ربما أسهمت أزمة اللاجئين في انقسام المجتمع الألماني وزرع الشقاق بين العائلات، لكنها قد تؤدي في نهاية المطاف إلى مساعدة هذا البلد على التصالح مع هويته الليبرالية الجديدة. ويتبنى أول فيلم كوميدي ألماني حول قضية اللاجئين هذه الفرضية المتفائلة.
ويروي الفيلم “مرحباً بك في عائلة هيرمان”، الذي يضم أكبر نجوم ألمانيا ويبدأ عرضه الخميس 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، قصة ديالو وهو نيجيري يسعى للحصول على حق اللجوء، واستضافته عائلة ألمانية للعيش معها في حي راقٍ بمدينة ميونيخ، بعد أن زارت الأم “أنجيليكا” -وهي مديرة مدرسة متقاعدة تلعب دورها النجمة سينتا برجر- مخيماً للاجئين.
ويشعل القادم الجديد سلسلة من أحداث الدراما الكوميدية بين أفراد العائلة الألمانية، وهم الأب ريتشارد الذي يواجه أزمة آخر العمر، والابنة صوفيا التي فشلت في قصة حب حياتها، والابن فيليب المدمن للعمل، والحفيد باستي الذي يحصل دوماً على درجات سيئة في المدرسة.
وتتوصل العائلة لحلول مشكلاتها في نفس الوقت الذي تتورط فيه بشجار بين جماعة بيغيدا، وهي حركة ألمانية معادية للإسلام وهجرة المسلمين إلى أوروبا، وبين نشطاء يساريين أمام بيت الهيرتمان، وفقاً لما جاء بصحيفة “الغارديان” البريطانية.
كان توافُد أكثر من مليون مهاجر ولاجئ إلى ألمانيا منذ بداية عام 2015 مصدر إلهام لصناعة أفلام تحمل طابعاً تراجيدياً. ففي فبراير/شباط الماضي، عرض مسلسل جريمة على التلفزيون الألماني وكانت إحدى حلقاته تدور أحداثها حول وفاة مجموعة من المهاجرين مختنقين في شاحنة، وهي قصة مقتبسة عن قصة حقيقية حدثت على أحد الطرق بالنمسا في 2015.
وفي بداية العام الحالي، تناول فيلم وثائقي يدعى نار في البحر “Fire at Sea” للمخرج جيانفرانكو روسي أزمة اللاجئين، عن طريق سرد روايات السكان المحليين لجزيرة لامبيدوسا الإيطالية الموجود في البحر المتوسط، وفاز الفيلم بالجائزة الأولى في مهرجان برلين السينمائي.
[youtube height=”480″ width=”820″ align=”none”]https://www.youtube.com/watch?v=72MoMUxP43E[/youtube]عائلة هيرتمان
لكن فيلم “مرحبا بك في عائلة هيرتمان” هو أول محاولة للخروج قليلاً من الأحداث المأساوية الأخيرة بحس الكوميديا والسخرية. ويوظف المخرج سايمون فرهوفن بعض الأحداث المسيطرة على نشرات الأخبار الألمانية والأوروبية حول قضية اللاجئين في سياق الأحداث الدرامية للفيلم.
يبدأ سائق تاكسي في تعقب الابنة صوفي، بعد أن أنقذها من حادث تحرش جماعي شبيه بالواقعة التي حدثت في مدينة كولونيا عشية عيد الميلاد، عندما تم التحرش بأكثر من 1200 سيدة ألمانية، وألقيت الاتهامات حينها على مهاجرين. بينما يتسبب جار بولندي لعائلة هيرتمان في أزمة دبلوماسية بين دول أوروبا الغربية والشرقية.
واعتراضاً على قرار زوجته التي أحضرت معها لاجئاً للمنزل، يقول الأب ريتشارد: “يكفي أن السيدة ميركل دعت العالم الثالث كله إلى بلادنا، لن نفعل المثل في بيتنا بسبب معاناتك من متلازمة مساعدة الآخرين”، وتسخر ابنته صوفيا من حديثه فتقول: “هذا أفضل من متلازمة الأحمق”.
بدأ المخرج فرهوفن تصوير مشاهد الفيلم قبل قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بالاستمرار في فتح الحدود أمام آلاف اللاجئين المتجمعين في مدينة بودابست في سبتمبر/أيلول.
وتقول الابنة صوفيا في أحد مشاهد الفيلم “نحن كألمان غير متصالحين مع هويتنا رغم كوننا بلداً حراً ومتسامحاً وعظيماً. يجب أن نقف للدفاع عن هذه القيم”، وتؤدي دور صوفيا ممثلة نمساوية-تونسية تدعى إلياس مبارك.
وحظي الفيلم بردود أفعال متفاوتة. امتدح مورتيز فون أوسلار، الكاتب في الصحيفة الأسبوعية “دي تسايت”، الحدة التي اتسمت بها بعض مشاهد الفيلم، لكنه انتقد افتقاره لحس الفكاهة الكلاسيكي اللاذع فقال: “ألا ينبغي لفيلم كهذا، يتناول أكثر قضايا المجتمع الألماني حساسية واضطراباً أن يكون عبقرياً، وجامحاً، ومحركاً للمشاعر إلى أقصى درجة، وألا يكتفي بكونه فقط جيداً؟” ورأى البعض أن شخصية اللاجئ في الفيلم تحولت من لعب دور محوري مفترض لمناصرة قضية اللاجئين إلى مجرد أداة لإصلاح مشاكل الدراما الألمانية.
ونجح ديالو، الذي لعب دوره الممثل البلجيكي إيرك كابونغو، في الحصول على تصريح إقامة في نهاية المطاف.
إنها نهاية متفائلة لفيلم متفائل. قبل عرض الفيلم بأسبوعين، التقت ميركل بالرئيس النيجيري محمدو بخاري لمناقشة أزمة اللاجئين النيجيريين، الذين رفضت طلبات لجوئهم، وكيفية ترحيلهم إلى بلادهم مرة أخرى بأسرع وقت ممكن. ولا يتجاوز معدل قبول طلبات اللجوء التي يقدمها النيجيريون في ألمانيا نسبة الـ8%.
المصدر : هاف بوست عربي