يقوم تنظيم الدولة “بالتعفيش” وهو نهب ممتلكات مواطنين نزحوا عن مناطقهم بمحافظة دير الزور السورية الواقعة تحت سيطرته، ويوجه اتهامات لأصحاب هذه الممتلكات مثل التعاون مع النظام أو الانتماء للجيش الحر أو جبهة النصرة ولا تنتهي بالردة والتشيع.
درج استخدام مصطلح “التعفيش” في سوريا أثناء السنوات الماضية للدلالة على نهب المنازل والمحال التجارية في مناطق نزح عنها سكانها بسبب الحرب، ويتهم ناشطو الثورة السورية قوات النظام “بالتعفيش” في المناطق التي تعيد السيطرة عليها.
ويقول الناشط إبراهيم العلي إنه “كانت لـتنظيم الدولة الإسلامية في دير الزور بصمة بالاستيلاء على العقارات المدنية والحكومية، مثل مديريات الثقافة والتربية والمالية عبر مكتب الفيء والغنائم”.
وأكد أن حيي الحويقة والرشدية من أكثر الأحياء التي فرّغ أثاث منازلها لأسباب، من بينها أن أغلب سكانها سابقا من الأغنياء أو مسؤولي النظام، إضافة لكونها “بعيدة عن العين، فهي مناطق اشتباكات وبلا سكان”.
ونوه الناشط -في حديث للجزيرة نت- إلى أن “التنظيم لا يأخذ إلا الأثاث الجيد” والعملية انتقائية، وأنه استولى على مئات المنازل والمحال التجارية بحجج مختلفة، ومن بين الحجج أن أصحابها من أعوان النظام، أو أن صاحب المنزل طبيب يعمل بمناطق النظام أو قاض أو مسؤول أو محام أو شرطي متقاعد أو مرتد كافر، أو من جبهة النصرة أو الجيش حر أو نازح يقيم في مناطق الكفار أو متشيع.
وأوضح العلي أن الكثير من عمليات الاستيلاء على الأملاك سببها تقارير كيدية دون التحقق منها، وقد حصل مثلا “مع جاري الطبيب الذي وضع على منزله عبارة وقف للدولة الإسلامية بتهمة أنه مقيم في تركيا، وتبين أنه مقيم في البوكمال”.
وتابع “فور حضوره قام بإبطال التهمة، لكنه لم يستطع الحصول إلا على الشيء اليسير من محتويات منزله بسبب استيلاء التنظيم على القسم الأكبر منها، ولم تنفع اعتراضاته باسترجاع ما تبقى”.
وما يميز “التعفيش” الذي يقوم به تنظيم الدولة منذ دخوله دير الزور في يونيو/حزيران 2014 أنه شمل الجمعيات الخيرية والهيئات الإغاثية حسب ما قال عضو بهيئة الشام الإسلامية للجزيرة نت.
ونوه بأن “المكتب الإغاثي الذي كان يغطي حاجة أربعة أحياء في المدينة تعرض لعملية نهب شملت المستودعات التموينية واللباس والبطانيات وحليب الأطفال، والنقود المخصصة للأيتام التي كانت تعيل مئتي يتيم، إضافة إلى المعونات”.
وبشأن تبرير التنظيم لأعماله، قال العضو السابق بهيئة الشام الإسلامية إن “الحجة هي أننا نأتي بهذه المواد والأموال من المرتدين والكفار، مشترطين تقديم البيعة لهم من أجل الاستمرار في العمل”.
وأكد عبد المنعم الخليل -من مدينة البو كمال بأقصى شرقي دير الزور- ضم المدينة العديد من أسواق الأثاث المستعمل المستولى عليه من العراق، “لأن أغلبية عناصر التنظيم الموجودين في المدينة من العراق، وهؤلاء يجلبون معهم بين الحين والآخر سيارات محملة بالأثاث لبيعها لتجار المستعمل”.
وأقر الخليل بكثافة الإقبال على هذه الأسواق “ولأن كثيرين منهم نازحون وأوضاعهم المادية سيئة جدا يلجؤون إلى هذه الأسواق لتدني أسعار المعروض فيها”.
وقال مصدر مقرب من التنظيم طلب عدم الكشف عن اسمه للجزيرة نت إن مكتب الفيء والغنائم مسؤول عن الأثاث الذي يوزع على العناصر، والفيء هو ما يستولى عليه دون قتال، وإن التوزيع يتم غالبا على المهاجرين الذين يقطنون المدينة مع عائلاتهم.
ورأى المصدر أنه “لا يوجد ما يمنع شرعا من الحجز على أموال المتهمين الذي ارتكبوا جرائم تتعلق بأمن الناس والدولة، وأن التنظيم يفعل ذلك وفق الشرع، والدليل أنه عندما يقوم بالحجز على ممتلكات متهم يترك فترة زمنية بانتظار قدومه للدفاع عن نفسه، لكن ما يحصل أن قليلين هم من يراجعون المكتب للاعتراض”.
وختم بالإشارة إلى وجود حالات تم رفع الحجز فيها عن منازل أعيدت لأصحابها بعد تقديم دلائل على براءتهم.
المصدر : الجزيرة