يواجه السوريون في المناطق المحررة صعوبات ومشاكل كثيرة منذ بداية الثورة السورية، وتتصدر المشاكل الصحية قائمة هذه الصعوبات، بسبب كثافة القصف والاستهداف الممنهج من جهة لنظام الأسد لتلك المناطق، و نقص الكوادر الطبية والإمكانيات المطلوبة من جهة أخرى.
العديد من الحالات الإنسانية تتطلب اهتماماً صحياً خاصاً، كحالة الطفلة السورية “حلا” من إدلب التي تعاني من نمط “خنوثة” ولادي، فهي بالشكل أنثى لكن لديها أعضاء ذكورية في ذات الوقت.
في التقرير الذي أعدته مراسلة وطن إف إم في إدلب حنين السيد عرّف عن الحالة وذكرت فيه حلا بصوتها ما تعانيه من آلام.
ثم بدأت أم حلا بسرد ظروف اكتشاف مرض ابنتها عبر أثير برنامج (صباحك وطن) وقالت إن حلا بدأت تعاني مؤخراً من آلام بأسفل البطن والقدمين، وبعد استشارة عدة أطباء أكدوا أن حلا لديها أعضاء أنثوية وذكورية ولم يتم اكتشاف ذلك حتى عمر العشر سنوات.
وأضافت والدة حلا أن معظم الأطباء شددوا على ضرورة نقل حلا إلى الخارج لتلقي العلاج، في الوقت الذي تعجز عائلتها عن تحمل التكاليف المادية لإجراء العملية اللازمة، وإلى جانب معاناتها من آلام جسدية إلا أنها تواجه مشاكل بين تقبل أصدقائها لها، حيث يصعب عليهم اللعب والحديث معها كولد أو بنت، وتشير والدة حلا إلى أن الطفلة تميل إلى اللعب أكثر مع البنات.
وخلال البرنامج ناشدت الأم المنظمات الإنسانية أو الطبية أو أية جهات فردية، لتعمل على تقديم المساعدة لابنتها،حتى يتم إجراء عملية التصحيح الجنسي لها ومعالجة الأعضاء التناسلية، بما يمكّنها من تحديد جنسها وممارسة حياتها بشكل طبيعي كباقي الأطفال.
وقالت الوالدة إن أسرة حلا بالكامل تتقبلها وتقدّم الدعم لها وتقف معها بشكل كبير، موضحة أن الهدف الأساسي هو أن تتحسن الحالة النفسية لحلا وتتخلص من الآلام التي تعاني منها.
أما عن رأي الطبيب الذي يتابع حالة الطفلة حلا، وهو الدكتور أحمد جوهر أخصائي طب أطفال، فقد أكد أن حلا وُلدِتْ ومعَها مرضٌ نادر وقليلٌ من نوعِه، يدعى متلازمةَ التأنيثِ الخصويّ، أو ما يعرف شعبياً بالخُنثى.
وقال جوهر أن الطفلة حلا لديها خصيتان وتواجه مشاكل في إنتاج هرمون التستوستيرون الذكري حيث أنه غير فعال، وأن الصيغة الصبغية لحلا تشير إلى أنها ذكر، في الوقت الذي تظهر الأنوثة على ملامح حلا.
وأشار جوهر إلى أن مثل هذه الحالات قد يوجد فيها مهبل صغير ضامر يحتاج إلى توسيع أو صناعة جديد، وأن من الممكن إبقاء الخصيتين إلى أن يحين سن البلوغ، لهرمون الذكري الذي يفرز بشكل طبيعي يمكن أن يتحول إلى هرمون أنثوي يساعد على نمو الأعضاء عند الطفل مثل بروز الثديين، ليتم استئصال الخصيتين بعد سن البلوغ خوفاً من يتحولا إلى كتل سرطانية.
وأضاف جوهر أن من الضروري إعطاء الطفل في هذه الحالة بعض الهرمونات الأنثوية حتى يتم المحافظة على المظهر الأنثوي، لتتمكن من الزواج بدون أن تكون قادرة على الإنجاب.
وكان لنا وقفة مع الطب النفسي من خلال انضمام الأخصائية النفسية نسيبة جلال حول مسألة تصحيح الجنس فقالت إن حالة “حلا” تدخل في مجال التصحيح الجنسي لأنها تمتلك الأعضاء الذكرية والأنثوية، ويفضل اكتشاف ميول حلا بعد المراقبة الدقيقة لتصرفاتها حتى يمكن توجيه الطفلة لهويتها الحقيقية.
وأضافت الأخصائية النفسية: “هذا العمل يحتاج لمتابعة فريق كامل بما فيه الدعم النفسي ، وكل ما كان العلاج متأخرا يكون هناك تطورا للمشكلات النفسية”.
وأكدت جلال أن دور الأسرة هو الأهم في هذه المرحلة، فتقبلها لحالة الطفلة وتوجيه ميوله باتجاه صحيح تساعد في حل هذه الحالة، وتشير بالقول: ” لكن لو تعاملوا معها على أساس أنها مشكلة ويتم التكتم عليها وعدم تقبلها وخاصة من الأم فلن يتقبلها حتى الطفل”.
وأشارت جلال إلى أن هذه الحالات لا يتم تقبلها غالبا بسبب عدم فهم المجتمع لهذه الحالة المرضية التي يمكن شفاؤها بالعلاج كأي مرض آخر سواء إن كانت على صعيد جسدي فيزيولوجي أو نفسي، وأكدت أن الحل لهذا الأمر من خلال حملات توعوية وإعلامية توضح أن هذه حالات مرضية ما يجعل المجتمع يقبل أو يتقبل علاج هذه الحالات .
وبحسب الأخصائية النفسية فإن حالة حلا ليست الأولى ويمكن تجاوزها بدايةً بتقبلها من الأسرة والأم وإعطاء الطفلة كل الحب والتشجيع والحديث مع الطفلة عن حالتها وتسييرها باتجاه ميولها التي حددتها الفحوص الطبية والهرمونات التي تمتلكها، فالعلاج النفسي يجعلها تقبل الأنماط السلوكية بشكل مبكر و تتقبل هويتها الجنسية .
وفي ختام الحلقة ناشدت الأخصائية نسيبة جلال ووالدة الطفلة حلا، كُلَّ شخص قادر على تقديم المساعدة لعلاج الطفلة حلا حتى لا تكون هناك نتائج سلبية على حالتها.