أصدر المجلس المحلي لمدينة “جرابلس” بريف حلب الشمالي الشرقي، يوم الأحد المنصرم، قراراً بنقل جميع القاطنيين في المخيمات المنظمة والعشوائية داخل مدينة جرابلس وريفها، إلى مخيم تم انشاؤه حديثاً في بلدة “زوغرة” شمال غرب المدينة.
وقال المجلس المحلي لمدينة جرابلس عبر بيان نشره على صفحته الرسمية “فيسبوك”: أنه وبالنظر إلى توفر جميع الخدمات الأساسية في المخيم الجديد في قرية “زوغرة” قرر المجلس تحويل المخيمات النظامية والعشوائية إلى المخيم الجديد في القرية خلال مدة “خمسة عشر” يوماً.
مخيمات جرابلس؟!
يتواجد في مدينة “جرابلس” على الحدود السورية التركية أكثر من “سبعة” مخيمات عشوائية تضم مئات العائلات النازحة والمهجرة من مختلف المناطق السورية، أبرزها “حلب، الرقة ودير الزور”، حيث يعيش القاطنون فيها أوضاعاً مزرية في ظل غياب الخدمات الأساسية، نتيجة عدم وجود ملفات خاصة بهم لدى مكاتب المجلس المحلي للمدينة.
وقال “رامي مصطفى” ناشط اعلامي مقيم في مدينة جرابلس: إن الهدف من نقل النازحين والمهجرين من مخيمات جرابلس إلى مخيم بلدة زوغرة الجديد، يأتي نتيجة انعدام الخدمات والتنظيم الإداري في المخيمات العشوائية المنتشرة في مدينة جرابلس وريفها، بالإضافة إلى عدم وجود احصائيات دقيقة لأعداد المقيمين فيها ما يؤدي إلى غياب المساعدات عنهم.
وأضاف: أن هناك مئات العائلات التي تعيش في المخيمات العشوائية التي لاتمتلك أي بيانات ارتباط مع المجلس المحلي وخدماته، الأمر الذي يؤدي إلى صعوبة في تقديم المساعدات الإغاثية التي لطالما اشتكى النازحون من ندرتها، بالإضافة إلى غياب المرافق الخدمية عنها، من “مراكز تعليمية، مرافق عامة، مساعدات انسانية واحتياجات ضرورية للمقيمين”.
مصطفى أشار أيضاً إلى “أن غياب التنظيم وعشوائية المخيمات التي جعلت منها غير معتمدة من قبل المجلس المحلي، نجم عنه غياب تسليط الضوء على أوضاع النازحين، ومايعانونه من تردي الواقع المعيشي وصعوبة الحياة فيها”.
مخيم زوغرة الجديد
قرار محلي جرابلس اخلاء المخيمات العشوائية والمنظمة ونقل المقيمين فيها إلى مخيم قرية زوغرة شمال غرب جرابلس، وقيامه بإخلاء المدارس والأبنية التي تأوي نازحين ومهجرين في المدينة، مطلع شهر “تموز” الماضي، دفع بمعظم النازحين إلى رفض القرار وتقديم شكاوى ضده واعلانهم عدم المغادرة.
“أبو محمود” وهو رجل تجاوز الخمسين من عمره، مهجر مع عائلته من مدينة حلب ومقيم حالياً في مخيم مدينة جرابلس، يقول: إن سمعة مخيم “زوغرة” قد سبقت قرارات وبيان المجلس المحلي لمدينة جرابلس، على الرغم من كل التطمينات التي أعطوها لنا عن مدى جودة المخيم الجديد،إلا أن قرار الإنتقال إليه سيكون واحداً من أسوء القرارات التي يمكن اتخاذها بالنسبة لي ولعائلتي.
في حين قال الشاب “حيدر السايح”: إن مخيم زوغرة بعيد عن مدينة جرابلس مايشكل عائقاً أمام العمال الذي يعملون في المدينة، الأمر الذي يجعلهم يدفعون أموالاً كثيرة كمصاريف تنقل والتي تتجاوز “400 ليرة” يومياً، مايجعل من بقاء العمال على رأس عملهم أمراً مستحيلاً وسيزيد من بطالة قاطني المخيمات.
بدوره قال “علي حومد” وهو نازح من دير الزور، كان من بين العائلات التي رفضت قرار اخلاء مخيمها قبل عدة أيام: “إن هذه التطمينات ستذهب مهب الريح فور وصولنا المخيم الجديد، وسيكون بديلها من معجم “غداً سنقوم، اصبروا، وعدنا. الخ” لكن دون جدوى كما نتوقع، وسيبقى المخيم كما نسمع عنه وسنعرف في حال وافقنا على الذهاب.
وكان المجلس المحلي لمدينة جرابلس قد سبق قراره بتوزيع تعميم على المقيمين في مخيمات المدينة، أكد فيه على أن “المخيم الجديد في قرية “زوغرة” سيوفر جميع الإحتياجات والخدمات الأساسية، من “مركز طبي، مستوصف، مدرسة، حمامات، مرافق عامة، مياه صالحة للشرب، مياه للغسيل ساخنة، وباقي الإحتياجات اللازمة” ، إضافة إلى توزيع الخبز المجاني على المقيمين والمساعدات الإغاثية الدورية”.
وأضاف البيان “أن خيم المخيمات الحالية في جرابلس أصبحت بالية، وعشوائية انتشارها تحد من تلقي الجميع للمساعدات الاغاثية، إضافة إلى انتشار الفوضى وغياب الأمن، وهو مايهدد سلامة ومعيشة المدنيين”.
وعن المخيم يقول “رامي مصطفى”: تمت توسعة المخيم باشراف السلطات التركية، حيث استمر العمل مدة ثلاثة أشهر في سبيل تجهيزه وتزويده بالخيام الجديدة، حيث تم بناء “4600” خيمة جديدة، إضافة إلى المرافق العامة والضرورية للعائلات، وذلك بعد دراسة شاملة لكافة احتياجات العيش.
وأضاف: كما أن المخيم الجديد سيتيح للعوائل الاستفادة من كافة المساعدات والدعم المقدم للنازحين من “خبز مجاني ومساعدات اغاثية”، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن “المشكلة الوحيدة التي يجب على المجلس المحلي لجرابلس العمل على اصلاحها هي مشكلة تنقل العمال الذين يعيشون في المخيمات، خاصة وأنهم سيضطرون لدفع مصاريف تنقل تزيد على “12000” ليرة شهرياً، في حال قرروا الاستمرار في عملهم.
ويذكر أن مخيم “زوغرة” على الحدود السورية التركية، قد بني مطلع عام “2017” لاستقبال مهجري حي الوعر في مدينة حمص، بعد اتفاق التهجير الذي فرضته عليهم روسيا، ليستقبل المخيم فيما بعد مهجرين من مناطق سورية عدة، في ظل معاناة المدنيين من أوضاع انسانية قاسية وغياب معظم مقومات الحياة.