بين منطقة وقرية ومدينة وأخرى، تختلف التفاصيل المدنية التي تميز بين مناطق ريف حلب التي تسيطر عليها عسكريا وسياسياً، فصائل عسكرية مدعومة من أنقرة، ومدنياً جهات لا تتوقف عن نشر أخبار المشاريع الممولة من الجانب التركي، فضلاً عن منظمات دولية حتى وقت قريب.
على الأرض تستمر الاتهامات للجهات العسكرية والمدنية السورية، بالتبعية الكاملة لأنقرة، فلا يمر مشروع ولا ينفذ اقتراح إلا بموافقة تركية مسبقة، على كل تفصيل فيه، مهما كان صغيراً.
سنوات مرت على تأسيس لجنة إعادة الاستقرار بريف حلب، حيث ترافق ظهورها مع بدء المعارك ضد تنظيم داعش بريف حلب عام 2015، حيث كان الهدف منها هو تحديد الجهة التي ستدير العمل في تلك المناطق بعد طرد التنظيم منها، وفق ما يقول رئيس اللجنة منذر سلال.
سلال يستعرض مجموعة من المشاريع التي نفذتها اللجنة في المناطق التي تعمل بها، والتي امتد عملها ليشمل كافة المناطق التي خرجت عن سيطرة نظام الأسد في ريف حلب، مشاريع يقول عنها سلال ضمن برنامج في العمق، إنها وصلت لأكثر من 500 دراسة من ريف مدينة إعزاز حتى ريف مدينة منبج.
ترافق عمل اللجنة وتزامن عملها وفق سلال، مع التقدم العسكري الذي كانت تحرزه الفصائل العسكرية التابعة للجيش السوري الحر المدعوم من أنقره، في كل منطقة، يقول سلال “مثلاً وفي عام 2016، كنا في ريف اعزاز ومنذ الأسبوع الأول لتحريرها، حيث بدأت خدماتنا مباشرة على مستوى تأمين المياه والتعليم، كما دخلنا مدينة جرابلس مع الفصائل العسكرية، وتأكدنا من كل الاحتياجات للسكان المحليين”.
تبيعة لتركيا أم تنسيق معها؟
تتهم جميع الجهات المدنية بعدم استقلال قرارها في مناطق ريف حلب، وبالتبعية بشكل أو بآخر للجانب التركي، الذي يدعم المنطقة عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، لكن سلال يقول إن اللجنة لديها مرونة في اتخاذ القرار والسرعة فيه، ويعتبر أن الطرف التركي كان منذ البداية شريكاً للسوريين في ريف حلب.
يقول سلال “كنا جسماً معروفاً لدى الخارجية التركية، لكن بعض الجهات التركية كانت تجهل من نحن، مثل الولايات والتي حاولنا التنسيق معهم كي لا تتضارب الخدمات بيننا وبينهم، وهذا استغرق بعض الوقت”.
يؤكد سلال “نحن نتمتع بالحرية الكاملة في الرأي والقرار والتنفيذ”.
لكن ألا يؤثر الدعم التركي على استقلال القرار السوري في ريف حلب؟ يقول سلال، إن قوة الدعم التي كانت لجنته تقدمه في المنطقة تقوي من موقفهم، ويؤكد أن تلك القوة لا يمكن الاستغناء عنها، ويتابع “حرية القرار السوري تختلف من منطقة إلى أخرى، فالجانب التركي لديه تخوفات أمنية مثله مثل الفصائل العسكرية السورية العاملة في المنطقة، التي تشهد الكثير من التفجيرات، وهناك خشية تركية من أطراف دولية قد تعبث في أمن المنطقة ما يعني التشديد الأمني في التعامل مع الجهات المدنية”.
ملكيون أكثر من الملك
يعتبر سلال في حديث ضمن برنامج في العمق، أن بعض الفصائل وبعض الجهات المدنية، قد تكون تركية أكثر من الأتراك أنفسهم، فرفع العلم التركي على حساب علم الثورة، لم يكن مطلباً تركياً يوم ما، ولا يطلب الجانب التركي تلك المظاهر من أحد.
يقول سلال أن مجلس مدينة مارع يعتبر مثالاً جيداً على استقلال القرار السوري، فهو على علاقة جيدة بالجانب التركي وبغيره من الجهات الدولية، وقد تمكن من إعطاء تطمينات لكثير من الجهات، ويصف سلال المجلس بأنه يمتلك المرونة الكافية كي يحصل على الدعم الذي يحتاجه، في المقابل هناك مجالس أخرى تحاول أن تكون ملكية أكثر من غيرها ما جعل الداعمين ينفرون منها.
يشير سلال إلى رغبة متنامية في وضع تشريعات وقوانين واضحة لعمل المجالس المحلية في ريف حلب، رغم الواقع السياسي والأمني المتردي في سوريا، ويدلل على ذلك بالمؤتمر الذي عقد في اعزاز مؤخراً برعاية الحكومة السورية المؤقتة لهذا الغرض.