“في جيبي يوجد 100 ليرة تركية أعطيك إياها، وتوقف عن ضربي” .. هكذا توسل طفل سوري شرطيا تركيا، انهال عليه بالضرب المبرح بالعصا، في أحد مخافر منطقة الفاتح وسط مدينة اسطنبول، في حادثة أثارت ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وذكرت صحيفة “قرار” أنه بينما كان الطفل السوري محمد “11 عاما” يبيع المناديل لإعالة عائلته في منطقة الفاتح، ألقى أحد عناصر شرطة البلدية “الضابطة” القبض على الطفل واصطحبه إلى مركز الشرطة.
ظننت أنهم سيطلقون سراحنا فوراً
وخابت ظنون محمد ورفاقه الأطفال الذين كان الشرطي قد احتجزهم في وقت سابق بالإفراج المبكر، فقد انهال الشرطي بالضرب على محمد والأطفال الآخرين، ما دفعه لإخراج مئة ليرة تركية كان قد ادخرها لتصليح دراجته الهوائية، وعرض على الشرطي المئة راجياً منه عدم ضربه.
“أخذ العنصر النقود ولم يضربني”، يضيف محمد، ويتابع مشيراً إلى أن أحد سكان الحي الذي اعتاد على مساعدة عائلته اتصل هاتفياً وأبلغه بأنه قادم لاصطحابه.
وانهال العنصر بالضرب على الطفل السوري بعد انتهاء المكالمة الهاتفية، مستهدفاً بعصا ذراعيه وساقيه وظهره، كما هدده بالمزيد من الضرب فيما إذا باح لأحد عما جرى داخل المخفر.
وأشار الجار التركي إلى أن محمد تعرض للإهانة والضرب والشتائم على مدار ساعات، مشيراً إلى أن والدته اتصلت به هاتفياً راجيةً منه الذهاب إلى المخفر وإخراج طفلها بعد أن تم توقيفه نحو الساعة الواحدة ظهراً.
وأضاف قائلاً: “لم أتمكن من الذهاب على الفور، توجهت الساعة الـ 11 ليلاً إلى المخفر، كانوا قد احتجزوا محمد طوال تلك الساعات دون طعام أو شراب، تفاجأت بعلامات الضرب التي يحملها جسده، سألت العناصر (لقد تلقى الطفل ضرباً وحشياً، من الذي فعل به هذا؟)، لم يجبني أحد، وأحاطوا بي عناصر الشرطة من كل جانب، لم أتمكن من الإصرار بسؤالي أكثر”.
وتابع حديثه: “أجاب الأطفال الشرطي (و) هو من اعتدى علينا بالضرب، كان ما يزال يحمل العصا بيده، قال إنه ضرب محمد بداعي التعب الذي ألحقه به والركض الذي أجبره عليه حتى تمكن من إمساكه، رفضوا في البداية السماح لي باصطحاب محمد، وتمكنت في النهاية من إخراجه بفضل مساعدة أحد العناصر، كما أكد الأطفال أن ذلك العنصر قدم لهم المساعدة خلال فترة احتجازهم بشكل سري”.
وأشار الجار التركي إلى أن محمد يعجز اليوم عن الإمساك حتى بكأس الشاي بيده اليمنى جراء الاعتداء غير الإنساني الذي طاله، مضيفاً أنه بات يعاني من مشاكل نفسية، ويردد باستمرار عبارة “لا أحد يحبنا هنا”.
وأطلق ناشطون أتراك على موقع التواصل “تويتر” وسماً بعنوان “نحن نحبك محمد”، عبروا خلاله عن دعمهم للطفل السوري ووقوفهم إلى جانبه، مطالبين السلطات بمحاسبة المسؤولين عن “حادثة الإرهاب” التي شهدها المخفر.
بدورها شرعت بلديتا إسطنبول الكبرى وقضاء الفاتح بمساعدة عائلة محمد مادياً، والوقوف إلى جانب الطفل من خلال تقديم الدعم النفسي له.
كما أبلغت مديرية الهجرة التركية العامة وولاية إسطنبول وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” بتفاصيل الحادثة، وأعطى صويلو تعليمات بالتحقيق في ملابساتها.
وبحسب ما ترجم موقع “الجسر تورك” قد اتخذت مديرية الضابطة قراراً بتسريح العنصر الجاني، فيما شرعت البلدية والقائم مقام بالتحري والتحقيق حول المخفر، حيث تشير الادعاءات إلى وقوع حوادث مشابهة داخله سابقاً.