منذ اندلاع الثورة السورية ، اختار الفنان نوار بلبل أن يغرد في سرب الثورة بعيداً عن سرب القتلة المجرمين ومن ساندهم من فناني البلاط كما وصفهم بلبل ، واحتل بذلك محبةً وتقديراً مضافاً، إلى ذلك الذي كان له ما قبل الثورة .
كل ذلك عرض نوار للملاحقة والتهديد من قبل الأفرع الأمنية ، المصحوب بالترغيب بامتيازات للعودة عن قراره في الانخراط بثورة الحرية والكرامة ، لكنه قرر الذهاب إلى الأردن خوفاً من أن تطاله يد الأمنيين ، وعمل من هناك على تقديم وجه جميل للثورة وفنها .
اذاعة وطن اف ام استضافت ضمن برنامج ” شيش بيش ” الذي يقدمه الزميل ” وعد الجرف ” الفنان ” نوار بلبل ” الذي يزور تركيا حالياً ، وكان الحوار التالي :
ما هدف زيارتك إلى تركيا ؟
جئت الى مدينة مرسين التركية للمشاركة في عمل فني درامي الأول من نوعه ثورياً ، تحت اسم (وجوه و أماكن) مع المخرج السوري هيثم حقي ، والعمل عبارة عن ثلاث لوحات و كل لوحة تتألف من عشر حلقات وهي كسر للروتين الدرامي بأن يكون العمل 30 حلقة تبحث بذات القضية، والعمل سيعرض في رمضان القادم .
وانا سأشارك باللوحة الثانية (مدينة الذهب) ، و يشارك في العمل كوكبة من النجوم الأحرار أمثال جمال سليمان ، فارس الحلو ، يارا صبري ، رغد مخلوف ، عبد الحكيم قطيفان ، سوسن أرشيد و حلا عمران .
وعن طبيعة دوره بالمسلسل أجاب بلبل ؟
دوري بالعمل يجسد حالة شاب يعمل في التنسيقيات المحلية وتنظيم المظاهرات وتشجيع الناس على التظاهر وإقناعهم بأن صورة الطاغية قد كسرت ولا داعي للخوف بعد الآن. بما معناه هو استرجاع لرمزية ( المندس) وهذا الدور يجسد الواقع الذي عشناه في ظل الثورة وهو جزء بسيط من التضحيات التي قدمها الشعب السوري، و تأتي أهمية هذا العمل لتقديم صورة الثورة السورية بشكل واقعي وشفاف ونقل ماجرى وما يجري في سوريا بعيدا عن المحاولة الخجولة والمحرّفة التي حاول أن ينقلها فنانو البلاط في بعض الأعمال الدرامية كمسلسل (الولادة من الخاصرة) و مسلسل (سنعود بعد قليل)، وبرأيي الشخصي هذه الأعمال مخابراتية ولا تمت للواقع بصلة .
و أضاف بلبل : بأن هناك تآمراً واضحاً من المحطات الفضائية في الوطن العربي على ملف الثورة السورية بغية إبقائه مقفلاً ومنع أي عمل يتحدث عن ما يجري في سوريا لسبب ما ، وعلى سبيل المثال فإن محطة (ام بي سي) تصر على أن تعرض ملف الثورة من وجهة نظر الأسد لها، رغم محاولاتنا الكثيرة والتي حاولنا من خلالها أن ننقل ما جرى و يجري بأعمال فنية نحيي من خلالها أبطال الجيش الحر و الشابات و الشباب الذين وقفوا في وجه نظام البطش والقمع و نادوا بالحرية التي هي أبسط المطالب المحقة لشعب قدم كل ما يملك في سبيلها ، و من وجهة نظري نحتاج لعقود طويلة من الزمن لنجسد ما حدث ويحدث بأعمال فنية ودرامية ومسرحية وسينمائية .
هل ترى بأن العمل الذي يقوم به المخرج هيثم حقي و دورك بهذا العمل ، قادر على إيصال الوجه الأبيض لكل الأطراف و التأثير على آرائهم ؟
أكثر من أربع سنين على انطلاق الثورة ونحن نُقتل بكافة أنواع الأسلحة، من يرى بأن البراميل التي تقصف بها كافة المناطق السورية فعل عادي فهذا شخص ناقص للعقل و الدين و الإنسانية و المشاعر و الأخلاق، وأشك بأنه إنسان، و بالتالي فأنا لا أتوجه بأعمالي الفنية إلى هذه الفئة من المجتمع .
صرحت لأحد المواقع الإلكترونية منذ أربع سنوات بأنه قد بدأت حياتك المهنية مع بداية الثورة كيف يرى نوار بلبل أعماله قبل ذلك ؟
ما قبل الثورة كان المسرح و الدراما فن بلاط و سلطة و لتقديس الحاكم ، ولم تكن الدراما تعبر عن الواقع السوري كون أي عمل درامي يجب أن يمر على أفرع المخابرات قبل عرضه، أما الآن فأنت تمتلك مساحة واسعة للتعبير بأي طريقة تريد عن وجهة نظرك .
في مخيم الزعتري أقمت مع الأطفال هناك وأنجزتم عملاً رائعاً ، (شكسبير في الزعتري ) حدثنا عن هذا العمل وكيف بدأت فكرته ؟
لنعترف بدايةً أن نظام الأسد تفوق علينا إعلامياً و تمكن من إيصال صورتنا للغرب على أننا جماعات إرهابية متطرفة ومندسة ، بالإضافة إلى أن الحكومات الغربية تريد أن تثبت هذه التهم على الثورة السورية ، فعرفوا الثورة لشعوبهم على أنها حرب أهلية وصراع مسلح بين نظام و معارضة .
