فر السوريون من هول الحرب ووصلوا إلى أوروبا، وهناك حاول البعض منهم أن يستفيد من عراقة المطبخ الشرقي ليفتتح له مطعما أو محلا لبيع مكونات الطعام السوري في مجتمع يبحث عن التعرف على الثقافات الأخرى بكل مكوناتها.
وقدم السوريون للألمان ومختلف الجنسيات الأخرى التي تعيش هناك أنواع المأكولات والمقبلات السورية المعروفة كالحمص والمتبل والفتوش والتبولة وأنواع اللحم والدجاج المُطفى والمخللات والكباب والمشاوي بأنواعها المختلفة، حتى أصبحت هذه المأكولات جواز سفر للسوريين في جميع أنحاء أوروبا.
يذكر أنه ما إن سمحت السلطات الألمانية للاجئين السوريين بفتح محلات صغيرة لبيع المأكولات حتى شرعت النسوة في عجن الفلافل وبدأ الرجال في وضعها على نار يضاف إليها زيت ساخن، تحضيرا لبيع سندويشات خضار والكبيس وغير ذلك.
وكان الألمان يقبلون بنهم على شراء الفلافل بدل الهامبروغر، حيث انتشرت هذه المأكولات بسرعة في المدن الألمانية. وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي شريط مصور يظهر مجموعة من الشباب السوريين والألمان داخل محل “للفلافل” بإحدى المدن الألمانية، كما يظهر تهافت عدد كبير على المحل الذي يبيع الأكلة الشعبية السورية.
ويظهر الفيديو المنشور البائع السوري وهو يتحدث إلى الألمان بلغتهم وإلى السوريين باللغة العربية وسط زحام كبير أمام المحل بانتظار دورهم للحصول على وجبتهم.
ونشرت صحيفة ألمانية تقريرا مصورا حول هذا المحل، وذكرت أن الفكرة حظيت بترحيب كبير من قبل الألمان وسط إعجاب وتشجيع كبيرين من قبل السوريين بشأن تجارب مماثلة للاندماج في المجتمع الألماني وتحمل أعباء الحياة.
ويقول محمد، الشاب السوري الذي وصل إلى ألمانيا منذ سنة، “مكثنا عدة أشهر في الملجأ وفي إحدى العطل قررت إقامة نشاطات للتعارف والاندماج مع الألمان، قرَّرنا بدورنا أن نشارك في تحضير بعض المأكولات الشعبية، واخترت مع أصدقائي أن نقدّم الفلافل. فوجئنا بالاستحسان
الذي نالته هذه الأكلة من قبل الكثيرين الذين كانوا يسمعون عنها لكنهم لا يجدونها في كل مكان، واضطررنا حينها لتحضير كميات إضافية”.
ويضيف “بعد عدة أشهر بدأت في البحث عن عمل. اتفقت مع صاحب أحد المطاعم على أن أشرف على تحضير الفلافل وأتولى بيعها.. المشروع لاقى نجاحا كبيرا ولدي العشرات من الزبائن الذين يأتون إلى المطعم لتناول هذا الطبق بشكل خاص”.
ويتابع محمد “الطعام الشرق أوسطي مشروع ناجح هنا، وأنصح اللاجئين بأن يبدأوا حياتهم العملية بهذا النوع من المشاريع شرطَ أن يطلعوا بشكل جيد على القوانين والأنظمة المتعلقة بها ويلتزموا بها”.
يذكر أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كانت قد زارت محلا سوريا- تركيا لبيع الشاورما في إطار دعمها للاجئين السوريين في ألمانيا.
وفي مدينة سيغمارينغين بجنوب غرب ألمانيا يرتفع اسم “دمشق” على باب متجر تصدر منه موسيقى سورية وتمتلئ رفوفه بالحمص المعلّب والطحينة والتوابل المستخدمة في طعام منطقة الشرق الأوسط، إنه متجر زينب الشامي التي تتجاذب أطراف الحديث مع زبائنها باللغة العربية.
ومع تزايد أعداد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا ظهرت العديد من السلع السورية على رفوف المتاجر الألمانية.
ويتابع فيدو جايس من معهد كولونيا للبحوث الاقتصادية هذا الاتجاه، ويتوقع افتتاح المزيد من متاجر بيع الأطعمة الشائعة في العالم العربي، على الرغم من أن تحديد رقم لعدد المتاجر يبدو أمرا صعبا.
ويقول محمد شحادة، خلال تفقده للرفوف بمتجر شامي”أشعر أنني في بيتي هنا”، مضيفا أن اللحوم الحلال، ذات أهمية خاصة للمسلمين الملتزمين.
وتشعر شامي بالسعادة، قائلة “العمل جيد. اللاجئون سعداء لوجود متجري هنا”. ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة في جميع أنحاء ألمانيا، كما هو الحال في مدينة ليوتشوف في الجزء الشمالي من ولاية سكسونيا السفلى، حيث أسس أحد اللاجئين متجرا خلال فصل الخريف. ويقول جايس إن “العديد من اللاجئين لا يجيدون اللغة الألمانية ويجدون صعوبة في التسوق من محلات السوبر ماركت الألمانية”، ويفضلون الاستفادة من هذه الفرصة للتسوق مستخدمين لغتهم الخاصة. ويضيف، أصحاب المطاعم السورية لهم أجواء شرقية تميّزهم في محلاتهم من خلال الموسيقى العربية الأصيلة.
وجدير بالإشارة أن المطاعم السورية لا تقتصر على المدن الألمانية بل غزت العديد من المدن الأوروبية الأخرى، حيث نجدها في باريس وأمستردام والكثير من المدن الأسبانية كما انتشرت في الدول الخليجية وتركيا، أين وجدت مطاعم شعبية في متناول عامة الناس مقابل مطاعم فاخرة لا يزورها إلا الأثرياء سواء من أهل البلد أو من اللاجئين الميسورين.
المصدر : العرب