباردة”.

ويبين فيكر أن “إدارة كل من كارتر وريغان احتاجت خمس سنوات للتوصل إلى استراتيجية يمكن من خلالها الانتصار في الحرب، وهو عمل قمت بقيادته بصفتي ضابطا في (سي آي إيه)، ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان، ويمكن عمل الشيء ذاته في سوريا اليوم”.

ويذهب الكاتب إلى أن “الولايات المتحدة تواجه تحديات متزايدة للنظام الدولي، من الجهادية السنية الدولية، والنظام الإيراني في الشرق الأوسط، وتواجه تحديات من روسيا في أوروبا والصين في شرق آسيا، ولهذا فإن التعاون مع روسيا وإيران في سوريا، سيعمل على إضعاف القوة الدولية للولايات المتحدة”.

ويختم فيكر مقاله بالقول إن “السؤال الملح: لماذا تقوم إدارة ترامب بتبني سياسة في سوريا تخدم المصالح الروسية والإيرانية، وتضر بالمصالح الأمريكية؟ سنعرف الجواب مع مرور الوقت”.

وطن اف ام / عربي 21 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى