يبدو أن الجرائم التي ارتكبت في حق أحد أشهر ملوك مصر القديمة توت عنخ آمون لم تنتهِ بعد، حيث أثيرت عاصفة من الجدل والاستنكار حول تعرض القناع الذهبي لتوت عنخ آمون بالمتحف المصري لتشويه متعمد أضر بالقناع الفريد من نوعه في العالم.
وكشفت عالمة الآثار المصرية مونيكا حنا تفاصيل الواقعة عبر تغريدات على موقع «تويتر» قالت فيها إن القناع قد تعرض للتشويه في شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2014، حيث قام أحد المرممين بالمتحف المصري بفتح المقصورة التي تحفظ القناع الأثري لتغيير كشاف إضاءة، وللأسف تم تداول القناع بشكل غير سليم، مما أدى إلى فصل ذقن القناع التي كانت مركبة «عاشق معشوق» في القناع.
وتوضح: «في اليوم التالي قرر المرمم الذي تسبب في هذه الكارثة، ترميم الذقن ولصقها بالقناع باستعمال مادة الأيبوكسي لإعادة الفصل مرة أخرى، من دون عمل لجنة أو تحت إشراف أي علماء، وبكل الأسف أدى ذلك لاعوجاج قوي في ذقن القناع، كما سالت المادة اللاصقة على الذقن من الخلف، مما أدى لتشويه الأثر العظيم».
وتضيف حنا: «ثم قامت مديرة الترميم بالمتحف المصري التي هي زوجة المرمم المتسبب في هذه الكارثة، بصنفرة المادة اللاصقة المتبقية على القناع، مما أدى لخدوش في القناع، فقام 5 من المرممين الغيورين بنشر هذه المعلومات والصور وإبلاغ وزير الآثار، الدكتور ممدوح الدماطي في أواخر شهر أكتوبر».
وتستطرد حنا: «قام وزير الآثار بزيارة المتحف المصري في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، وقام بنقل تعسفي للمرممين الخمسة الذين قاموا بالإبلاغ عن الواقعة، وقام وزير الآثار بتوبيخ العاملين على نشر هذه المعلومات، وشدد على إجراءات منع التصوير لقناع توت عنخ آمون».
وأعلنت عالمة الآثار مونيكا حنا: «سوف تقوم الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار بتقديم كل الأدلة المتاحة للنائب العام في بلاغ عن هذه الكارثة». وتناوب المغردون على موقع «تويتر» أمس التعليق ورفع صور للكارثة واستنكار الإهمال والفساد تحت هاشتاغ «#توت_عنخ_آمون». وتناقل البعض أخبارا عن محاولات إدارة المتحف تغيير الإضاءة وجعلها أكثر خفتا حتى لا يتم اكتشاف التشوه في شكل الذقن التي تم لصقها بشكل غير دقيق.
وكانت المفاجأة هي تصريحات وزير الآثار المصري الدكتور ممدوح الدماطي لوكالة الأنباء الرسمية المصرية (أ.ش.أ)، وقناة «القاهرة والناس» الفضائية التي نفى فيها تعرض قناع توت عنخ آمون الموجود حاليا بالمتحف المصري بالتحرير للكسر أثناء تنظيفه ثم تم ترميمه ولصقه بشكل خاطئ أدى لتشويهه. وأكد أنه لم يتم تشكيل أي لجنة من الوزارة أو من الخبراء الألمان لفحص القناع، موضحا أن قناع الملك توت عنخ آمون قد خضع منذ عام لصيانة دورية عادية ولم يتحرك من موقعه ولم تتغير الإضاءة لإخفاء أي عيوب به، مشيرا إلى أن سبب انتشار تلك الشائعة هو وجود خلافات بين العاملين بالمتحف ومدير الترميم به.
ورغم تداول صور للقناع المشوه على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الوزير دعا جميع وسائل الإعلام والصحافيين إلى الذهاب إلى المتحف لرؤية القناع على الواقع وتصويره للتأكد من سلامة القناعة، مؤكدا أنه حتى غير المتخصصين سيمكنهم رؤية الحقيقة والتأكد من عدم وجود أي آثار تلف على القناع.
وتعتبر مقتنيات توت عنخ آمون لا تقدر بثمن بين الآثار المصرية القديمة، وذلك منذ أن اكتشف القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون عام 1922، ويعود عمر القناع إلى نحو عام 1323 ق م.
ويزن القناع الذهبي 11 كيلوغراما من الذهب الخالص، وهو مصمم بحرفية ودقة عالية، حيث تبلغ أبعاده 39.3 سنتيمتر عرضا، و54 سنتيمترا ارتفاعا، وهو مصنوع من الأوبسديان والبلور الصخري، واللازورد، والزجاج، والذهب. ويعلو القناع غطاء الرأس الملكي وزينت الجبهة برموز الملكية والحماية المتمثلة في النسر والكوبرا.
وكان القناع يغطي رأس مومياء الملك المكفنة في تابوتها. وسجل عليه التعويذة 151 ب من كتاب الموتى، تأكيدا لمزيد من الحماية لجسد الملك.
ووفقا للمعتقدات المصرية القديمة، فقد عني الفنان بتمثيل التفاصيل الدقيقة الصادقة حتى تتمكن روح الملك المتوفى من الاهتداء إلى جسده تارة أخرى، ومن ثم تعين على بعثه.
وقد تم تشكيل الألواح الذهبية المستخدمة في القناع عن طريق التسخين ثم الطرق. واستخدمت أحجار الأوبسيديان والكوارتز في تشكيل العينين، واللازورد في تشكيل الحاجبين والجفنين، كما زين الصدر بقلادة من الأحجار شبه الكريمة والزجاج الملون الذي ينتهي برؤوس الصقر.
وطن اف ام