قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، إن الصراع في سوريا يعد بمثابة جرح مفتوح بالنسبة لملايين السوريين وخاصة العائلات التي تتوق إلى عودة أحبائها المفقودين، والحصول على إجابات بشأن ما حدث لهم.
جاء حديث المفوض السامي خلال جلسة عقدت بعد ظهر الخميس قدم فيها إحاطة للجمعية العامة، عملا بقرارها رقم 76/228، والذي طلبت فيه الجمعية العامة من الأمين العام، من بين أمور أخرى، إجراء دراسة حول الأشخاص المفقودين في سوريا، بالتشاور مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
وفي حزيران/يونيو من العام الماضي تبنت الجمعية العامة قرارا بإنشاء مؤسسة دولية جديدة مستقلة لاستجلاء مصير المفقودين في سوريا وأماكن وجودهم وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم.
خطوة مهمة إلى الأمام:
ووصف المفوض السامي قرار إنشاء المؤسسة المستقلة بأنه “خطوة بارزة إلى الأمام”، مشيرا إلى أن المؤسسة ستساعد على تخفيف معاناة الناس من كافة الأطراف، من خلال تلبية حاجتهم العميقة في معرفة ما حدث لأحبائهم.
وأكد أن هذا الأمر يعد من الشروط الأساسية لدعم المصالحة والعدالة والسلام الدائم لكافة الشعب السوري. وأضاف: “أريد أن أؤكد هذه النقطة: المؤسسة المستقلة ستدعم جميع الضحايا؛ وسوف تبحث عن الأشخاص المفقودين من جميع الجهات – بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، ولماذا أو متى اختفوا”.
ومنذ اعتماد قرار إنشاء المؤسسة المستقلة، قال المفوض السامي إن مكتبه عين فريقا من الخبراء لتزويد المؤسسة بالموظفين، بمن فيهم متخصصون في شؤون الأشخاص المفقودين؛ شمولية النوع الاجتماعي؛ حقوق الضحايا؛ مشاركة الضحايا والمجتمع المدني؛ إدارة المعلومات.
وأضاف أن الجمعية العامة وافقت على الميزانية، الأربعاء، مشيرا إلى أن الموظفين سينتقلون إلى المقر الأولي للمؤسسة المستقلة في جنيف.
وقال إنه يجري العمل حاليا على إعداد أوراق إحاطة ستغطي العديد من القضايا الأساسية التي ستواجهها المؤسسة المستقلة. وسوف تتضمن توصيات لتصميم وتنفيذ خطط البحث؛ وضمان المشاركة الكاملة للضحايا، ودورا قويا للمجتمع المدني ودعم الضحايا والناجين.
وقال فولكر تورك إن الأشهر المقبلة ستشهد ترشيح ووصول رئيس المؤسسة المستقلة إلى جنيف، الأمر الذي قال إنه سيمكن المؤسسة من بدء عملياتها الكاملة بسرعة. وجدد دعوة الجمعية العامة لجميع الدول، وجميع أطراف النزاع في سوريا، إلى التعاون بشكل كامل مع المؤسسة المستقلة، حتى تتمكن من الوفاء بتفويضها.
ومضى قائلا: “هذا عمل يتجاوز السياسة. ومن الممكن أن يبني الثقة بين السوريين، ويصل إلى قلب مبدأ التضامن الإنساني، وإلى وحدتنا في مواجهة المعاناة”.
ندوب عميقة والنساء يتحملن العبء الأكبر
وقال مفوض حقوق الإنسان إن أعوام النزاع الثلاثة عشر الماضية شابها القتل وحالات الاختفاء القسري والاختطاف والتعذيب والتهجير والحرمان والخسارة الفادحة، والحزن الأليم، مشيرا إلى أن الناجين أصيبوا بندوب عميقة لأن مجتمعاتهم رفضت العديد منهم – وخاصة النساء- بعد إطلاق سراحهم من الاحتجاز الأمر الذي قال إنه خلق شعورا عميقا بالغربة. ويكافح آخرون، بمن فيهم الأشخاص الذين يعيشون الآن خارج سوريا، من أجل العثور على الأمان والاستقرار.
وأكد فولكر تورك على ضمان إمكانية وصول الأشخاص في العديد من المواقع الجغرافية المختلفة إلى المؤسسة المستقلة. العديد من المفقودين هم من الرجال، وفي غيابهم، مثلما يقول فولكر تورك، تضطر زوجاتهم وأمهاتهم وأخواتهم إلى التغلب على صعوبات كبيرة لدعم عائلاتهن. “وفي سياق التمييز بين الجنسين الراسخ، تواجه هؤلاء النساء في كثير من الأحيان عوائق قانونية تحول دون حصولهن على حضانة أطفالهن”.
وأضاف أن هؤلاء النساء قد لا يتمكن من الحصول على وثائق تثبت أحوالهن الشخصية أو ملكيتهن أو إيجارهن. “وقد يُمنع الأطفال أيضا من الحصول على وثائق رسمية ــ وهو ما يقيد في الواقع قدرتهم على الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية. بل إن الافتقار إلى الوثائق الكافية قد يعني عدم قدرة المرأة على السفر مع أطفالها”.
يذكر أن آلاف السوريين لا يزالون مجهولي المصير في سجون الأسد، دون تقديم أي معلومة عنهم، رغم المناشدات الحقوقية المستمرة بضرورة الكشف عن مصيرهم.