قبل ان يتسلم دونالد ترامب الحكم، كانت إدارة باراك اوباما منخرطة في اشتباك هادئ مع تركيا في شأن السباق الى الرقة أو بالأحرى على الرقة السورية، التي توازي في رمزيتها الداعشية الموصل العراقية.
والآن بعد تسلّم ترامب من “البنتاغون”، الخطة التي كان قد طلبها في السادس من أيلول الماضي حتى قبل فوزه، والتي تستهدف القضاء على “داعش”، يبرز سؤال: هل يأتي العمل لتحرير الرقة فعلاً في شكل متسارع يتوازى مع التقدم العراقي داخل الموصل بدعم أميركي واضح؟
هنا سرعان ما يبرز السؤال الأكثر تعقيداً: ماذا بعد تحرير الرقة وماذا بعد تحرير الموصل؟
الجنرال جو دانفورد قائد الجيوش الأميركية أعلن قبل أيام في واشنطن، ان كل الذين شاركوا منا في نزاعات الشرق الأوسط خلال السنوات الـ١٥ الأخيرة يعلمون أن ما يقوم به العسكريون على الأرض يجب ان يندرج في أهداف سياسية، وما لم يحصل ذلك فلن ينجح الأمر.
وعلى خلفية هذا الكلام تحديداً يسابق فلاديمير بوتين “صديقه” ترامب على الأهداف السياسية التي تكمن وراء ما يجري على الأرض في سوريا،ذلك ان خطة تحرير الرقة تأتي في وقت ينكب الروس على محاولة إنجاح “جنيف – 4” الذي يعقد بشروطهم المعلنة صراحة. ويكفي هنا ان نقرأ جيداً كلمة ميخائيل بوغدانوف مبعوث الرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وأفريقيا التي ألقاها الاثنين أمام منتدى “فالداي”، لكي نفهم ان موسكو تريد هندسة ما بعد الرقة من خلال “تشكيل هياكل حكم تضم ممثلي النظام السوري والمعارضة الوطنية، وان النظام في سوريا يجب ان يكون علمانياً وليس سنياً أو علوياً أو أي نظام آخر!”.
ليس من داع لتذكير بوغدانوف بإعلانات بوتين وسيرغي لافروف الدائمة أن السوريين وحدهم هم الذين يقررون مستقبلهم، ولكن من الواضح ان الحديث عن حل سوري على أساس علماني يشكل سباقاً سياسياً روسياً، يحاول قطع الطريق على السباق العسكري الأميركي الى الرقة، وفي الواقع لكل من السباقين أهميته ورمزيته، فإخراج “داعش” من الرقة مهم مثل إدخال سوريا في نظام حكم علماني بعد ستة اعوام من حرب كارثية ودمار بشري هائل.
ليس واضحاً من الذي سيتقدم مَن، رهان العلمنة الروسية أو رهان ترامب على استئصال “داعش” وتحرير الرقة بالتوازي مع التقدم في قلب الموصل. ولكن اذا كانت الصعوبات التي تواجه الرهان الروسي تنطلق من الواقع السوري بعد كل ما جرى من كوارث، فإن الصعوبات التي تواجه الرهان الأميركي تنطلق من الحسابات الاقليمية وتحديداً التركية، وخصوصاً عندما نتذكر ان جنرالات “البنتاغون” مقتنعون بأنه من غير الممكن تحرير الرقة من دون الاعتماد على الأكراد، وهنا تبرز مشكلة عويصة بين ترامب ورجب طيب اردوغان.
المصدر : النهار