خروقات بالجملة لاتفاق خفض التصعيد ووقف اطلاق النار المتفق عليه بين “المعارضة السورية” و “نظام الأسد” بضمانة روسية تركية في ريف حلب، خاصة خلال الأيام القليلة الماضية، حيث أدى قصف قوات الأسد إلى إصابة عشرات المدنيين وإلحاق الضرر بالبنية التحتية، إلى جانب اندلاع اشتباكات متفرقة وإن كانت محدودة.
قصف مدفعي مكثف
تشهد قرى وبلدات ريف حلب الجنوبي ذات الكثافة السكانية العالية والتي تضم عدداً كبيراً من مخيمات النازحين والمهجرين من مختلف المدن السورية، تشهد منذ أكثر من اسبوع قصفاً مدفعياً متواصلاً مصدره ثكنات النظام العسكرية ومناطق تمركز المليشيات الطائفية الموالية له في المنطقة.
فقد سجل خلال الأيام السبعة الماضية قيام مدفعية النظام المتمركزة في كل من “كلية المدفعية في منطقة الراموسة وجبل عزان” باستهداف قرى وبلدات “جزرايا، العثمانية، زمار، تل حديا، طلافح والهضبة الخضراء” إضافة إلى الطرق الرئيسية الواصلة بين مناطق سيطرة المعارضة قرب طريق “دمشق_حلب الدولي”.
وقال الناشط “عبد السلام الجنوبي”: إن قوات الأسد تتعمد استهداف المناطق الحيوية والسكنية والمخيمات، إضافة إلى المنشآت المدنية (من مدارس ومراكز طبية وغيرها، بشكل ممنهج وبهدف القتل، إذ تم استهداف مناطق “جزرايا، زمار وتل حديا” أكثر من “عشر مرات” خلال الأيام الأربع الماضية فقط، وهي مناطق معروفة بالكثافة السكانية، وتضم أكثر من عشرة مخيمات للنازحين والمهجرين.
وأضاف: نتيجة القصف المتواصل، والذي تستخدم فيه قوات الأسد ومليشياته “الدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ”، أصيب العديد من المدنيين بجراح متفاوتة، إضافة إلى إلحاق الضرر بالأبنية السكنية والمحال التجارية، الأمر الذي يسبب حالة ذعر وخوف لدى المدنيين من استمرارية القصف، دون تحرك القوات المسؤولة عن مراقبة وقف اطلاق النار والمنتشرة بريف حلب الجنوبي”.
قصف يستهدف مختلف المناطق
ولم تكن مناطق ريف حلب الجنوبي الوحيدة التي تتعرض للقصف، فقد شهدت بلدات “المنصورة، خان العسل والراشدين” في ريف حلب الغربي، وبلدات “كفر حمرة وحريتان” بريف حلب الشمالي، ومدينتي “الباب وتادف” بريف حلب الشرقي، قصفاً مدفعياً وصاروخياً، أدى إلى اصابة عدة مدنيين بجراح متفاوتة خلال الفترة ذاتها.
وقال مراسل وطن إف إم بريف حلب: إن “قوات الأسد قصفت خلال الثمانية وأربعين ساعة الماضية بلدات “كفر حمرة والمنصورة” بريف حلب الغربي، والمناطق الخاضعة لسيطرة الثوار في حيي “الراشدين وجمعية الزهراء”، دون وقوع اصابات في صفوف المدنيين”.
وأشار مراسلنا “أن قوات الأسد كانت قد وجهت عبر مكبرات الصوت تحذيرات للفصائل العسكرية المتواجدة في محيط مدينة حلب، وفي حال عدم انسحابهم من محيط المدينة فإن النظام وبدعم جوي روسي سيبدأ بشن عملية عسكرية موسعة”.
وتعتبر هذه التصريحات والقصف المدفعي الذي يشهده ريف حلب، نقضاً لاتفاقي “الأستانة وسوتشي” المبرم بين “روسيا وتركيا” على سحب السلاح الثقيل من خطوط المواجهة، وإعلان مناطق سيطرة المعارضة “مناطق آمنة”، بالإضافة إلى أن المناطق التي تتعرض للقصف تعتبر مناطق مشمولة بخفض التصعيد ومناطق منزوعة السلاح الثقيل، كانت روسيا قد تعهدت بعدم تعرضها للقصف”.
