ممّا لا شكّ فيه بروز الكثير من التحديات جراء الأحداث في سوريا في وجه العوائل وخاصة مما تزوّج حديثاً من الشباب.
كثيرة هي حالات الزواج التي تم تسجيلها خلال الثورة السورية مع وجود العديد من إشارات الإستفهام حول مدى إمكانية أو إنجاح المؤسسة الزوجية في ظل الضغوطات التي تواجه العوائل قبل الشباب غير المتزوج، لذلك كان لا بدّ من طرح هذا الموضوع ضمن برنامج (شباب سوريا) لهذا الأسبوع لقياس وجهات النظر ومحاولة الإلمام بالقضية من جوانب مختلفة.
لعلّ الناظر إلى البنية الاجتماعية لسوريا سيلاحظ تمتعه بالفتوّة والشباب، وهي حالة لم توقفها تحديات الثورة منذ 2011 إلى الآن، فكثيرة هي حالات الولادة التي تم تسجيلها في المخيمات أو دول اللجوء إلى جانب الداخل السوري المشحون، فكيف يمكن للشباب الإقدام على خطوة، أقل ما يقال عنها جريئة في ظل هذه الأوضاع؟
ولعلّ الوضع كان العائق الأكبر لدى الشباب السوري، حتى قبل الثورة، في العزوف أو التأخر بالزواج، فهل تحسّن وضعهم الإقتصادي بعد الثورة على الرغم من ضعف كل البنى التحتية في جميع المناطق بسوريا..؟!
نظرة فاحصة وتقصٍ قليل سيكون كافياً بالإجابة على مثل هذه الأسئلة، ففي الوقت الذي لا يمكن فيه نكران الضغوطات التي نتجت عن الحالة الطبيعية لأية ثورة، كان أيضاً هناك جانب استدركته العائلات وشعرت به بحكم تأثير الثورة على جميع فئات المجتمع دون استثناء، ولعلّ التخلّي عن المهور أن عدم المبالغة بها كان أبرز شكل من أشكال هذا التفهم، إلى جانب فترة الخطوبة التي كانت لا بدّ منها سابقاً، فيما بدأت بالتقلّص حالياً إلى درجة كبيرة، وبالإمكان القول أن أمور أخرى مثل إشتراط منزل مستقل أو الهدايا أو مايعرف بـ”جهاز العروس” من الأمور التي ساعدت على إقدام الشباب على الزواج وارتفاعه نسبته أكثر من ذي قبل.
مع انحلال عقدة المهر أمام الشباب في الزواج إلا أن التحدي الأكبر كان في اضطرارهم جراء الأحداث إلى الإقامة في كنف العائلة مع ظروف إقتصادية لم تغادرهم قط، وهي المرحلة التي تجلّت فيها المشاكل العائلة أكثر وخاصة في الحالات التي تواجدت فيها أكثر من عائلة ضمن منزل واحد، فالروتين الخاص بكل عائلة كان في حالة انحلال ضمن الروتين الجماعي الجديد، وهذا ما شكّل حالة من الرفض وعدم التقبل في كسر ما تعوّد عليه كل واحدٍ منهم، وإن كنّا في معرض حديثنا هذا لا ننكر وجود الكثير من العائلات التي أظهرت التفهم في الإجبارية التي دخلت فيها العائلات، إلاّ أنّ الكثير من العائلات أيضاً تفككت وتراخت فيها الروابط العائلية أسرع من المتوقع بسبب الخلافات الاجتماعية التي طفت على السطح نتيجة طول مدّة الأزمة وغياب الأمن والأمان إلى جانب الرغبة باسترجاع أجواء الإستقلالية الخاصة بكل عائلة.
اعتبرت الكثير من العائلات السورية، وخاصة الشابة منها، على أن الثورة السورية وما حملته للسوريين كان وما زال بمثابة امتحان أظهر لهم الصالح من الطالح ووجههم باتجاه كان لا بدّ لهم من السير فيه حتى قبل عام 2011، إلى جانب عائلات أكّدت على أن الثورة ساعدت في التقرب من العائلة أكثر، فكان بالنسبة لهم أبهى أشكال التضحية والمساندة التي لا يمكن نكرانها، وبذلك أصبحت الثورة بالنسبة لهم تاريخاً تعرّفت من خلاله العائلة على أفرادها وزادت من أواصر القربة في تجربة لا يمكن أن ينالها أحد بالمجان.