فحاولت و مجموعة الأطفال التي كانت تعمل معي إيصال رسالتنا للغرب عبر شخصياتهم العظيمة ، فكانت مسرحية شكسبير مع الحفاة العراة والجائعين اللاجئين في مخيم الزعتري .. تجمهر الإعلام و بكثافة و هو على يقين بأنه من المستحيل أن ينجح هكذا عرض مسرحي لأن القالب الكلاسيكي لهذا النوع من الأعمال يكون في القصور و بدور الأوبرا و ليس بمخيم لجوء، و خلال هذا العرض تمكنت من إيصال عدة رسائل إن كان بالنسبة لي أو للأطفال .
كيف تمكن نوار بلبل من تطويع مسرح شكسبير في المخيم ؟
لم أجد أي صعوبة في اقناع الأطفال و أهاليهم وهم مهجرون بمخيم للجوء و بعيدون عن أوطانهم أن يجسدوا مسرحية شكسبير ، وهذا الأمر يعود إلى أن الشعب السوري يحمل بجيناته حضارة وثقافة أكثر من ستة آلاف سنة ، بالإضافة إلى أننا أصحاب قضية محقة ، فشعب صدح بالحرية في وجه هذا النظام المجرم فمن السهل أن يقدم هذا العرض وبهذا النجاح .
روميو وجوليت عبر سكايب .. سابقة في المسرح العالمي سجل بإسم سوريا وثورتها حدثنا عن هذه التجربة ؟
أيضاً قدمنا عرضاً مسرحياً فريداُ من نوعه في تجسيد قصة روميو وجولييت على برنامج سكايب المرئي وهذا ما أدهش المتابعين ، فجولييت محاصرة في حي الوعر بحمص و روميو لاجئ بعمان قد فقد أهله ورفقاه ، ولقد اخترنا الأماكن على سبيل المثال لا الحصر فهناك الكثير من الأماكن محاصرة في سوريا وهناك العديد من اللاجئين في مختلف دول الجوار ، وهنا تكمل البطولة الحقيقية بأنك فاقد لأبسط مقومات الحياة وقادر على تقديم هكذا نوع من العروض وبنجاح أبهر جميع الحاضرين .
ما هو رأي نوار بلبل بفيلمه (خارج الأبجدية )؟
خارج الأبجدية من أهم الأعمال التي قدمت فيها أداء سينمائي مسرحي ، هذا الفيلم مأخوذ من قصة قصيرة للكاتب يوسف ادريس و من إخراج الزميلة رولا كيال ، فكرته تقوم على التمرد على الذات و يتناول عدة قضايا كالفقر والظلم و التخلف والعنف ضد الأطفال والتهميش و كانت تحضيراته قبل الثورة وأنجز في بدايتها ولم يعرض على التلفزيون لذلك لم يأخذ صداه الشعبي ، وأعتقد أنه سيأتي يوم ما ينصف هذا الفيلم .
ما هي العراقيل التي تقف في وجه انجاز فيلمك (السينمائي الجديد) ؟
سيناريو الفيلم الجديد للصديق أنس خلف و الصديقة رنا كركل ، يتحدث الفيلم عن الأشهر السبع الأولى بالثورة السورية و سيصور الفيلم في سيدني باستراليا و في عمان بالأردن حيث تأخذ عمان دور دمشق ، استطعنا تمويل الفيلم بنسبة خمس وسبعين بالمئة من منظمات أجنبية و أنا أرفض حاليا أن أكمل الفيلم إن لم يتواجد فيه تمويل سوري و للأسف المؤسسات السورية من ائتلاف وحكومة مؤقتة غير معنيين بهذا الأمر .
في ظل عدم وجود منظمة سورية تدعم الفنانين الأحرار برأيك متى ستولد مؤسسة سورية تهتم بالعمل الفني ؟
عندما يحدث تغيير في مؤسسات الثورة كـ (الائتلاف ، الحكومة المؤقتة) . فأنا لم أختر انتخاب بشار الأسد في قديم الزمان ، أيضا لم أختر انتخاب أعضاء الائتلاف في الوقت الحالي، وأعتقد أنه سيأتي يوم نخرج فيه ثورة على هذه المؤسسات ، فعندما يختار الشارع من يمثله يكون قادراً على إفراز مؤسسات تهتم بالثقافة والتعليم والمجتمع ، وبالتالي الفن في ظل الثورة إن لم يجد اهتمام هذه الأجسام الثورية لن يمكن تطويره، وسيبقى في حدود الطفرات التي تخرج هنا وهناك.
ما هو مشروع نوار بلبل القادم ؟
أنا متواجد حالياً بوقف الكاتب التركي الشهير عزيز نيسن وهذا المكان بالقرب من استنبول التركية ، هذا الوقف يهتم برعاية الأيتام واللقطاء والمشردين و المهجرين . وفكرة العرض القادم ستجمع بين أطفال سوريين مهجرين لاجئين و أطفال هذا الوقف وستجسد أحد حكايا عزيز نيسن ، و سيشارك في هذا العمل ممثلين سوريين كالمسرحي الكبير نمر سلمون و الممثلة العزيزة لويز عبد الكريم، بالإضافة إلى ممثل وممثلة أتراك أيضاً سيشارك في العرض فرقة موسيقية سورية و أخرى تركية هذا هو الجو العام للعمل القادم ، و أوجه نداء عبر وطن اف ام لكسب تمويل لهذا المشروع .
كلمة أخيرة للسوريين ؟
“الحب أهم من الوطن لأنو بلا حب مافي وطن “
إعداد : راسم غريب – وطن اف ام