وقد نشرت صفحات موالية لنظام الأسد على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً وتسجيلات مصورة خلال الأيام الماضية، تظهر قيام الثكنات العسكرية، وحواجز تابعة للمليشيات في أحياء “ضاحية الأسد، الحمدانية وجمعية الزهراء”، بقصف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في كل من “الليرمون، كفر حمرة، الراشدين، المنصورة، حريتان وخان العسل”.
اشتباكات شبه يومية
ولم تتوقف خروقات نظام الأسد ومليشياته لاتفاق خفض التصعيد، والمناطق الآمنة والمنطقة المنزوعة السلاح في ريف حلب على القصف فقط. حيث حاولت قوات النظام ولمرات عدة التقدم نحو مناطق سيطرة الفصائل العسكرية في محيط “مطار أبو ضهور” الواصل بين ريفي حلب الجنوبي وإدلب الشرقي، ومنطقة الراشدين بريف حلب الغربي، وحي جمعية الزهراء الذي تتقاسم السيطرة عليه فصائل المعارضة وقوات الأسد.
وكان آخرها محاولة قوات الأسد التقدم، فجر يوم الخميس المنصرم، نحو نقاط سيطرة المعارضة في حي “جمعية الزهراء” غرب مدينة حلب، وذلك بعد قيام عناصرها بالتسلل إلى محيط منطقة “جامع الرسول الأعظم”، والاشتباك مع الفصائل العسكرية التي أعلنت تصديها للاقتحام.
وتشهد منطقة الراشدين وحي “جمعية الزهراء” غرب مدينة حلب، اشتباكات متقطعة شبه يومية بين الفصائل العسكرية وقوات الأسد التي تحاول السيطرة على كامل المنطقة، التي تعتبر آخر نقاط سيطرة الفصائل العسكرية على أحياء ومناطق في مدينة حلب”.
وقال الناشط “رياض الحلبي”: إن قوات الأسد تعمل على تأمين المدينة بشكل كامل، وإبعاد الفصائل العسكرية عن حدودها، لما يشكله وجودها من عامل ضغط على المليشيات المسيطرة على مدينة حلب.
كما تشهد قرى التماس بريف حلب الجنوبي اشتباكات متقطعة وبشكل شبه يومي بين الفصائل العسكرية المسيطرة على المنطقة والميليشيا الايرانية، وأبرزها “فاطميون والنجباء”، مترافقاً مع قصف مدفعي وصاروخي يستهدف القرى القريبة من خطوط المواجهة.
حشود عسكرية لقوات النظام
وقال ناشطون من ريف حلب الجنوبي، إن قوات النظام، وعلى مدى الأسبوع الماضي، تقوم بتعزيز قواتها على جبهات “الواسطة، الحمرا، مطار أبو ضهور، تل السلطان وتل طوقان” بريف حلب الجنوبي، وريف إدلب الشرقي.
وحسب ناشطي المنطقة، فقد قامت قوات الأسد بإرسال تعزيزات عسكرية مؤلفة من سبع عشرة آلية من منطقة “الحمرا” إلى محيط مطار “أبو ضهور” العسكري، بعضها محمل بأسلحة ومعدات حربية متوسطة”.
خروقات متواصلة لقوات الأسد، في منطقة يفترض عدم تعرضها للقصف وسحب السلاح الثقيل منها، وذلك ضمن اتفاق “سوتشي”، الذي عقد في 17 أيلول الماضي، بين “روسيا وتركيا” الدول الضامنة للاتفاقية التي تنص على إنشاء منطقة منزوعة السلاح الثقيل، وإيقاف القصف، وإنشاء مناطق آمنة لحماية المدنيين، وسط تهديدات من جانب نظام الأسد بشن المزيد من العمليات العسكرية وتوسيعها، الأمر الذي يهدد حياة مئات الآلاف من سكان هذه المناطق والنازحين إليها.