منوعات

حرب “أنونيموس″ ضد “داعش”..هل هي حرب خاسرة؟

بعد وقوع أحداث باريس الإرهابية في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 أعلنت مجموعة “أنونيموس″، التي تنشط في قرصنة مواقع الإنترنت، حربا إلكترونية على تنظيم “الدولة الإسلامية” المتطرف. فأين وصلت تلك الحرب حتى الآن؟

منذ تصوير فيلم الخيال العلمي المقتبس من رواية بنفس العنوان “ثاء رمزا للثأر” (V for Vendetta) عام 2006، تحول قناع بطل الفيلم جاي فوكس إلى رمز للتمرد والمقاومة السياسية. كما أصبح هذا القناع رمزالأعضاء مجموعة “أنونيموس″ (المجهولون)، التي ظهرت عام 2003 للنضال في الإنترنت عبر الاختراق البرمجي.

وبعد الأحداث الإرهابية الأخيرة في باريس (13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 ) أعلن أعضاء في هذه المجموعة حربا إليكترونية على تنظيم “الدولة الإسلامية” المعروف إعلاميا باسم “داعش”. وقال حينها أحد أعضاء المجموعة المقنعين عبر فيديو منشور على الإنترنت إن “تلك الهجمات لن تمر دون عقاب”، لتعلن المجموعة بذلك ” أكبر حرب ضد داعش في كل العصور.”

ضحايا لا علاقة لهم بالتنظيم المتطرف
ولكن ماذا حدث منذ إعلان تلك الحرب؟ بعد مرور وقت قصير على ذلك الإعلان قالت المجموعة على حساب أنشأته على موقع “تويتر” خصيصا للحرب ضد “داعش”، إنها كشفت القناع عن أكثر من 5500 حساب على تويتر لمشتبه بهم كمقاتلين في التنظيم الإرهابي أو كمتعاطفين معه.

غير أن مواقع التواصل الاجتماعي تقوم من تلقاء نفسها منذ سنوات بإغلاق مثل هذه الحسابات المشبوهة، حسب ما يقول لينوس نويمان، الهاكر (قرصان الإنترنت) والخبير في مجال أمن تكنولوجيا المعلومات، وأحد المتحدثين باسم “نادي فوضى الحاسوب” (أكبر تجمع لقراصنة الإنترنت في العالم). ويوضح نويمان قائلا: “بالنسبة لـ”داعش”، اكتشاف وإغلاق حساباتها على الإنترنيت ليس مشكلة جديدة، لكن بعض مستعملي الإنترنت غير المتورطين مع “داعش” سقطوا ضحية لهجمات أنونيموس

في الواقع قام أعضاء مجموعة “أنونيموس″ بالكشف عن حسابات تويتر بالعربية لأشخاص لا علاقة لهم بـ”داعش”. ونقلت صحيفة “The Daily Dot” الإليكترونية عن متحدث باسم تويتر، الذي يقدم خدمة الرسائل القصيرة، قوله إن تويتر لا يأبه بمثل تلك القوائم “لأنها غير دقيقة تماما”. علاوة على ذلك فإن “تلك القوائم يوجد ضمنها العديد من الصحفيين والأكاديميين، الذين ينشرون تغريداتهم حول تنظيم “الدولة الإسلامية”.

من يقف وراء مجموعة “أنونيموس″؟

الحديث عن مجموعة “أنونيموس″ يطرح إشكالية في حد ذاته. فالأمر يتعلق بـ “مجموعات عديدة صغيرة ومتفرقة تنشط على الإنترنت وراء نفس القناع″ على حد قول الصحفي ميشائيل غيسات، المتخصص في تكنولوجيا المعلومات. ومن الناحية النظرية، فبإمكان أي أحد أن يفتح حسابات في أي موقع تواصل اجتماعي باسم “أنونيموس″ وينشر تغريدات على موقع تويتر باسم المجموعة.

في مجال الممارسة الصحفية العادية، التغريدات ذات المصدر المجهول ليس لديها قيمة كبيرة. وحسب الصحفي ميشائيل غيسات “إذا زعمت هذه المجموعة أنها قوية– وهو ما لا يستطيع أحد التحقق منه– يصير ذلك الإعلان مادة خبرية ذات قيمة للصحافة”. ويضيف غيسات أن إعلان الحرب من قبل “أنونيموس″ على تنظيم “الدولة الإسلامية” يندرج ضمن “الضجيج الإعلامي”. وبالنسبة للصحفي المتخصص في تكنولوجيا المعلومات فإن إعلان الحرب يمكن أن تتوارى خلفه الرغبة في وجود شخص ما في الإنترنيت يقود الكفاح من أجل قضية عادلة.

محاولة فاشلة لإعادة تجربة الربيع العربي

وبدوره ينتقد الناشط في الإنترنيت شتيفان أورباخ مجموعة أنونيموس ويرى أنه “لا يمكن النظر إلى المجموعة كتجمع سياسي”. ويتساءل أورباخ “ماذا يمكن أن يجلبه إعلان الحرب من طرف المجموعة على “داعش”؟ وما هي الجهة التي ستساعدها المجموعة من خلال ذلك؟”

كما يستبعد شتيفان أورباخ نجاح نشطاء “أنونيموس″ في مساعيهم. ويقول إن كثيرا من هؤلاء (النشطاء) ربما يعتقدون أن الاستراتيجيات التي تم إتباعها خلال الربيع العربي ستنجح أيضا ضد “داعش”. حيث كان قراصنة الإنترنت يهاجمون في ذلك الوقت المواقع الحكومية ويعطلون خدماتها أو يتحايلون على الرقابة على الإنترنيت. ويوضح أورباخ أن “آليات الدكتاتورية في بلدان الربيع العربي كانت تسير بشكل مختلف لما هو عليه الحال لدى “الدولة الإسلامية”.

وبدوره يوضح لينوس نويمان من “نادي فوضى الحاسوب” أنه “ضد أشخاص يحتفون بالعنف المسلح كوسيلة عند الخلاف السياسي، (تبقى) إمكانية تأثير عمليات الاختراق الإلكتروني قليلة لحد ما.” وقبل أيام هاجمت مجموعة “أنونيموس″ أحد المواقع الإلكترونية لتنظيم “الدولة الإسلامية” ووضعت هناك إعلانا للفياغرا. لكن فعالية إلحاق الضرر بالجهاديين بتلك الهجمة تبقى موضع تساؤل. ويرى شتيفان أورباخ أن المجال الوحيد، الذي يمكن فيه للقراصنة إلحاق أضرار بـ”داعش” هو أعمالها الدعائية. فـ”داعش تقوم بدعاية جيدة جدا وأنونيموس تقوم منذ سنوات عديدة بدعاية مضادة جيدة جدا”.

ويشير ميشائيل غيسات إلى وجود بعض التشابه في ما تفعله مجموعة “أنونيموس″ وتنظيم “الدولة الإسلامية”، ويقول: “أنونيموس أيضا ليس لديها سند قانوني وتمارس قضاء ذاتيا خارجا عن الإطارات الدولية والقانونية.”

وبعد مرور حوالي ثلاثة أسابيع على إعلان “أنونيموس″ الحرب على تنظيم “الدولة الإسلامية” تبدو النتيجة هزيلة. كما أن الأمل في نجاح قراصنة الإنترنت (الهاكرز) في إلحاق الضرر بداعش يضمحل تدريجيا.

المصدر : القدس العربي 

زر الذهاب إلى الأعلى