لم يكن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة بحاجة إلى أن يذهب إلى إيران لكي يكتشف أن مسافة شاسعة تفصل بين رؤية إيران للمشكلة اليمنية والرؤية المستندة إلى قرارات مجلس الأمن والداعمة للشرعية في اليمن، بل لم يكن هناك من داعٍ للذهاب إلى إيران، فضلا عن التفكير في مشاركتها في اجتماع التشاور المزمع إقامته في جنيف،
إذ من المفترض ألا يكون لإيران رأي أو دور للسلم والحرب في اليمن، ذلك أننا لو اعتبرنا القضية قضية يمنية بحتة، فإن ذلك يعني أن إيران لا شأن لها في الشأن اليمني، وإن اعتبرت القضية اليمنية قضية عربية، فإيران لا شأن لها بالقضايا العربية، أما إذا اعتبرت قضية دولية، فإيران ليست عضوا في الدورة الحالية لمجلس الأمن، ولم تشارك في اتخاذ أي من قراراته التي اتخذها في الشأن اليمني، ولذلك قال مندوب المملكة لدى الأمم المتحدة عندما سئل عن إمكانية دعوة إيران للمشاركة في اجتماع جنيف: لماذا إذا لا تدعى البرازيل؟
زيارة مبعوث الأمين العام إلى إيران، وهو يعرف حق المعرفة أن إيران هي جزء من المشكلة ولا يمكن لها أن تكون جزءا من الحل، تكريس للتدخل الإيراني في اليمن، وتشريع لما قامت به من دعم مادي للحوثيين وما تقدمه لهم الآن من دعم معنوي، وهي زيارة من شأنها أن تعقد القضية اليمنية وتخلط أوراقها وتطيل أمد الصراع وتضاعف من خسائر الشعب اليمني.
غير أن الأسوأ من زيارة المبعوث الأممي لإيران أن تقوم الأمم المتحدة بدعوة مفتوحة للحوثيين للمشاركة في اجتماع جنيف، مثلهم في ذلك مثل بقية الأطراف اليمنية، بما فيهم السلطة الشرعية في اليمن، ذلك أنها بهذه الدعوة المفتوحة تمنح الحوثيين شرعية، وهم الطرف الذي أدانته قرارات مجلس الأمن وطالبته بالخروج من المدن اليمنية وتسليم الأسلحة التي استولى عليها ولم يستجب الحوثيون لأي منها، وكأنما الأمم المتحدة تسترضي الحوثيين أو تكافئهم على ما يمارسونه من تدمير لمقدرات الشعب اليمني وتعنت في رفض قرارات مجلس الأمن.
عكاظ _ وطن اف ام