مقالات

طارق الحميد : ثلاثة إيرانيين في أقل من أسبوع!

في ظرف أقل من أسبوع التقى بشار الأسد ثلاثة مسؤولين إيرانيين، أبرزهم علي أكبر ولايتي مبعوث المرشد الإيراني، والذي اجتمع بالأسد مؤكدًا له دعم طهران، في وقت يشهد فيه النظام الأسدي خسائر متوالية، ومهمة.

وتأتي هذه الفزعة الإيرانية للأسد وسط نكسات متوالية، ليس للأسد وحده، بل ولأنصار كل المشروع الإيراني في المنطقة، حيث تتعهد إيران بدعم الأسد، بينما تخسر دعائيًا خسارة فادحة في العراق، حيث استولى «داعش» على مدينة الرمادي، رغم كل الدعاية الإيرانية بالدفاع عن العراق، والتي تمثلت في ترويج صور الجنرال قاسم سليماني متجولا بالعراق. والأمر نفسه يحدث يمنيًا؛ فبينما تردد الدعاية الإيرانية دعم طهران للحوثيين، نجد أن السعوديين وقوات التحالف يباشرون تقليم أظافر الحوثيين، وخلع أنيابهم، بينما تكتفي إيران بالتصريحات الرنانة، ومسرحية السفن العبثية!

حسنا، ما معنى ذلك؟ الإجابة بسيطة، وهي أن المشروع الإيراني التوسعي، والتخريبي، في المنطقة يتعرض لهزات عنيفة، ولولا جرعة المفاوضات الغربية الأميركية مع إيران لرأينا تداعيات أكبر على إيران وعملائها بالمنطقة، وعليه فإن سير الأحداث يقول إنه كلما تضعضع وضع مجرم دمشق، اهتز المشروع الإيراني، وطهران تدرك ذلك جيدًا ولذا قامت بإرسال ثلاثة مسؤولين إلى دمشق في أقل من أسبوع. ورغم كل الانتكاسات التي يتعرض لها الأسد، وأعوانه، فهدف تلك الزيارات هو رفع الروح المعنوية، وإظهار أن الأسد لا يزال صامدًا، وبالتالي المشروع الإيراني!

وإسقاط الأسد لا يعني فقط زوال نظام إجرامي دموي إرهابي، بل يعني أيضًا كسر ظهر حزب الله، وقطع يد المارد الإيراني بالمنطقة، وتجريد إيران من كروت تفاوضية سياسية بالمفاوضات النووية، وتحديدًا مع أميركا التي لا يزال البعض فيها يعتقد بقدرة إيران على فرض استتباب الأوضاع على الأرض بمنطقة الشرق الأوسط، وهذا ما تنفيه الأحداث سواء في اليمن أو العراق، وبكل تأكيد في سوريا كذلك، حيث تعاني إيران من ضربات موجعة معنويًا، وسياسيًا، وعسكريًا، ولذا فإن سير الأحداث يؤكد حقائق يجب ألا تغيب عمّن يعنيه الأمر بمنطقتنا، خصوصًا دول الاعتدال، حيث لا بد من مواصلة الجهود لإسقاط الأسد، أو دفعه إلى الخروج، وهذا أمر قابل للتنفيذ.

والأمر الآخر هو ضرورة التواصل مع المكونات السنية العراقية المعتدلة من أجل توحيد صفوفها، وقيادتها، ودعمها دوليًا، لكي تكون هي من يخوض معركة دحر «داعش» من الرمادي، وغيرها من المدن السنية العراقية، وكذلك ضرورة التحرك مع القبائل اليمنية لتوحيد الصفوف ضد الحوثيين، وصالح، وهذا أمر قابل للتنفيذ أيضًا، وكل ذلك ليس لإيقاف المشروع الإيراني بالمنطقة وحسب، بل ولنزع فتيل حرب طائفية ستأكل الأخضر واليابس. صحيح أن أزيز الطائرات يصم الآذان بمنطقتنا، لكن فرص العمل السياسي تلوح في الأفق، وباتت مواتية أكثر من أي وقت مضى، فكل المطلوب الآن هو مواصلة معركة إسقاط الأسد، فهنا يكمن مفتاح الحلول التي ستليها صعوبات متوقعة يجب الاستعداد لها من الآن.

الشرق الأوسط _ وطن اف ام

زر الذهاب إلى الأعلى