عثر علماء آثار في عسقلان، جنوبي فلسطين المحتلة، على مقبرة تعود إلى الفلستيين، وهم الشعب الذي عاش هناك قبل 2600 عام، ومنهم جليات أو جالوت الذي هزمه داود، بحسب المعتقدات الإسلامية والمسيحية واليهودية.
وقال عالم الآثار دانيال ماستر، الباحث في جامعة هارفرد والمشارك في أعمال التنقيب: “عثرنا عليهم، إنه تتويج لسنوات من العمل”، في إشارة إلى شعب الفلستيين المذكور في الكتاب المقدس.
وتستخدم بعض طبعات العهد القديم من الكتاب المقدس لدى المسيحيين عبارة الفلسطينيين، للإشارة إلى هذا الشعب، لكن لم يثبت علميا أن الفلستيين هم سلف الشعب الفلسطيني الحالي.
وتابع عالم الآثار: “عثرنا على 145 رفاتا، نأمل أن تتيح لنا ذلك ألا أن نفهم الطقوس الجنائزية لهذا الشعب فحسب، بل أن نفهم أيضا كيف كانوا يعيشون”.
وتحاول بعثات أثرية منذ ثلاثين عاما العثور على هذه المقبرة؛ لإجراء دراسات موسعة حول ذاك الشعب.
شعب البحر
وتدور أسئلة كثيرة حول أصل الفلستيين، الذين كانوا يعرفون أيضا باسم “شعب البحر”، وهي التسمية نفسها التي كانت تطلق على الفينيقيين، ويرى البعض أن أصولهم يونانية، فيما يذهب آخرون إلى أنهم أبناء قبيلة محلية جاءت من الصحراء أو من الجبال.
ويقول ماستر: “ما هو أكيد أنهم وافدون على هذه المنطقة التي تسكنها شعوب سامية”، وقد كانوا يعيشون في شريط ساحلي ضيق يمتد من غزة إلى حيفا، بين العامين 1200 و600 قبل الميلاد.
وحول إمكان وجود علاقة بين الفلستيين والفلسطينيين، يجيب: “الكلمتان تتشابهان، لكن الشعبين مختلفان.. مدينة عسقلان دمرها نبوخذ نصر بالكامل في العام 604 قبل الميلاد، والذين ظلوا على قيد الحياة نفوا إلى بابل، وكل ما أتى بعد ذلك لا علاقة له بالفلستيين”.
كان الفلستيون تجارا وبحارة، ويتكلمون إحدى اللغات المنضوية في أسرة اللغات الهندية الأوروبية، واعتنقوا الديانة الكنعانية، وكانوا يأكلون لحم الخنزير والكلاب، بحسب ما تظهر أعمال تنقيب في مواقع أثرية أخرى مجاورة.
وذكر الفلستيون في الكتاب المقدس، خصوصا في سفر صموئيل الأول، الذي يتحدث عن المعركة بين جيلات وداود الملك.
وذكرت المعركة أيضا في القرآن، الذي يطلق على المحارب الفلستي اسم جالوت، ويعطي صفة النبوة لداود ملك بني إسرائيل.
وقد ظلت هذه الحفريات الأثرية في مقبرة عسقلان طي الكتمان ثلاث سنوات؛ خوفا من ردات فعل اليهود المتشددين الذين يعارضون بشدة المس بالمقابر.
حياة قاسية
ويعبر دانيال ماستر عن سعادته؛ لأن العلماء باتوا قادرين على دراسة تاريخ هذا الشعب من خلال بقاياه، وليس فقط من خلال ما كتبه أعداؤهم عنهم. ففي التراث اليهودي، يصور هذا الشعب على أنه أسوأ شعوب الأرض قاطبة.
على بعد بضع مئات الأمتار من المقبرة، في مختبر علمي مقام في الهواء الطلق، تعكف عالمة الآثار شيري فوكس -المتخصصة في دراسة الرفات- على تحليل العظام المستخرجة من تحت التراب.
وتقول وهي تحمل جمجمة: “من خلال العظام، يبدو أن حياتهم كانت قاسية. هناك خطوط تشير إلى وقف في النمو، ربما سببه الجوع، أو حمى شديدة في الصغر، ويبدو أيضا أنهم كانوا يعملون بجهد، وكان شائعا بينهم زواج الأقارب”.
وبحسب العالمة، فان الفلستيين لم تكن لديهم بنية جسدية مختلفة بشكل كبير عن الآخرين، ولم يكونوا عمالقة كما يظن البعض.
المصدر : أ ف ب