عدد قليل نسبياً من السوريين التجأ إلى المغرب، بعضهم ينتظر العودة إلى وطنه وآخرون ينوون مواصلة رحلة الهجرة إلى أوروبا. وحتى ذلك الحين يبيع قسم منهم الحلويات والمأكولات الشامية، التي تحظى بإقبال جيد من المغاربة.
من “محام في سوريا إلى بائع حلويات”، هكذا يقدم طارق السيادة نفسه. يعمل طارق في محل لبيع الحلويات الشامية بشارع رحال المسكيني بالدار البيضاء في المغرب. طارق مارس مهنة المحاماة بدمشق لأربعة أعوام قبل أن تضطره ظروف الحرب إلى المغادرة نحو المغرب، حيث يقيم بعض من أفراد عائلته، ليجد نفسه يمارس مهنة لم يكن يخطر على باله أنه سيمارسها يوما ما.
ويضيف طارق أنه فكر مع خاله، الذي كان يملك محلا لبيع الحلويات في قلب دمشق، في مشروع مدر للدخل، فبدؤوا ببيع “الطعمية”، لكنه لم يلق الإقبال المتوق من طرف المغاربة، فعاد إلى مهتنه السابقة وهي بيع الحلويات الشامية.
وانتشرت المطاعم السورية في عدد من المدن المغربية كما انتشرت عربات بيع الحلويات الشامية في الشوارع الرئيسية بسبب هجرة اللاجئين السوريين الفارين من ويلات الحرب إلى المغرب.
ويقول بائع حلويات سورية في الرباط، قدم نفسه باسم ياسين، إنه لم يجد أفضل من هذه المهنة بحكم أنه سبق واشتغل في واحد من أكبر محلات الحلويات في دمشق سابقا. ويضيف ياسين، الذي يصنع حلوياته بنفسه ويبيعها على عربة متحركة في شوارع الرباط: “منذ قدومي إلى المغرب قبل نحو عام اشتغلت في مطعم سوري في الرباط، ثم فكرت بأن أصنع حلوياتي وأبيعها بنفسي بعد أن لاحظت إقبالا عليها من طرف المغاربة”.
وأثناء الحديث مع ياسين أقبلت فتيات ونساء لشراء الكنافة والبقلاوة، التي يبيع القطعة منها بخمسة دراهم/ نحو أربعة يورو. وتقول الطالبة فتيحة العماري “أجد الحلويات السورية لذيذة ومختلفة عما تعودنا عليه وأنا بطبعي أحب أن أجرب أي شيئ جديد”. وقالت صديقتها خديجة “الحلويات المغربية لها نكهتها والشرقية لها نكهة أخرى وكلاهما طيبتان وليست واحدة تغنيك عن الأخرى”.
مساعدات غير منتظمة
وبالمقارنة مع دول أخرى في الشرق الأوسط لا يوجد في المغرب عدد كبير من اللاجئين السوريين، حيث لم تسجل مفوضية شؤون اللاجئين منهم سوى 1726 لاجئا. ويقدر عدد السوريين حسب إحصائيات رسمية بأكثر من 5000 مسجلين لدى السلطات المغربية، لكن عددهم في ازدياد مضطرد.
ويقول جون بول كافلييري ممثل مفوضية شؤون اللاجئين في المغرب، إن ارتفاع أفواج اللاجئين في منطقة شمال أفريقيا صاحبه ارتفاع في الدعم المادي المخصص للدول المستقبلة في شمال أفريقيا. ورفض كافلييري في تصريح لـ “دوتش فيليه” الافصاح عن حجم المساعدات المخصصة للمغرب معتبرا أن” ذلك غير مهم”.
وقال إن المفوضية تضمن لهم الحق في الحماية وتعليم أطفالهم في المدارس العمومية المغربية والتطبيب إضافة إلى مساعدات مادية بسيطة لا تتجاوز 300 درهم للشخص الواحد، لكنها بصفة دورية.
كما قال إن المفوضية تتعاون مع عدد من منظمات المجتمع المدني”من أجل إخراج المهاجرين من عزلتهم وإدماجهم” كما تعمل على “تشجيعهم على إبراز مهاراتهم في المجالات التي يتقنونها واستثمارها في مجتمعهم الجديد”. ويعمل عدد من السوريين بالمغرب في مجالات كصناعة الأسنان والفلاحة وكذلك في حفر الآبار والبناء إضافة إلى الطبخ.
ويقول علي.أ وهو مغربي دخل في شراكة مع سوريين لافتتاح مطعم سوري- مغربي في مدينة سلا “بعد أن لاحظنا إقبال الزبائن من المغاربة وغيرهم على الأكل السوري، ارتأينا أن نقوم بهذه الشراكة بما أنها في مصلحة الجميع”. وأضاف “عدد من السوريين ممن نزحوا إلى المغرب سبق وأن اشتغلوا في ميدان الطبخ والحلويات في بلدهم مما جعلهم لايريدون الابتعاد عن مجالات يتقنونها لكسب قوتهم”.
وإذا كان أغلب اللاجئين السوريين يعتبرون المغرب محطة استراحة في انتظار حلم العودة إلى الوطن أو الهجرة إلى أوروبا حيث الأمل في واقع أفضل، فإن أحمد، الذي بدأ العمل حديثا في أقدم مطعم سوري في الرباط منذ(2001)، ينوي الاستقرار في المغرب وعمل مشروع خاص به.
ويقول إنه لجأ الى المغرب منذ نحو عامين ويقول “إن الإقبال على الحلويات والمطبخ السوري قد لا يكون بهدف التغيير فقط في العادات الغذائية لدى المغاربة بل ربما بسبب التعاطف مع ما حل بالسورين”. ويتفق معه محمد في عربته وسط حي راق بالرباط ويقول: “قدم رجل يوما وبدأ يسألني عن أسماء الحلويات السورية، وفي الأخير تنهد وقال لي: اعطيني لأتذوق الحضارة السورية التي أرادو لها الدمار”.
وكما يقول طارق، الذي حاول أن يشتغل محاميا متعاونا في المغرب، لكنه تراجع بسبب الأجر المتدني، الذي عرضه عليه بعض المحامين المغاربة (1000 درهم مغربي/نحو93 يورو) “بالاضافة إلى الأمان أفضل إحساس يراودني هنا هو احترام خصوصياتنا من طرف المغاربة والتعاطف الكبير معنا”.
ويقول كاليفيري إن “مساعدة اللاجئين السوريين الفارين من جحيم الحروب (تمثل) أولوية وتكون بحسب حالة كل شخص حيث تعطى الأسبقية للنساء والأطفال”. ونقلت عنه وكالة رويترز قوله: “إن المفوضية تخصص مبلغ 300 درهم لكل لاجئ. وكل أسرة مكونة من أربعة أشخاص تتلقى نحو 1200 درهم” لكن هذا المبلغ لا يصرف بانتظام وقد يصرف مرة كل ثلاثة أشهر.
كما أشار إلى امتيازات أخرى توفرها لهم المفوضية كالحق قي العلاج مجانا إضافة إلى الالتحاق بالمدارس العمومية، لكنه قال إن السكن الاجتماعي المجاني لا يتوفر في المغرب حتى بالنسبة لأبنائه. وقال كاليفيري إن المفوضية لها شراكات مع منظمات غير حكومية مغربية لتوفير المساعدات للاجئين.
المصدر : DW