اعتاد كل منا أن ينام بطريقة خاصة به، ومن الصعب على المرء أن يغير وضعية نومه، حتى إن رغب بذلك.. لكن لكلٍ من وضعيات النوم دلالاتها وتأثيراتها. وبينما لا توجد طريقة مثالية للنوم تنطبق على كل البشر، فلكل طريقة نوم حسناتها وسيئاتها من الوجهة الصحية، إلا أن طريقة نومك كثيراً ما تدل على ميولك الخاصة وشخصيتك..
فما هي الحقائق العلمية المتعلقة بوضعية النوم، والتي باتت معروفة لدى مختصي النوم؟
ندرج لك في ما يلي أهم الأسئلة التي قد تخطر بالبال عن هذا الموضوع..
– إذا كنت معتاداً على طريقة نوم معينة، فهل من الحكمة أن أجرب غيرها؟
ينصح الدكتور ستيفن بارك من جامعة نيويورك، أن تتخذ أي وضعية تريحك وتوفر لك النوم الهادئ، ما لم تشكُ من علة صحية تتطلب لجوءك لوضعية نوم مختلفة، فالحامل مثلاً تُنصح بالنوم على جنبها الأيسر، لأن هذه الوضعية تحسن دوران الدم، مما يفيد الجنين والأم معاً.
والمصابون بالشخير يُنصحون بعدم النوم على ظهورهم، لكي يبقى طريق التنفس العلوي مفتوحاً، وهكذا ..
– ما هي وضعية النوم المفضلة عند معظم الناس؟
هناك ثلاث وضعيات نوم أساسية، وأشكال فرعية لكل منها.
أما الوضعيات الرئيسية فهي: وضعية النوم على الظهر – الجنب – البطن.
وقد بينت الإحصاءات أن وضعية النوم المفضلة لدى معظم الناس (حوالى 65 %)، هي الوضعية الجنبية، تليها الوضعيتان الأخريان.
– هل يبقى النائم على وضعية واحدة طوال الليل؟
كلا، ولو أصر الشخص على أنه لم يغير وضعيته طوال الليل.
وتظهر الدراسات أن الشخص يتحرك (ويعدل قليلاً من وضعية نومه) بمعدل عشرين مرة في الليلة الواحدة (كما يصرح الدكتور ايريك أولسون من جامعة مينيسوتا)، مع أنه يبقى على وضعيته المفضلة معظم الليل، ويعتبر د. أولسون أن تغيير الوضعية أمر محبذ من الوجهة الصحية.
– هل تؤثر وضعية النوم على صحة الإنسان؟
بالطبع، فنحن نقضي ثلث حياتنا نائمين، ويوصي الأطباء أن ينام كل منا بعمق من سبع إلى ثمان ساعات، والوضعية المريحة تمهد لنوم عميق يتبعه يوم مفعم بالنشاط والحيوية، وبالعكس، تؤدي الوضعيات السيئة لشتى الشكاوى، كالتعب والإرهاق والصداع والحرقة الهضمية وآلام الظهر.
* ما هي حسنات وسيئات كل وضعية من وضعيات النوم من الوجهة الصحية؟
1- وضعية الاستلقاء على الظهر
تفيد هذه الوضعية ذوي الاستعداد للارتجاع الحامضي المعدي- المريئي (الذي يسبب الحرقة الهضمية أسفل الصدر)، خاصة إذا أضيف لها رفع طرف الرأس من السرير (أو رفع الرأس بوسادة عالية).
كما تفيد في إبقاء العمود الفقري على سوية واحدة، ما يمنع من تولد آلام الظهر في المستقبل، وهي تعتبر أفضل وضعية لسلامة العمود الفقري على الإطلاق، كما يصرح الدكتور هوفمان ميلاميد من لوس أنجليس.
ولو أن بعض الخبراء ينصحون مفضلي هذه الوضعية بوضع وسادة تحت الركبتين لدعم الانحناء الطبيعي للعمود الفقري. أخيراً، تفيد هذه الوضعية النساء في منع تشكل التجاعيد على الوجه مع تقدم العمر، وفي الحفاظ على شكل الثديين، كما تصرح الدكتورة ديانا غلاسر من جامعة سانت لويس.
ولعل العلة الوحيدة لهذه الوضعية المثالية، كما يقول الدكتور أولسون، هي احتمال حدوث الشخير عند ذوي الاستعداد، أو زيادة شدته عند المصابين به.
2- الوضعية الجانبية
تفيد هذه الوضعية الذين يعانون من اضطراب وتقطع في النوم، لأنها تحافظ على حرية مرور الهواء في البلعوم، كما يبقي الاضطجاع على الجانب الانحناء الطبيعي للعمود الفقري (في الرقبة والظهر)، ما يمنع حدوث آلام الظهر في المستقبل.
– وينصح مفضلو هذه الوضعية بأن يستخدموا وسادة مرتفعة نوعاً ما، كي يملأوا الفراغ بين الرأس والكتف، ويتفادوا انحناء الفقرات الرقبية.
– كما ينصح الذين يشكون من آلام ظهرية أن يضعوا وسادة بين ساقيهم، ليخففوا الضغط عن عمودهم الفقري.
– ثم إن النوم على الجانب الأيسر مثالي للحامل، لأنه يحسن دوران الدم، ما يفيد الجنين فائدة جمة، كما أن النوم على الجانب الأيسر يفيد المصابين بالارتجاع (القلس) المعدي-المريئي الحامضي (ولو أن النوم على الظهر يعتبر أفضل منه قليلاً).
أما سلبيات الوضعية الجانبية (خاصة للنساء) فهي تعريض الوجه للضغط، ما يدعو لتشكل التجاعيد في المستقبل، وتدلي الثديين للأسفل، ما يدعو لتهدلهما، كما تصرح الدكتورة روشيني راجا باكسا.
– وهناك نمط خاص من الوضعية الجانبية يفضله بعض الناس، خاصة من النساء، وهو ما يدعى بوضعية الجنين، وفيه يرفع النائم ركبتيه للأعلى، بينما يخفض ذقنه نحو صدره.. هذه الوضعية -ولو أن لها بعض حسنات الوضعيات الجانبية الأخرى- تحني العمود الفقري كثيراً، بحيث قد تتسبب بالتهاب الفقرات في المستقبل، كما أنها تعيق حركة الحجاب الحاجز، ما قد يؤثر سلباً على التنفس مع مرور الزمن، كما يصرح الدكتور دودي تشانغ من مستشفى كونيتيكت، ولذلك لا تحبذ هذه الوضعية من قبل معظم الأطباء، الذين ينصحون مستخدميها بالتدرب على تسوية انحناء ظهورهم وهم نائمون بالتدريج.
3- وضعية النوم على البطن
هذه، باعتراف معظم المختصين، أسوأ الوضعيات من الوجهة الصحية، فمع أنها (مثل الوضعية الجانبية) تفيد المصابين بالشخير، وتعتبر أفضل الوضعيات لإبقاء الممر التنفسي العلوي مفتوحاً، إلا أنها تعرض العمود الفقري لكثير من الضغط، خاصة ناحية الرقبة، كما يصرح الدكتور كين شانون من مستشفى بيرغام في بوسطن، كما أنها تعرض الوجه للتجاعيد، والثديين للتهدل، وهي أخيراً تزيد من شكوى الذين يعانون من اضطرابات في نومهم.
وينصح الذين اعتادوا على هذه الوضعية ولا يستطيعون تغييرها، أن يستخدموا أرق وسادة نوم ممكنة، أو أن يستغنوا عن الوسادة كلياً.
المصدر : العربي الجديد