يطرق مئات الآلاف من المهاجرين على أبواب أوروبا، متسخين ومنهكين ومصرين على الهروب من المذابح اليومية في أوطانهم.
ولكن وصولهم يضغط على موارد الدول الأوروبية. حيث تتوقع ألمانيا أن تستقبل 800 ألف لاجئ، وتقول إنها سوف تنفق ستة مليار يورو على الأقل أو ما يعادل 6.7 مليون دولار. وأعلنت النمسا التي استقبلت 16 ألف لاجئ خلال يومين فقط، عدم قدرتها على مواكبة هذه الوتيرة.
وفي الوقت نفسه، تعرضت العديد من الدول العربية الغنية بالنفط والتي هي أقرب إلى مناطق الصراع لانتقادات لاذعة لأنها لم تستقبل اللاجئين، فهل هذه الدول ملزمة باستقبال اللاجئين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟
في معظم الحالات، تتلخص القضية بمعاهدة دولية.
ماذا تقول المعاهدة؟
اعتُمدت اتفاقية اللاجئين لعام 1951 بعد الحرب العالمية الثانية، عندما هُجّر مئات الآلاف من اللاجئين في جميع أنحاء أوروبا.
عرّفت المعاهدة من هو اللاجئ –وهو الشخص الذي يريد اللجوء إلى بلد هربا من الاضطهاد. كما أن هذه المعاهدة تعطي اللاجئين حقا مهما جدا –وهو حقهم في عدم إعادتهم إلى أوطانهم، إلا في الظروف القصوى.
وتقول وكالة الأمم المتحدة للاجئين: “بحكم التعريف، لا يتمتع اللاجئون بالحماية من قبل حكوماتهم، لذلك يجب أن يتحرك المجتمع الدولي للعمل على ضمان أمنهم وحمايتهم.”
وتم تعديل المعاهدة في عام 1967، لتشمل اللاجئين من جميع أنحاء العالم.
وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: “يستحق اللاجئون على الأقل، نفس معايير المعاملة التي يتمتع بها غيرهم من المواطنين الأجانب في بلد معين، وفي كثير من الحالات نفس المعاملة التي يتلقاها مواطنو هذا البلد.”
على مدى عقود، أعيد توطين أكثر من 50 مليون لاجئ.
من وقع هذه المعاهدة؟
وقعّت 142 دولة على كل من اتفاقية اللاجئين لعام 1951 وبروتوكول عام 1967. بعضها انضم للمعاهدة منذ عدة عقود، والبعض الآخر انضم منذ بضع سنوات.
المجر هي واحدة من الموقعين. ولكنها تعرضت لانتقادات المهاجرين والنشطاء الذين يقولون إنها تترك اللاجئين في ظروف صعبة بينما ينتظرون نقلهم إلى آخر محطاتهم. وتقيم الدولة الآن سياجا على الحدود الصربية ليساعد في السيطرة على تدفق المهاجرين.
وبدأت الدول خارج أوروبا بتقديم يد العون. حيث أعلنت فنزويلا التي كانت قد وقعت على الاتفاقية، أنها ستستقبل 20 ألف لاجئ. وقالت أستراليا أنها استوعبت 4.5 آلاف لاجئ من سوريا والعراق خلال العام الماضي.
كم استقبلت أوروبا من اللاجئين هذا العام؟
أعلنت وكالة الأمم المتحدة للاجئين أن 366 ألف لاجئ عبروا البحر الأبيض المتوسط دخولا إلى أوروبا هذا العام. وحاول أكثر من ألفين وثمانمائة لاجئ آخر الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر، ولكنهم ماتوا أو اختفوا.
وتأتي الأغلبية العظمى من اللاجئين من ثلاثة بلدان هي: العراق، حيث يهاجر الشعب فرارا من وحشية داعش، وأفغانستان، التي دمرتها الحرب، وسوريا، حيث يتعرض المدنيون لهجمات من داعش وهجمات عشوائية ناجمة عن الحرب الأهلية في البلاد.
ما هي حقوق اللاجئين؟
بالإضافة إلى عدم إعادتهم الى بلدانهم، يتمتع اللاجئون بالعديد من الحقوق الأخرى، بما في ذلك:
– الحماية القانونية من الملاحقة بتهمة الدخول غير القانوني للدول المشتركة في المعاهدة
– الحق في السكن
– الحق في العمل
– الحصول على التعليم
– الحصول على المساعدات العامة
– الوصول إلى المحاكم
– الحق في الحصول على وثائق الهوية والسفر
لماذا لا تستقبل الكثير من دول الخليج اللاجئين؟
بما أن تلك الدول الخليجية الغنية بالنفط قريبة من سوريا والعراق وأفغانستان، فإنه من الطبيعي أن تساهم باستقبال بعض اللاجئين، أليس كذلك؟
الإجابة هي: كلا. فقد أعطت المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة لمنظمة الأمم المتحدة ملايين الدولارات لمساعدة اللاجئين السوريين. ولكن وفقا لمنظمة العفو الدولية، لم تسمح أي من هذه الدول بدخول اللاجئين إلى أراضيها.
وأضاف المفوض السامي لشؤون اللاجئين للأمم المتحدة: “طالبنا بفتح الحدود، ليس فقط في هذه المنطقة ولكن في جميع دول العالم المتقدم.”
وقال عبد الخالق عبد الله، أستاذ متقاعد من جامعة الإمارات العربية المتحدة، إن دول الخليج تتعامل مع قضية اللاجئين على أنها مسألة أمن دولي. واسترسل شرحا: “يغذي وجود اللاجئين نفوذ داعش، ويدعم العنف في المنطقة، التي هي تقع أصلا في أعنف بقاع الأرض. كل ما يحدث في الجوار يؤثر على أمن وأمان دول الخليج العربي الأكثر استقرارا وأمنا.”
ثم إن تلك الدول الخليجية ليست طرفا في المعاهدة الدولية – لذلك فهي من الناحية الفنية ليست ملزمة بالمساعدة.
المصدر : سي ان ان