منوعات

قانون زواج المثليين يشعل حرب الحريات الدينية والمدنية في أميركا

لم يسع جاك فيليبس صاحب محل الحلويات في ولاية كولورادو الأميركية إلا اللجوء إلى العقيدة الدينية المسيحية في الطعن الذي قدمه محاميه امام لجنة الحقوق المدنية في الولاية التي اعتبرت انه انتهك القوانين المدنية التي تساوي بين الأفراد عندما رفض عام 2012 بيع قالب حلوى للمثليين شارلي كريغ ودايفيد مولينز عندما اخبراه انهما جاءا الى كولورادو لإقامة حفلة زفافهما بعد ان عقدا قرانهما في ولاية ماساتشوتس.

حجة فيليبس ان الدستور الأميركي يصون الحرية الدينية للأفراد ويتيح لهم ممارسة معتقداتهم وهي التي تمنعه من بيع قوالب حلوى لحفلات زفاف المثليين. وقال ساخراً مخاطباً المثليين امام اللجنة التي اصدرت حكماً بإلزامه عدم رفض البيع انه مستعد ان يبيعهم كل انواع الحلوى الموجودة في مخبزه وأن يصنع لهم قوالب لأعياد الميلاد وغير ذلك من المناسبات الخاصة، إلا الزفاف. وأشار الى ان «عقيدته الدينية المسيحية تمنعه من بيع الحلوى لحفلات زفاف المثليين وأنه مستمر في هذا الرفض»، على رغم اصدار المحكمة الفيديرالية العليا في واشنطن الشهر الماضي قراراً بتشريع زواج المثليين جنسياً في كل الولايات واعتبار زواج المثليين حقاً يقره الدستور الأميركي.

في قضايا مشابهة ألزمت محكمة في ولاية اريغون المجاورة صاحب احد المخابز بدفع 135 الف دولار بسبب رفضه عام 2013 بيع الحلوى لحفلة زفاف مثليين كما جرمت محكمة في ولاية نيومكسيكو مصوراً رفض تصوير حفلة زفاف مماثل وأخرى في ولاية واشنطن غرمت موسيقياً رفض العزف في حفلة زفاف مثليين عام 2006.

قرار المحكمة العليا الشهر الماضي الذي صوت معه خمسة قضاة مقابل معارضة اربعة وصفه الرئيس الأميركي باراك اوباما بالإنجاز التاريخي لحركة المدافعين عن الحقوق المدنية للمثليين في الولايات المتحدة. لكن هؤلاء لم يكتفوا بهذا «النصر التاريخي» الذي ثبت حقوقهم في القانون الأميركي كفئة اجتماعية متساوية مع المجموعات الدينية والإثنية المختلفة التي تشكل المجتمع الأميركي, بل اطلقوا معركة اكثر ضراوة مع الأدبيات والمعتقدات المسيحية. معالم هذه المعركة بدت جلية في تزايد عدد القضايا امام المحاكم المدنية على غرار القضايا التي ذكرت آنفاً والتي اعتبرت مواجهة بين الحريات الدينية والحقوق المدنية للمثليين.

الصورة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لناشط مثلي يرفع علم قوس قزح مظللاً مبنى المحكمة الأميركية العليا في واشنطن بدت كاستعراض قوة للمثليين وإعلان رسمي عن تحولهم الى قوة ذات تاثير سياسي مباشر. ومن تعابير ذلك قدرتهم كمجموعات منظمة على اقناع عشرين مليون مشترك على مواقع التواصل الاجتماعي بوضع علم قوس القزح على صفحاتهم بعد ساعات قليلة من صدور قرار اعتبار زواج المثليين حقاً يحميه القانون الأميركي. هي مرحلة جديدة من مراحل التحول السياسي للمثليين، مرحلة اعلان الهوية المثلية التي يعبر عنها فيلم «ميلك» للمثل شون بن الذي يستعرض وقائع من سبعينات القرن الماضي شهدتها المدن الأميركية الكبرى وأبرزها سان فرنسيسكو في كاليفورنيا.

في تلك الفترة استعان المثليون بالمجموعات الناشطة في الدفاع عن حقوق الأقليات العرقية والدينية ومنهم الأميركيون من اصل افريقي واليهود. ويشكل هولاء السواد الأعظم من القواعد الشعبية للحزب الديموقراطي، وبات التحالف اليوم اصلب مع وصول رئيس اميركي من اصول افريقية الى البيت الأبيض.

ولأن المعركة هي بين الحريات الدينية والحقوق المثلية كانت الكنائس في الولايات الأميركية المحافظة اول المشككين بشرعية قرار المحكمة العليا، كما اعتبره المتشددون في الحزب الجمهوري خرقاً فاضحاً للبند الأول من الدستور الأميركي الذي ينص على حرية التعبير الديني. أما بعض مرشحي الرئاسة الأكثر تشدداً فقد أبدوا نيتهم العمل على إلغاء هذا القانون فور وصولهم الى البيت الأبيض على غرار التهديدات الجمهورية الدائمة بإلغاء خطة «اوباما كير» للإصلاح الصحي وغيرها من الملفات التي سجل فيها اوباما واليسار الأميركي الداعم له انتصارات تاريخية الأرجح انها ستغير وجه اميركا اذا لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل.

المصدر : الحياة

زر الذهاب إلى الأعلى