رغم حصار قوات الأسد الشديد لغوطة دمشق الشرقية، وغياب الكتب الدراسية، إلا أن طلاب الغوطة يصرون على الذهاب إلى المدرسة، في ظل نقص كبير في عدد الصفوف بعد أن لحق الدمار بعدد كبير من المدارس خلال السنوات الخمسة الماضية.
كما أن الانخفاض النسبي في قصف قوات الأسد والغارات الروسية على المنطقة، شجّع الأهالي على إرسال المزيد من أبنائهم إلى المدارس، رغم الارتفاع الشديد في أسعار الأدوات المدرسية “القرطاسية”؛ جراء الحصار، الذي اشتد مؤخراً بشكل كبير.
ووفق مصادر في مديرية التعليم بالمنطقة، فإن عدد الطلاب للعام الدراسي الجديد الذي بدأ منتصف سبتمبر/ أيلول، زاد بنسبة 25%، مما زاد العبء على المديرية لتأمين الكتب اللازمة.
صعوبات عديدة
مدير التربية والتعليم في الغوطة الشرقية، عدنان سليك، قال “وصل عدد الطلاب المسجلين في مدارس الغوطة الشرقية نحو 60 ألف طالب في كافة مراحل التعليم، وتم توزيعهم على 140 مدرسة، تحت إشراف كادر تعليمي يبلغ 3400 مدرس وإداري”.
وأوضح “سليك” أن “توقيع اتفاق خفض التصعيد (في مايو/ أيار الماضي)، ضمن محادثات أستانة، بضمانة تركيا وروسيا وإيران، أسهم في زيادة إقبال الأهالي على تعليم أبنائهم”.
لكن العملية التعليمية في الغوطة الشرقية تواجه صعوبات عديدة، جراء تداعيات الحرب الدائرة منذ عام 2011 بين قوات الأسد والثوار، بحسب المتحدث.
وأضاف مدير التربية والتعليم “نعاني من عدم توفر الكتب بين أيدي الطلاب، ما يجعلهم يعتمدون على الكتب القديمة، التي يتم تناقلها بين الطلاب كل عام منذ بداية حصار المنطقة (قبل خمسة أعوام)؛ ما أدى إلى وصول نسبة تلف الكتب إلى أكثر من 75%”.
واعتبر “سليك” أن “المنهاج الجديد الذي طرحه النظام لا يمكن تدريسه للطلاب؛ لافتقاده أسس التربية والتعليم، وابتعاده عن الأهداف التي يوضع المنهاج التدريسي عادة من أجلها، والتي تسهم في زرع القيم الأخلاقية لدى الطالب”.
واعتمد نظام الأسد منهاجاً دراسيا جديداً في المرحلة الابتدائية، ولقي انتقاداً واسعاً في أوساط المعارضة، حيث يقول منتقدون إنه يحمل الكثير من المغالطات، وتمسكت المعارضة بالمنهاج الحالي.
تراجع القتال
بدوره، قال عمر الريحاني، مدير إحدى المدارس في الغوطة الشرقية، إن “الفوارق بين العام الحالي وسابقه بدت واضحةً في نسبة الطلاب في الصفوف (المراحل) الأولى من التعليم، حيث كان عدد طلاب الصف الأول خلال العام الماضي في مدرستي 125 طالباً، ثم تضاعف العام الحالي إلى 250 طالبا”.
الريحاني، عزا سبب زيادة الإقبال على الدراسة إلى “تخفيض التصعيد واستقرار الناس”.
لكنه استدرك بقوله إن “هذه الزيادة تستلزم من القائمين على السلك التعليمي إحداث شُعب (فصول) جديدة، وهو ما يصعب تنفيذه بسبب الدمار وقلة الصفوف (الغرف الدراسية) في بعض المدارس، إضافة إلى قلة الكادر التدريسي في الغوطة الشرقية عامة”.
أسعار مرتفعة
عدم توافر الكتب مع زيادة إقبال الطلاب على المدارس ليست المشكلة الوحيدة أمام أهالي الغوطة الشرقية لدمشق، إذ يعانون من ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية.
ويبلغ ثمن الأدوات المدرسية لطالب واحد، وفق بعض الأهالي، حوالي 100 دولار أمريكي، وهو مبلغ مالي مرتفع بالنسبة للوضع المعيشي المتردي لمعظم أهالي المنطقة.
وبهذا الخصوص، قال الطالب زكريا جمعة، “أعاني من الكتب التالفة (..) وأعجز عن شراء المسلتزمات (الدراسية)، التي ارتفع سعرها كثيرا (..) سعر الدفتر كان 50 ليرة، ثم بلغ هذا العام 700 ليرة (حوالي 1.3 دولار)”.
وربما تتلخص الأزمة في أمنية الطالب محمد جواد النواح (12 عاما) أن يشتري حقيبة مدرسية جديدة “حقيبتي معي منذ سنوات ولم أستطع تغييرها.. ونحتاج إلى مدارس أكبر من تلك التي نتعلم فيها حاليا”.
وتحاصر قوات الأسد مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية، التي يقطنها نحو نصف مليون شخص، منذ نحو 5 أعوام، قبل أن تتراجع حدة الهجمات عليها عقب اتفاق خفض التصعيد المبرم قبل خمس شهور.
وطن اف ام / الأناضول