يرتبط نجاح زراعة أي عضو اصطناعي في الجسم بعدة عوامل، من أهمها أن يكون مطابقا تماما للعضو الأصلي وهو أمر كان أشبه بالمستحيل، لكن يبدو أن تقنية الطباعة المجسمة (الطباعة الثلاثية الأبعاد) قد حولت المستحيل إلى حقيقة.
وكثيرا ما نسمع عن تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد ودورها في صناعة السيارات والأدوات المنزلية وفي البناء وصنع قوالب بعض الأطباق كالبيتزا. لكن لم يعد مؤخرا استخدام الطباعة الثلاثية مقتصرا على عالم الصناعة فحسب، بل دخل في مجال الطب أيضا محدثا ثورة كبيرة فيه، فبواسطة الطباعة الثلاثية الأبعاد أصبح من الممكن صناعة أعضاء بشرية يمكن زرعها في جسم الإنسان، فضلا عن إمكانية ترميم الجماجم أيضا.
ولعل أهم ما يميز الطباعة الثلاثية الأبعاد هو دقتها الفائقة، إذ تقوم بمحاكاة أي نموذج ثلاثي الأبعاد أو مجسم، مكونة صورة طبق الأصل، وذلك عبر طباعة طبقات رقيقة فوق بعضها البعض بدقة عالية جدا، وهو أمر مهم جدا لدى صناعة الأعضاء البشرية.
فزيادة دقة تطابق الأعضاء الاصطناعية مع الجسم، يقلل من المشاكل التي تظهر أثناء عملية الزرع حسبما يؤكد البروفيسور بيرند ديتريسش كاتاغن، أخصائي جراحة العظام وأحد الأطباء الذين قاموا بزراعة ركبة اصطناعية صنعت بتقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد.
ولصناعة ركبة اصطناعية يحتاج الأمر في البداية لإجراء تصوير مقطعي بالأشعة السينية لموضع الركبة. وبعد ذلك يتم تحويل تلك البيانات بمساعدة برنامج رقمي خاص إلى نموذج ثلاثي الأبعاد للركبة الاصطناعية. ثم يتم بواسطة الطابعة الثلاثية الأبعاد تصنيع الركبة الاصطناعية طبقة طبقة بحيث تصبح مهيأة لعملية الزراعة في الجسم.
ولهذه التكنولوجيا الحديثة مميزات كثيرة، فهي تساعد الأطباء على إزالة نسبة أقل بكثير من العظام، فضلا عن ميزة أخرى يشرحها البروفيسور كاتاغن بقوله إن لكل عظم عرضه وكثافته وطوله، مما قد يؤدي إلى حدوث اختلاف في المقاسات عند صناعة الركبة، أما الآن فلدينا غلاف بمقاييس غاية في الدقة، الأمر الذي لم نألفه من قبل.
وبفضل الطابعة التي أعدت القطع المعدة للزرع بمنتهى الدقة أصبحت مدة إجراء العملية أقصر ونزيف الدم أقل والآلام أخف. لكن وكما هو الحال بالنسبة للتقنيات الحديثة فهناك نقص في البحوث المعمقة المتعلقة بالركب المجهزة بواسطة الطابعة الثلاثية الأبعاد. ورغم ذلك فإن البروفيسور كاتاغن مقتنع بنجاح تقنية صنع الركب الجديدة وهو ما يؤكده بقوله إن هذه التقنية ستسود بكثرة في العقد المقبل.
المصدر : دويتشه فيلله