حلبمقالات

روزانا بومنصف – جولة سليماني والتهدئة الروسية بعد حلب تجييرالانتصار للنظام لا يكفي للحل

ليس واضحا تماما بالنسبة الى مصادر ديبلوماسية كيف يمكن اعتبار السيطرة على حلب وأخراج مسلحي المعارضة منها انتصارا لرئيس النظام السوري بشار الاسد الذي سعت روسيا الى تجيير هذا الانتصار او المكسب له في الوقت الذي تفاعلت مجموعة أمور تدلل على ان ثمة من يقرر مكانه وليس هو المقرر الفعلي. وفيما يعتبر ظهور القائد العسكري الايراني قاسم سليماني في حلب احد ابرز المؤشرات الى التدليل على دور ميداني متعاظم لايران في ما جرى لحلب وعدم اقتصار ذلك على روسيا التي أخذت الواجهة في هذا الاطار تبعا لكل المحادثات الدولية التي جرت معها وكذلك المساعي الى إصدار قرار عن مجلس الامن ، فان تجول سليماني في شوارع حلب لا يعطي النظام السوري اي فاعلية لجهة التأثير الحاسم في معركة السيطرة على حلب.

هناك ايضا ما يضاف الى هذا المؤشر الذي يفترض ان يكون محرجا للنظام السوري من حيث المبدأ انه رعى ليس الوصول الى المعارضين وقتلهم او اعتقالهم او اي من هذه الاجراءات الانتقامية المتوقعة منه فحسب إنما عكس تصرفا ميليشيويا كطرف في النزاع او الحرب الأهلية من دون ان يظهر اي موقف تعاطف مع نداءات مثلا من اجل استيعاب عائلات قد لا تكون تحبذ المعارضة لكنها رضخت للمسلحين وهؤلاء قد لا يطمئنون الى ما قد يقوله النظام او اي ضمانات يقدمها لكنه لم يقدم شيئا في حين انه عمد الى المشاركة في نقل السوريين في حافلات الى مناطق سورية اخرى مساهما في المزيد من تهجيرهم الى مناطق داخل سوريا وربما الى خارجها من اجل ان يرتاح باله من وجود معارضة لنظامه .

وقد يكون كافيا ومعبرا في الوقت نفسه انكباب روسيا على ما سمته خريطة طريق لما تعتبره حلا سياسيا لسوريا رغبت في وضع خطوطه العريضة على وقع نقل الحافلات الحلبيين من مدينتهم استيعابا لرد فعل لم يتأخر في الظهور او هو استبقها عبر استهداف السفير الروسي في تركيا واغتياله في ما قد يتم قراءته على انه رد فعل قد يكون او يجب ان يكون متوقعا في ظل انخراط روسيا في تأمين سيطرة النظام على مدينة كان لها رمزيتها القوية في الانتفاضة على النظام او حتى في الزعم ان من استهدف هو من تنظيم الدولة الاسلامية. فردود الفعل العنيفة من هذا النوع امر لا يمكن ان تستبعده روسيا ويفترض انها حذرة منه تحت اي عنوان قائم . وخريطة الطريق هذه التي يمكن ان تتيح لروسيا تأمين وجود نقاط مشتركة بحيث تعزز أوراقها وموقعها لم تشمل النظام السوري كموقع لا بد منه في السياق الذي دافعت به عنه امام مجلس الامن من اجل التنسيق معه لتأمين وصول مراقبين دوليين الى حلب. فتنسيق الجهود هو بين الدول القادرة او المقررة لوقف إطلاق النار اي روسيا وإيران باعتبارهما قيمتين على النظام وتركيا باعتبارها قيمة على المعارضة او بعضها ومن اجل اعطاء اشارات الى ان روسيا لا تستبدل الحل السياسي الذي كانت تقول انه السبيل الوحيد لانهاء الحرب السورية بالحل العسكري الذي قادته حتى الان وساهم في انقاذ النظام وحلفائه ايضا كايران من حرب بدت خاسرة في اكثر من مرحلة في الاعوام القليلة الماضية.

هل يعني ذلك بداية حل سياسي او تبديد للاوهام بحل عسكري ؟

يفهم ديبلوماسيون متابعون للوضع السوري ان مسارعة روسيا الى الطمأنة الى ان ما بعد حلب سيكون الحل السياسي اي عبر المفاوضات بين النظام والمعارضة كانت بدافع الا يفهم ان قيادة روسيا لمراحل سابقة في الحرب تعني انها ملتزمة استعادة كل المدن الى سيطرة النظام او انها ستقود مراحل اخرى مرتقبة في الحرب السورية بعدما سبق للنظام ان قال انه سيتابع حربه في اتجاه مدن اخرى من اجل استعادتها كما قال ولو انه اقر بان ذلك لن يكون غدا .

هذا لا يعني حكما انسحاب روسيا ولا تخليها عن دور اختطته لنفسها لكن هذه الرسالة الروسية يفترض ان توجه لتهدئة الدول العربية والطائفة السنية في الوقت نفسه ولذلك تكتسب مشاركة تركيا في هذه المساعي او ما يسمى خريطة الطريق اهمية علما ان روسيا تدرك ان وضعها لهذه الخريطة لا ينهي الحرب في سوريا كما تدرك ان الاجتماع او التفاهم مع ايران وتركيا وحدهما على تعميم وقف للنار لا يمكن ان ينهيها ايضا.

ففي هذا الجانب او النقطة بالذات فان الثلاثي الروسي الايراني التركي غير كاف على المستوى الاقليمي لجهة ضرورة ان يكون للدول العربية كلمتها على رغم اعتبار روسيا على الأرجح ان تركيا هي المدخل الى هذه الدول ذات الغالبية السنية وهو غير كاف على المستوى الدولي ايضا حيث لا يمكن روسيا وحدها ان تصيغ خريطة طريق لحل لسوريا فيما هي طرف الى جانب النظام من جهة وهي في حاجة الى الولايات المتحدة وأوروبا وأدوارهما الضرورية اذا كان ثمة حل للحرب السورية من جهة اخرى ، علما ان احدا من المتابعين لهذه الحرب لا يؤمن بان ما حصل حتى الان في حلب هو نهاية مطاف هذه الحرب او بدء نهايتها بل ان الامر قد لا يتعدى مرحلة من مراحلها التي لا تزال طويلة او بعيدة.

المصدر : النهار 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى