ينكب سجناء في رومانيا يقبعون خلف القضبان في قضايا فساد واحتيال على الكتابة، إذ بات القانون في هذا البلد يسمح بتقليص مدة العقوبة لمن يستفيدون من فترة سجنهم في الكتابة والتأليف.
وكان آخر من خرجوا من السجن بفضل هذا القانون لاعب كرة القدم الدولي جورجي بوبسكو الذي حكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في قضية تهرب ضريبي، وقد أخلي سبيله في الرابع من نوفمبر بعدما أنهى كتابة أربعة كتب حول لعبة كرة القدم. وبحسب مادة قانونية أقرت في العام 2013، يجيز وضع كتاب أدبي أو علمي في السجن تخفيضا في مدة العقوبة.
وبعد بداية خجولة في الكتابة وراء القضبان بين عامي 2007 و2010، عرفت هذه الظاهرة ازدهارا لافتا بعد صدور أكثر من 157 كتابا بين يناير 2014 ويونيو 2015، بحسب بيانات تابعة لسلطات السجون في رومانيا.
ويعزى هذا الارتفاع إلى أن السلطات باتت تستهدف خلال السنوات الأخيرة النخب الفاسدة في البلد من رجال السياسة والأعمال. ويشترط أن يحصل السجين على تزكية من أستاذ جامعي متخصص في المجال الذي يرغب السجين في الكتابة فيه.
وتقول سلطات السجون “في حال وافقت لجنة متخصصة على الطلب، يصبح للسجين الحق في زيارة مكتبة السجن وأن يحصل على جهاز كومبيوتر غير موصول بالإنترنت”. بعد ذلك، يتعيّن على السجين الكاتب أن يعثر على دار نشر توافق على نشر كتابه على نفقته الشخصية.
وبحسب بعض دور النشر يكلف طبع مئات النسخ من كتاب ما يقارب ألف يورو، وهو مبلغ زهيد في حسابات أولئك السجناء الذين يوصفون بأنهم سجناء من الدرجة الأولى. وتؤكد سلطات السجون أن عددا من السجناء الكتاب لم يستفيدوا من تخفيض العقوبات، لوجود عيب ما في كتبهم، إلا أن وسائل إعلام تحدثت في المقابل عن أشخاص استفادوا من نشر كتب لم يكن لهم الفضل في إنتاجها.
ومن هؤلاء جورج كوبوس، الرئيس السابق لنادي كرة قدم، فقد أصدر خمسة كتب جعلته يختصر عقوبة السجن أربع سنوات بتهمة الاحتيال والتهرب الضريبي، قبل أن يكشف أحد المتخصصين في التاريخ أنه قام بسرقة معلومات من أحد كتبه.
ونفس الأمر حصل مع رجل الأعمال جيورجي بيكالي الذي وضع أربعة كتب عن الدين المسيحي، استفاد منها للخروج من السجن في أبريل من العام 2013، ثم عثر بعد ذلك على رسالة منه إلى مدير السجن مليئة بالأخطاء اللغوية، الأمر الذي أثار شكوكا حول أن يكون هو فعلا من كتب هذه الكتب. وممّا يزيد من حدة الشكوك حول مصداقية هذه الكتب أن يوان نيكولاي، أثرى أثرياء رومانيا، ضرب رقما قياسيا بإنجازه خمسة كتب في أقل من خمسة أشهر.
إزاء ذلك، ارتفعت أصوات تطالب بالتشدد في تطبيق هذا القانون وكتبت صحيفة “إديفارول” الساخرة “يوشك كبار الكتاب في رومانيا أن يصبحوا أقزاما أمام الأدب الذي يخرج اليوم من السجون”.
ولكن هذا النظام قد ساهم في استشراء الفساد في البلاد أكثر، إذ يقوم المسجونون الأثرياء أو النافذون باستئجار أكاديميين من خارج السجن لكتابة الكتب ومن ثمة يتم إدخالها إلى السجن سرا، حيث يقوم السجين إثر ذلك بنقلها بخطّ يده.
المصدر : العرب اللندنية