تغيبت تماما تلك اللغة الدبلوماسية المغلفة بالحرص والتضليل خلال مواجهة تبادل التصريحات المندلعة عمليا منذ أيام بين عمان ودمشق لصالح لغة تصعيد واضحة الملامح والمفردات قد تعكس تطورات حادة جدا في الموقف الحدودي بين البلدين.
إتهام دمشق لعمان أمس الأول بمد وإسناد الإرهابيين بالسلاح يشكل عمليا المحطة الأخيرة في سلسلة التصعيد السورية مع الأردن بعد أسابيع من سقوط معبر نصيب ورفض نظام دمشق لكل رسائل عمان التي تطالبه بالعودة – ولو عسكريا- لإدارة مناطقه الحدودية.
التصعيد بدأ عمليا مع التصريح الشهير للعاهل الملك عبدالله الثاني الذي كشف النقاب عن أن النظام السوري يقصف الجميع باستثناء تنظيم الدولة الإسلامية متهما وبصورة مباشرة نظام دمشق برعاية وتغذية ولادة تنظيم الدولة في الرقة.
لاحقا برزت سلسلة إجراءات أردنية سريعة فقد سحب ترخيص جمعية ثقافية ناشطة في مجال الولاء للنظام السوري ثم اتجه للمحاكمة برلماني ناشط في دعم النظام السوري هو طارق خوري قبل ان يعلن الناطق الرسمي محمد المومني أن بلاده بدأت عملية تدريب العشائر السنية في درعا لترد دمشق بتهمة تهريب سلاح هذه المرة لسورية عبر الأردن بالتعاون مع إسرائيل والولايات المتحدة، بعد ان كانت التهمة المعتادة هي تهريب متسللين بعد تدريبهم.
صدر التعليق الملكي الأردني بعد التقارير الأمنية الداخلية التي تتحدث عن تقدم بطيء وزاحف لمجموعات مقاتلة ضمن داعش تقترب من حدود محافظة درعا عبر المنطقة الشرقية لمحافظة السويداء، الأمـر الذي يــعني ان تنظيــم الــدولة يمكــنه ان يطوق الحـدود الأردنـية من الشـمال والشـرق بعدمـا تغيبت حواجز الأنبارعن النسخة العراقية من تنظيم الدولة.
في بعض مستويات العمق بالإدارة الأردنية يتم تداول التسريبات عن إصرار بشار الأسد على تحويل درعا وما يحصل فيها إلى مشكلة أردنية فعلا ولاحقا تحويل أزمة اليرموك لمشكلة أردنية ، الأمر الذي يعتقد انه يقف وراء قطع الأردن علنا لمرحلة جديدة يعلن فيها بأنه سيشرف على تدريب قوات عشائر سنية سورية في درعا لتتولى مقاومة الإرهاب والمقصود داعش حصريا.
في الوسط السياسي الأمني الأردني يتحدث بعض الأساسيين عن دور ناشط لخلايا تتبع نظام الأسد وتتقمص داعش في دفع قوات داعش التي يعلن الأردن الحرب عليها نحو الجنوب وباتجاه درعا المحاذية للأردن تكريسا لمواجهة مع جبهة النصرة التي لم يعد الأردن يعتبرها خصما على الأقل في هذه المرحلة.
على هذا الأساس بروز التكتيك الأردني الهادف لفضح وجود فرضية علاقة ما بين داعش في نسختها السورية على الأقل وبين نظام الأسد وهو أمر انتهى في عمان قبل عشرة أيام بالإعلان لأول مرة عن القبض على خلية داعشية قوامها ثلاثة أشخاص سوريين انتحلوا صفة اللاجئ حسب المعلن أمنيا دون استبعاد النظرية التي تقول بأن أفراد الخلية قد يكونوا في الحلقة الأخيرة من فئة الخلايا النائمة التي يرسلها بشار الأسد، وهو بكل الأحوال سيناريو قد يظهر لاحقا بموجب تلاحق مسار الأحداث.
وفي السياق تم القبض على عصابة متخصصة في عمان العاصمة بتزوير بطاقات اللجوء السوري وبدأ يتكاثر الحديث عن احتمالات الاختراق في صفوف اللاجئين تحديدا مع عودة بطيئة لهواجس ما يسمى بـ خلايا بشار الأسد التي ستسعى للتخريب في الوقت الذي تتناغم فيه المواقف الأردنية جنوب سورية مع التطورات في الجانب التركي شمال سوريا.
على نحو أو آخر يعتقد ان الأردن يقترب أو يسعى لتقليد النموذج التركي في إدارة الموقف على الأرض حيث المعبرالرسمي بيد المسلحين وبحماية الجيش التركي ويتم استعمال معابر إضافية وتوقفت عملية استقطاب اللاجئين والجاهزية واضحة لسيناريو العازل الإنساني في أي وقت وحيث لا حماس للصدام عسكريا مع الفصائل الجهادية التي لا تحاول بدورها تغيير قواعد اللعبة مع الأتراك.
نظريا تعزز بعض الإجراءات التركية المدعومة عربيا وإقليميا على خلفية الأمر الواقع سعي الأردن لحماية حدوده على نفس المنوال، الأمر الذي تطلب عمليا الإعلان عن عملية تدريب العشائر السنية لأسباب تتعلق بالأمن القومي والوطني الأردني.
المصدر : القدس العربي