في ظل سياسة الاعتقال والترهيب والتهجير وحتى القتل الذي تعرض له النشطاء والثوار خلال عمر الثورة السورية، كان لا بدّ من توثيق جميع تلك الانتهاكات لضمان حق المجني عليهم ولمحاسبة الجاني حتى بعد حين.
الموثق والناشط في مجال حقوق الإنسان تامر تركماني أشار إلى أهمية العمل في مجال حقوق الإنسان وتوثيق الانتهاكات في سوريا، لكن المنظمات، بحسب قوله، تفتقر إلى توحيد الجهود بما يخص المعلومات والأسماء، فعلى الرغم من امتلاكها للمعلومات إلا أنها في الوقت ذاته لا نستطيع جمع كافة البيانات التي تملكها ضمن بوتقة واحدة واسم واحد، في الوقت الذي نعلم فيه جميعاً أن تقديم المعلومات بشكل موحّد للأمم المتحدة أو الجهات الدولية يمكن أن يخلق أثراً أكبر من تقديمها بشكل فردي، أما عن سبب ذلك التفرد فأضاف “تركماني”:
“قبل الإجابة أود القول أن البطل الحقيقي الذي استطاع طعن النظام في خاصرته هو (قيصر) الذي استطاع احراج المجتمع الدولي ووضع النظام في موقف لا يحسد عليه جراء الصور التي استطاع تسريبها منه، فامتلاك المعلومات الآن يجعل الشخص في موضع قوة دائمة، وهذا ما استطاع (قيصر) استغلاله بالشكل الأمثل، أما المنظمات العاملة في هذا المجال حالياً فلديها، مع الأسف، طمع للامتلاك “ثروة البيانات” ورغبة كل واحدة منها في التفرد بما يملك، أما السبب الكامل وراء عدم قدرتها على التوحد ضمن آلية واحدة فيعود إلى الدعم الذي تتلقاه من قبل أجنداتها، فأجندات بعض المنظمات التي توثق الانتهاكات في سوريا يمكن أن تكون منحازة إلى فصيل دون آخر، فتركز في توثيقها على جهة دون أخرى أو تطلب توثيقاً مكثفاً للأحداث في مناطق على حساب مناطق يتم تجاهلها تماماً، علماً أن شرط الحيادية من أهم الجوانب التي يجب أن تتمتع بها المنظمات والأجندات أثناء قيامها بعملية التوثيق”.
ونوّه “تركماني” إلى أهمية المعلومات في مقابل الصور كون امتلاك معلومة واحدة يمكن أن تحل مكان مئات الصور دون مبالغة، فالمحاكم الدولية تعترف أكثر بالمعلومات وكيفية ربطها بالصورة المقدمة إليها أكثر من الاعتراف بالصور المجردة، لذلك فالقصة التي تطرحها مهمة أكثر من طرح ألف صورة لا تملك لأي منها معلومات تشير إلى أصحابها أو مكان وتاريخ التقاطها أو الجهة التي قامت بالفعل وكيفية قيامها بالأمر، لذلك دائماً تأخذ المعلومات موضعاً مهماً يضاهي الصور المجرّدة.
وفيما يخص الجداريات التي قدمها “تركماني” أثناء عمله في التوثيق، قال:
“في حزيران من عام 2014 قمت بنشر منشور عبر صفحتي على الفيس بوك وطلبت فيه من الأصدقاء تزويدي بأسماء بعض الشهداء إن كانوا على علم بأية أسماء، وكانت غايتي في ذلك تصميم صورة تضم أسماءهم لأضعها كغلاف لصفحتي على مواقع التواصل الإجتماعي، لكن المفاجأة كانت في اليوم التالي، حيث استيقظت صباحاً لأتفاجأ بصور نحو ألفي شهيد، ارسالها المتابعون من خلال الرسائل الخاصة وبعضها نشرها في التعليقات على منشوري، وهذا ما دفعني إلى توسيع الأمر ليأخذ شكلاً مطبوعاً ويخرج من كونه مجرد تصميم عادي عبر مواقع التواصل الإجتماعي، وبالفعل لاقى اقتراحي هذا تفاعلاً إيجابياً من قبلهم، لذلك قمت بإنشاء مناسبة على الفيس بوك وأرسلت الدعوات إلى أكبر عدد ممكن من الأصدقاء، وبدأت منذ ذلك الحين بجمع ما أمكنني من صور الشهداء لأقوم بطباعتها وتأخذ شكل الجداريات التي وصلت لدول كثيرة.
تفاصيل أخرى حدثنا عنها الموثق والناشط في مجال حقوق الإنسان “تامر تركماني” في هذه الحلقة من (شباب سوريا)، الحلقة الكاملة تتابعونها عبر الرابط التالي:
https://www.facebook.com/fm.watan/videos/410656226300562/