أخبار سورية

ناشط سوري يروي شهادته عن المعتقل ويؤكد صحة صور التعذيب المسربة

أكد الناشط  “محسن المصري”، صحة صور التعذيب المسربة، التي كشفت عن تعذيب، وقتل ممنهج، اعتمده النظام السوري، ضد المعارضين له، منذ بدء الثورة السورية عام 2011.

وروى “المصري”، بعد أن أمضى قرابة العامين في معتقلات النظام، تنقل خلالها بين عدة معتقلات، أحاديث، ومشاهدات تدعم صحة الصور المسربة، التي نشرتها الأناضول في كانون الثاني/ يناير من العام الحالي.

وقال “المصري”، وهو اسم مستعار خوفا على أهله في سوريا، ، إنه “تعرض، وكان شاهدا على حالات التعذيب المختلفة الجسدية، والنفسية، بدءا من مرحلة التحقيق مرورا بالاعتقال، وانتهاء بالمشافي العسكرية التي لا تقدم أي خدمات طبية للمعتقلين”.

ومضى “المصري” قائلا: “دعيت للمشاركة في ورشة عمل بتركيا حول المقاومة السلمية، في آذار/ مارس من عام 2012، وكنت ناشطا في صفوف المعارضة بدمشق، وأثناء مغادرتي عبر لبنان ألقي القبض علي، واقتادوني للأمن العسكري”.

ولفت إلى أنهم “بداية وجهوا عدة صفعات له قبل التحقيق، وتعرض لتعذيب شديد أثناء التحقيق، وعندما توصلوا إلى تفاصيل في حاسوبه وواجهوه بها، اضطر للاعتراف، فوجهت له تهم عديدة، من بينها التواصل مع شخصيات معارضة في تركيا، والتواصل مع شخصيات تركية، ومع منظمة الإغاثة الدولية التركية “IHH”، رغم أنها منظمة كانت لها علاقات في سوريا”، على حد وصفه.

وأضاف: “خلعت جميع الملابس باستثناء السروال الداخلي، وضربت بشكل شديد للاعتراف، وهددت بالصعق بالكهرباء، إضافة إلى أنه جعلوني أشاهد أناس يعذبون، كما هددوني باعتقال زوجتي، والإساءة إليها، فضلا عن (الشبح)، وهي وضعية تشبه الركوع، ثقل الجسم يكون فيها على الرأس المسند للحائط، بينما كنت واقفا، على رأس أصابع قدمي، مترافقا مع الضرب الشديد، فضلا عن التعذيب النفسي”.

وكشف “المصري” أنه “دخل السجن ووزنه (150 كغ)، وخرج ووزنه (50 كغ)، نتيجة المعاناة الكبيرة، منها المعاناة الطبية، والتجويع الممنهج، والأوساخ، والمرض، حيث مات كثير من المعتقلين”.

وأشار الناشط السوري إلى أن “مساحة الزنزانة في الأمن العسكري كانت تبلغ نحو (30 م)، يحشر داخلها نحو (75) معتقلا، ليزداد العدد لاحقا مع ارتفاع أعداد المعتقلين، فيما كانت مساحة الزنزانة في سجن “صيدنايا”، بريف دمشق، نحو (60 م)، يسجن فيها (25) شخصا، ولكنهم مجبرون على النوم، والحشر في زاوية صغيرة، في ظل برودة شديدة”.

وأفاد “المصري” أنه في سجن صيدنايا، كان هناك عقاب مستمر، منها رش المعتقلين بالماء البارد، وهم عراة على الأرض، ووجوههم متجهة إلى الحائط، وأي حركة تكلف المعتقل حياته، أو التسبب بعاهة في أطرافه، وأدت هذه العقوبة إلى مقتل كثيرين من البرد” بحسب قول المصري.

وأضح الناشط أن “الطعام كان قليلا جدا، وهو عبارة عن 4 ملاعق أرز، ورغيف ونصف من الخبز، فضلا عن ربع حبة بطاطا مسلوقة، أو ربع بيضة مسلوقة، كما أن الطعام كان يأتي، وعليه أوساخ مثل المازوت، أو يرموه على الأرض، ومرة أدخل الطعام للزنزانة ولمحنا السجانين، وهم يجلبون ماء متسخا من الحمام، ويرموه داخل قصعة الطعام، واضطررنا للأكل، لأن كثيرين منا ماتوا بسبب الجوع”.

أما الدخول إلى المرحاض، فيتابع المصري شارحا، “كان أمرا في غاية الصعوبة، ويكلف كثيرا، ويعرض المعتقل للعقوبة إذا تأخر عن 20 ثانية في الحمام لقضاء حاجته، وكان استخدام المراحيض عبارة عن حفرتين يتجمع حولهما 12 معتقلا، يقضون حاجتهم بشكل جماعي خلال 20 ثانية، ونتيجة لذلك كان كثيرون يعودون وهم متسخون، ما أدى إلى انتشار الأمراض بشكل كبير بين المعتقلين”.

وبين “المصري” أنه “في بعض الأحيان كان هناك حرمان من الطعام، والاكتفاء بالماء، ما أدى إلى الموت جوعا، ومن أساليب تعذيب المعتقلين، فتح الطاقات أثناء تساقط الثلوج في سجن صيدنايا، ويجبرونهم على أن يكونوا عراة، والوقوف بشكل ملاصق، ويرشون المعتقلين بالماء البارد، ويبقونهم هكذا لساعات طويلة”.

وشدد الناشط السوري على أن “التعذيب كان يؤدي إلى تفتت العضلات، ودخول البروتين في الدم، مما يساهم بحدوث حالات فشل كلوي، فضلا عن تساقط الأصابع نتيجة التعذيب، وسوء التغذية”، مؤكدا أنه شاهد في المعتقلات إعدامات يومية”. 

أما الوضع في المستشفى، فيروي المصري أن السجانين كانوا يربطون كل (6) معتقلين في سلسلة واحدة من أرجلهم، ويجلسونهم على سرير واحد، وكان الأطباء يضعون كمامات نتيجة الروائح، التي لا تحتمل، وبعض المعتقلين نتيجة المعاملة في المشفى كانوا يفقدون عقلهم”.

وتابع موضحا “كان العسكريون يعطون المعتقل الحقن، في أي مكان في الجسم بدلا من الطبيب، أو الممرضين، وكانت هناك غرفة تحقيق في المشفى، يقتل فيها كثيرون من التعذيب”.

وفي نفس الإطار، تحدث “المصري”، عن المشاهدات التي اعتبرها الأقسى وهي “الموت بردا وجوعا، وتغوط، وتبول المعتقلين على بعضهم البعض، نتيجة ربطهم وعدم قدرتهم على التحمل والصبر”.

وكانت وكالة الأناضول قد نشرت بداية العام الجاري صورا من بين (11) ألف صورة حصلت عليها وتظهر جثثا لمعتقلين قتلوا جراء التعذيب، والتجويع، في معتقلات، ومشافي النظام السوري، وقد سربت هذه الصور من قبل موظف أمني مكلف بتصوير الجثث.

وشكلت الصور صدمة كبيرة للمجتمع الدولي، أدانتها مختلف الأوساط السياسية، والإعلامية، والشعبية، إلا أن مجلس الأمن فشل قبل شهرين، في تحويل الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية، نتيجة الفيتو الروسي والصيني المزدوج.

وطن اف ام

زر الذهاب إلى الأعلى