أخبار سورية

نقص المعدات والكوادر والقصف المستمر تسبب بمأساة إنسانية – طبية في سوريا

قال اختصاصي جراحة الصدر الدكتور سامر الشامي، إن قلة الإمكانات الطبية، والهجمات الجوية التي يشنها نظام الأسد، والحصار العسكري المفروض من قبل حلفائه، وشح المساعدات الطبية المقدمة من الأمم المتحدة لمناطق الغوطة الشرقية في ريف العاصمة دمشق، تفرض واقعا إنسانيا مريرا على سكان المنطقة، وخصوصا الأطباء.

وذكر الشامي أنه عمل مدة 5 أعوام في مجال الجراحة الصدرية في غوطة دمشق، ضمن مجموعة من الأطباء العاملين في الغوطة الشرقية، في ظل حصار خانق كانت تفرضه قوات الأسد والمليشيات الأجنبية المؤيدة لها على المنطقة، وغارات جوية تمطر قرى ومدن الغوطة بحمم شتى أنواع القنابل والصواريخ.

وأضاف الشامي الذي تخرج 2004 في كلية الطب بجامعة دمشق، أن الغوطة الشرقية كانت من أوائل المناطق التي انتفضت على نظام بشار الأسد عام 2011، وأن المعارضة تمكنت عام 2012 من السيطرة على المنطقة، لترد قوات الأسد والمليشيات المؤيدة لها بفرض حصار خانق على الغوطة، تسبب بمآس إنسانية.

وتابع: “لقد شعرنا مع اشتداد وطأة الحصار، أن مسؤولياتنا تجاه أهلنا المحاصرين زادت، لا سيما مع وجود مرضى القلب، وسرطان الثدي، والكلى، وبعضهم بحاجة إلى عمليات جراحية. ومع الوقت تمكنا من إنشاء أكثر من 10 نقاط صحية في الغوطة، ونظمنا جدول عمل مكثف لإدارة تلك النقاط، رغم الغارات الجوية والحصار”.

ولفت الشامي إلى أن عددا قليلا من الأطباء والعاملين في الصحة تمكنوا من إدارة النقاط الطبية، مشيرا إلى أنه ومع مرور الزمن باتت بعض الأجهزة الطبية وخصوصا الأجهزة الخاصة بمرضى الكلى، بحاجة إلى الصيانة، وأن عدم وجود إمكانية لصيانتها أدى إلى توقفها.

وأضاف الشامي أن الوضع الإنساني في المنطقة تدهور إلى درجة بات فيه الأطباء عاجزين عن معالجة حالات ممكن علاجها، وقال: “كان لدينا فتاة تبلغ 18 عاما، مصابة بمرض الصرع. أصابتها الأزمة عندما كانت تطبخ على الحطب، فأصيبت في يدها بحروق من الدرجة الثالثة. للأسف، لم نتمكن من علاجها وكنا مضطرين إلى قطع جزء من يدها”.

وتابع الشامي واصفا مشاعر الأطباء العاملين تحت وطأة الغارات الجوية التي يشنها النظام على مناطق الغوطة: “عندما تتزايد الهجمات من قبل نظام الأسد، يبدأ المركز باستقبال الجرحى الذين ينهمرون علينا من كل حدب وصوب”.

واستدرك “كانت تنتابني كما باقي الأطباء مشاعر قوية من الخوف.. الخوف من إصابة أي من الأهل أو الأشخاص الذين نعرفهم. في الواقع لا أستطيع وصف الحالة النفسية التي كانت تنتابني في تلك الأوقات. في إحدى الغارات الجوية التي وقعت على بعد 200 متر فقط من المركز الصحي، وصل جريح إلى غرفة العمليات. كان أحد أقاربي.. فقد الكثير من الدم، وبعد برهة، أحضروا طفلة (تسع سنوات) مصابة في قلبها. كان لا بد أن أختار بين قريبي والطفلة، اخترت معالجة الطفلة. وبعد أن فرغت من العملية، علمت أن قريبي توفي”.

وقال الشامي: “إن المساعدات التي تصل من الأمم المتحدة شحيحة.. أنا شخصيا أعتبرها ذرا للرماد في العيون.. موظفو الأمم المتحدة بالنسبة إلي كان يقدمون لنا النزر اليسير من المساعدات من أجل البقاء في وظائفهم، لا سيما وأن الأمم المتحدة كانت لا تقدم أي مساعدات إنسانية إلا بموافقة نظام الأسد، حتى لو كانت لقاحات”.

وتابع “عندما نكون بحاجة إلى 50 ألف لقاح يرسلون لنا 10 آلاف فقط. فضلا عن أن المساعدات الطبية المقدمة لا تتسم بالاستمرارية. على سبيل المثال؛ طلبنا مثلا في فبراير 2015 من الأمم المتحدة، إرسال نحو 240 نوعا من الإمدادات الطبية، لكنهم لم يرسلوا لنا سوى 18 منها.. اتصلت بأحد مسؤولي المساعدات الإنسانية، وسألته عن السبب الذي منعهم من توفير المواد الطبية، فقال لي بكل بساطة إن نظام الأسد لم يسمح لنا”.

ولفت الشامي إلى أن الغوطة الشرقية عانت لفترة طويلة نقص الفرق الطبية والموظفين المتخصصين، ما دفعهم إلى إنشاء مدارس في مجالات طب الأسنان، والتمريض، والصيدلة. تعنى بتدريب الكوادر القادرة على التعامل مع الإصابات والمرضى.

أما طبيب القلب والأوعية الدموية وجراحتها الدكتور خليل الأسمر فقال: “بدأنا نشاطنا الطبي في الغوطة الشرقية بـ 7 أطباء فقط. كانت الأمور تحت السيطرة نوعا ما. كان كل طبيب يعمل ضمن تخصصه. وبالتوازي كنا نعمل على تدريب بعض الأصدقاء على التعامل مع الإصابات والأمراض. بعد خروجنا من الغوطة مؤخرا استمر هؤلاء بتقديم الخدمات الطبية للمدنيين المحاصرين”.

وأضاف الأسمر أن شح الأدوية شكّل التأثير السلبي الأكبر على المرضى، لا سيما مرضى الفصام، حيث بات أولئك المرضى يلعبون ويصرخون حتى الصباح في الشوارع، بشكل مضحك مبكي”.

وطن اف ام / الأناضول 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى