أحبت نجاة الصغيرة مصر في أغانيها ولعل، بحث كانت أولى تلك الأغنيات «وطني الأكبر»، حين شدت «وطني يا جنة الناس حاسدينها على أمجادها وعلى مفاتنها»، ثم توالت الأغنيات بعد ذلك لتشدو «بيوم الهنا يوم المنى»، لصلاح جاهين وهاني شنودة و»على البر التاني» و»إلهي ما أعظمك»، للسنباطي، لكنها هذه المرة وبعد أن اعتزلت الغناء تتبرع بمبلغ خمسين ألف جنية لصالح صندوق تحيا مصر
واشترطت نجاة كما علمت «القدس العربي» على موظف البنك أن يخرج إليها بأوراقه لتعطيه المبلغ ليضعه في الصندوق، الذي ذكره البعض وتجاهله آخرون، هذا هو شأن نجاة التي تبرعت فلم تعلم يمناها ما أنفقت يسراها، ولولا علم الصحافة عبر هذه السطور ما علم أحد إلا أربعة لا خامس لهم، موظف البنك ومديره ونجاة نفسها وفوق هؤلاء الثلاثة الله علام الغيوب.
وسؤال هنا يطرح نفسه بعيدا عن هبة نجاة لمصر، هو لماذا اعتزلت نجاة الغناء، وكيف أرى صوتها وسط جيلها وهذا الجيل الحالي؟ والإجابة أن نجاة اعتزلت الغناء قبل أن يعتزلها، إنها بادرته تحسبا لظروف التوقيت واختلاف الأزمنة وجدت نجاة نفسها وقد رحل كبار الملحنين ومن بقي لا تريد أن تغني من ألحانهم وبين هذا وذاك ملحنون جدد غنت لهم لم تحظ أغانيها لهم بالنجاح كما عهدت.
أذكر بروفتها في حفلتها الأخيرة، وقد دعتني إليها وبعد البروفة قبلتها شاكرا لها ما وهبتنا من جميل الغناء وسحر الأداء، فقالت لي من أجل أن تعرف يا أحمد كم نحن نتعب فكانت الإجابة التي أعددتها عبر أيام طويلة فقلت لها على الفور والكبير كبير دوما ولا يعاني، فنظرت إلي مليا وكانت نظرتها تطرح الأسئلة، ماذا أقصد بسؤالي وتمر السنون وفي كل عام نفقد هذا الصوت الذي أصفه بأنه «عبد الوهاب الأنثى»، فقد تعلمت منه التأدية الجديدة الخاصة به لتنطلق هي بإمكانياتها متشبعة بروح هذا الوهاب الذي علمها حتي الوسوسة، علمها كيف تسلك صوتها بقطعة حلاوة الطحينية أو ببقايا القهوة في الفنجان وهذه تجربة أجربها بنفسي عملا بنصائح الموسيقار الأعظم محمد عبد الوهاب والمطرب الأبهى كذلك، وفعلتها نجاة تلك التي ذهبت إلي ألمانيا لتستعيد بعضا مما فعلته اختلافات الليالي والنهارات فاستعادت الكثير، لكن الزمن ذاته حين يتبدل لا تعيده مراكز إعادة الشباب والنضارة.
وطن اف ام