منوعات

لماذا السماء زرقاء: سؤال للأبناء يعجّز الآباء

يطرح الأطفال الصغار مجموعة من الأسئلة العلمية الشائعة من قبيل: كيف يمكن للكون أن يكون غير متناه؟ ما معنى التمثيل الضوئي؟ لماذا لا يسقط القمر؟ لماذا السماء زرقاء؟ وغيرها من الاستفسارات التي لا تجد في أغلبها إجابات لدى العديد من الآباء.

وكشف بحث أجراه معهد الهندسة والتكنولوجيا البريطاني أن حوالي 83 بالمئة من الأمهات والآباء في المملكة المتحدة عجزوا عن الإجابة على أسئلة أطفالهم حول العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات والفيزياء.

ولكن عدم معرفة الإجابة ليس سوى نصف المشكلة، أما الأسوأ في هذا كله فحوالي ثلث الآباء أعطوا أبناءهم إجابات خاطئة، بدلا من الاعتراف بجهلهم لتلك المواضيع.

وأكد 93 بالمئة من الآباء البريطانيين أنهم غير مطلعين على المواد العلمية، وأنهم قد واجهوا صعوبات في الإجابة عن أسئلة أبنائهم في هذا المجال.

وقالت رئيسة المعهد نعومي كلايمر “من الصعب التوقع أن يكون كل الآباء على اطلاع على هذه المجالات، وخاصة إذا كانوا مشغولين، كما أنه ربما لم يخطر على بالهم أن يواجهوا مثل هذه المواقف، ولكنني أعتقد أن أفضل شيء نفعله إذا طرح أبناؤنا أسئلة تقنية ونحن لا نعرف الإجابة هو اللجوء إلى محرك البحث غوغل ومحاولة إيجادها بمعيتهم”.

وأضافت “يجب على الآباء أن يعلموا أنه ليس من العيب أبدا أن نقول لأطفالنا ‘يا إلهي نحن أيضا لا نعرف الإجابة على هذا السؤال الرائع، دعونا نرى إذا كنا نستطيع اكتشاف ذلك معا’، ولكن لا يجب أن يكون رد فعلنا سريعا ونعطيهم أجوبة مغلوطة يمكن أن تطفئ رغبتهم في حب الاطلاع”.

وأوضحت “الآباء يلعبون دورا مهما في إعطاء الأطفال انطباعات جيدة عن العلوم التي تعتبر من المجالات الممتعة والمثيرة، وخاصة إذا أظهر الطفل اهتماما بها، نظرا لأن بريطانيا بحاجة إلى الكثير من المختصين في العلوم والهندسة، ولذلك علينا أن نرعى كل وميض من الاهتمام بهذه المعارف نجده عند الطفل”.

وأشارت دراسة بريطانية سابقة إلى أن أكثر من نصف الأسئلة التي يطرحها الأطفال بدافع حب الاطلاع يعجز الآباء عن الإجابة عنها.

وأعرب 63 من الآباء ممن لديهم أطفال تتراوح أعمارهم ما بين 4 و12 عاما عن شعورهم بالحرج، لافتقارهم إلى المعرفة بالميادين العلمية والتكنولوجية، مما يدفعهم إلى اختلاق أجوبة، فيما يلجأ آخرون إلى تكتيكات التضليل مثل “اسأل والدتك” أو “والدك يعرف”.

وعلى الرغم من الردود السلبية التي يتلقاها الأطفال في أغلب الحالات على أسئلتهم التي قد تكون محيرة لدى العديد من الأسر، فإن الخبراء يؤكدون أن كثرة الأسئلة التي يطرحها الصغار إنما هي مؤشر على الذكاء، وناتجة عن رغبتهم في اكتشاف كل ما يحيط بهم، مشيرين إلى أن حصولهم على أجوبة جيدة لاستفساراتهم يحفز نموهم العقلي ويساهم في نضجهم الفكري.

وأوضحوا أن أسئلة الأطفال المنهمرة تعزز الخلايا العصبية في الدماغ وتحفز الطفل على حب المعرفة والتعلم.

وأشاروا إلى أن أغلب الأطفال لديهم عقول محبة للاطلاع، وقدرة على طرح أكثر الأسئلة ذكاء بشأن الأشياء التي يأخذها الكبار على أنها من الأشياء الاعتيادية.

واكتشف باحثون أميركيون أن الأطفال الذين كانوا فضوليين في سن الثالثة من العمر، ومندفعين في التساؤل باستمرار، سجلوا درجات أعلى في اختبارات الذكاء بحوالي 12 نقطة، وأداء أفضل في مهارات القراءة عند وصولهم إلى سن الحادية عشرة، بصرف النظر عن مهنة آبائهم أو مستوى تعليمهم.

ونوه الباحثون في دراستهم التي نشرت في مجلة “الشخصية وعلم النفس الاجتماعي” بضرورة تشجيع الآباء لأطفالهم على طرح الأسئلة، وإشراكهم في الأحاديث العائلية، وتنشئتهم وسط جو مليء بمصادر الثقافة المختلفة من أجل تحفيز الفضول الذكائي وإكسابهم قدرات إدراكية وذهنية عالية لديهم.

ولا يستبعد باحثون من جامعة ويسترن سيدني الأسترالية أن يكون للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 3 و6 سنوات نفس الاستراتيجيات التي يستخدمها البالغون في تعريف الحقائق واكتشاف الأشياء الجديدة.

وعلقت الباحثة كارين ماتوك عن ذلك قائلة “يجب أن يكون خطابنا واضحا وقصيرا عندما نتحدث مع الأطفال، ونعيد الإرشادات ونبسطها لكي تصل الرسالة إليهم بطريقة أفضل”.

وأضافت “عندما تعلم طفلك الأسماء أو تخبره بمعلومة، تذكر أن معرفته باللغة مختلفة، لذلك تأكد من أنه منتبه، وشجعه على طرح الأسئلة، فمثل هذه التفاعلات تساعد كثيرا في نمو المعرفة ومفردات اللغة عند الطفل، وتعتبر هذه الطريقة مفيدة جدا لتعلم الأطفال الرضع”.

ومن جانبها أكدت الباحثة جين هيلي فى كتابها الذي يحمل عنوان “اكتشاف إمكانيات تعلم طفلك” على ضرورة إيجاد الوسيلة الناجعة لتعزيز قدرات حب الاطلاع عند الطفل”.

ودعت إلى تشجيع حب الاطلاع عند الأطفال وإعطائهم العديد من الفرص للتساؤل، لأن ذلك من شأنه أن يجعلهم مفكرين ومحبين للمعرفة طوال حياتهم.

وقالت “لو سأل طفلك سؤالا وأنت لا تعرف الإجابة عليه، حاول أن تسأله عن رأيه في الموضوع، لأن الأطفال يبتهجون بالتعبير عن أفكارهم، كما أن ذلك يشجعهم على طرح المزيد من الأسئلة”.

وأضافت “اقترح نشاطا أو تجربة تساعد أطفالك على اكتشاف الإجابة لأسئلتهم بدلا من تقديم إجابة جاهزة، فهذا يشجعهم على المزيد من التدريب على الاكتشاف والبحث”. ونصحت بضرورة اعتماد التحاور والمناقشة كوسيلة لتعليم الطفل وصقل موهبة حب الاطلاع عنده في الموضوعات المختلفة.

المصدر : العرب 

زر الذهاب إلى الأعلى