أفادت دراسة حديثة بأن المرضى الذين خضعوا لزراعة أعضاء يواجهون خطراً مضاعفاً للوفاة جراء الإصابة بالسرطان، مقارنةً مع الأشخاص العاديين. وبحسب مُعدّي الدراسة، فإن الزيادة في خطر الوفاة بالسرطان تزداد بمقدار ثلاثة أضعاف إذا كان المريض مُصاباً به، أو بمقدار ضعفين إذا لم يسبق للمريض الإصابة به.
تقول المُعدّة الرئيسية للدراسة الدكتورة نانسي باكستر، رئيسة قسم الجراحة العامة بمستشفى سان ميشيل بمدينة تورنتو الأمريكية: “لقد وجدنا بأن مرضى زراعة الأعضاء (من جميع الأعمار) يواجهون خطراً متزايداً للوفاة عند إصابتهم بأي نوع من أنواع السرطان، وكان هذا الخطر أكبر لدى الأطفال منهم لدى البالغين الأكبر سناً. يبدو أن الإصابة بالسرطان تُشكل عبئاً حقيقياً على هذه الشريحة من المرضى”.
جرى نشر الدراسة في السابع من شهر يناير الحالي في مجلة الجمعية الأمريكية لعلوم الأورام JAMA Oncology.
تقول باكستر، أظهرت الدراسة أن السرطان كان السبب الثاني للوفاة بعد أمراض القلب لدى أكثر من 11 ألف مريض زراعة أعضاء. وقد اشتملت الأعضاء المزروعة لديهم على الكلية والكبد والقلب والرئتين، توفي منهم حوالي 3000 مريض في أثناء فترة المتابعة بين عامي 1991 و 2010، 20 في المائة منهم بسبب السرطان.
وبحسب الدكتورة باكستر، فإنه من المعلوم سابقاً أن مرضى زراعة الأعضاء أكثر عُرضةً للإصابة بالسرطان، إلا أنه لم يكن معلوماً ما إذا كانوا يواجهون زيادةً في خطر الوفاة جراء ذلك أيضاً. تقول باكستر: “لم نكن نعلم إلى أي مدى يؤثر السرطان في مرضى زراعة الأعضاء، لأنهم يُعانون غالباً من عدد من المشاكل الصحية الأخرى أيضاً”.
وجدت الدراسة بأن مرضى زراعة الأعضاء يزداد لديهم خطر الوفاة بسرطان الجلد اللاميلانيني بمعدل 30 ضعفاً، ويزداد لديهم خطر الوفاة بسرطان الكبد بمعدل 13 ضعفاً، ويزداد لديهم خطر الوفاة بلمفوما هودجكين بمعدل 10 أضعاف، ويزداد خطر الوفاة بسرطان العظام بمعدل 5 أضعاف.
أما عند مرضى زراعة الأعضاء من الأطفال، فقد ازداد خطر الوفاة بالسرطان بمعدل 85 ضعفاً، أما عند مرضى زراعة الأطفال من البالغين الذين تجاوزوا 60 عاماً فلم يزدد معدل الوفاة إلا بمقدار ضعف واحد.
تقول باكستر إن الأدوية الكابتة للمناعة التي يتناولها مرضى زراعة الأعضاء قد تكون هي المسؤولة عن الزيادة في خطر الإصابة بالسرطان والوفاة بسببه، فهذه الأدوية تُثبط الجهاز المناعي وتمنعه من رفض العضو المزروع، ولكنها بالمقابل تمنع الجسم أيضاً من محاربة السرطان وتعيق قدرته على محاربة الفيروسات المُسببة للسرطان والقضاء عليها. فعلى سبيل المثال، يمكن لفيروس الورم الحليمي البشري HPV أن يُسبب سرطان عنق الرحم، وقد تؤدي الإصابة بفيروسات التهاب الكبد B و C إلى الإصابة بسرطان الكبد، كما جرى الربط بين فيروس إبيشتاين بار والإصابة بالورم اللمفي Lypmphoma.
كما وجدت الدراسة بأن مرضى زراعة الأعضاء كانوا أكثر عُرضة للوفاة جراء الإصابة بالسرطان إذا كان ناجماً عن مرضٍ مُعدٍ (بمعدل 6.5 ضعفاً) في حين أن الزيادة كانت بمقدار الضعف في حال كانت الإصابة بالسرطان غير ناجمة عن عدوى.
كما تقترح باكستر تفسيراً محتملاً آخر لارتفاع معدلات الوفاة بالسرطان لدى مرضى زرع الأعضاء، وهو أن أجسادهم ليست قوية بما فيه الكفاية لتتحمل علاج السرطان، والذي كثيراً ما يكون شديداً وذو آثار جانبية بالغة.
وفي معرض التعليق على الدراسة، يقول الدكتور توماس شيانو، المدير الطبي لقسم زراعة الكبد بمركز سيناي الطبي بمدينة نيويورك: “إن زيادة خطر الإصابة بالسرطان أو الوفاة به ليست سبباً كافياً للحد من عمليات زراعة الأعضاء. وينبغي ألا تُثير هذه الدراسة مخاوف المرضى المقبلين على زراعة الأعضاء وتمنعهم من الاستمرار في ذلك، أو تدفع مرضى زراعة الأعضاء للتوقف عن تناول الأدوية الكابتة للمناعة. وإنما ينبغي على مرضى زراعة الأعضاء التنسيق مع الفرق الطبية المختلفة لإجراء تحريات مستمرة تهدف إلى الكشف المبكر عن الإصابة بسرطانات محتملة. كما ينبغي عليهم تغيير أنماط حياتهم لتكون أكثر صحية وبالتالي التقليل من خطر إصابتهم بالسرطان لاحقاً، مثل التوقف عن التدخين، واتباع أنظمة غذائية صحية”.
المصدر : kaahe