فيما كان كان “حزب الله” يحتفل بـ”النصر الإلهي” في حرب تموز ٢٠٠٦ بخطاب امينه العام حسن نصرالله السنوي التقليدي، كانت اجهزة الامن الكويتية تجمع مزيدا من الادلة الجرمية عن الخلية الارهابية التي جرى تفكيكها قبل يوم واحد والتي تؤكد ارتباطها المباشر بـ”حزب الله”.
وفي الوقت الذي كان نصرالله يحاول عبر احتفال هذه السنة، وخطابه ايهام جمهوره ان “زمن الانتصارات” لم يول، كان ينفذ على الارض في سوريا للمرة الاولى وقفا لاطلاق النار في الزبداني المحاصرة في مقابل قريتي الفوعا وكفريا الشيعييتن وهما على شفير السقوط. وفي الوقت الذي كان نصرالله يحاول اللجوء الى براعته الخطابية، والى القدرات الاحتفالية التي يمتلكها حزبه لتظهير مشهد ينسي الكارثة التي تورط فيها في سوريا، كانت الانباء تتوالي عن قرب انهيار جبهة درعا البلدة التي لا تزال قوات بشار تسيطر عليها مدعومة من المليشيات التي تأتمر بإيران كـ”حزب الله”، والهزارة الافغان، ومعه باكستانيون.
وفي الوقت الذي كان نصرالله يحاول تخدير الناس بحرب تموز ٢٠٠٦ وصمود حزبه ثلاثة وثلاثين يوما كانت لا تزال منازل مئات العناصر القتلى في سوريا متشحة بالسواد. اما الانباء عن تحاشي وزير الخارجية الايراني القيام بالزيارة التقليدية لكل مسؤول ايراني يزور “حزب الله” الى ضريح عماد مغنية، وهو على مسافة امتار من مكان لقائه مع حسن نصرالله مخافة ان يؤثر ذلك على تصويت الكونغرس على الاتفاق النووي، فأتت لكي تذكر ان دم اللبناني رخيص مهما علت الوظائف والادوار.
هذا العام اتى الاحتفال بـ”النصر الإلهي” على خلفية تردد ارقام مخيفة عن خسائر حزب الله” في عدوانه على السوريين تشير الى انها تجاوزت الفا واربعمئة قتيل، وخمسة آلاف جريح، الامر الذي لم يحصل في حرب تموز، و لا حتى في المواجهة مع الاسرائيليين خلال ما يقارب العقدين من الزمن.
ارقام مخيفة لم يعد نصرالله ببراعته الخطابية، ولا بالامكانات الدعائية “الغوبلزية” التي يوظفها حزبه من حرف الانظار عنها في الوسط الشيعي الذي يكتشف اليوم ان حرب “حزب الله” في سوريا يستحيل الانتصار فيها، كما يستحيل تزوير الواقع على الارض طويلا، وبالتالي فلا مهرب من هزيمة “حزب الله” سوريا، وخصوصا ان نظام بشار غير قابل للتأهيل ببقائه، وان الاميركيين وحدهم يمتلكون مفاتيح بقائه ورحيله، وان المسألة تنتظر تظهير صورة لمرحلة ما بعد بشار لكي يتم دفعه الى خارج الساحة، وانهاء الازمة السورية بإتفاق سياسي تضمنه القوى الكبرى المعنية دوليا واقليميا.
في يوم “النصر الإلهي” سنة ٢٠١٥ يمكن القول ان زمنه ولى، والطامة الكبرى في انقلاب الادوار داخليا: فبعدما كان “حزب الله” يحتمي بشعبية عون المسيحية، بات عليه ان يضيف الى اعبائه الوجودية عبء انتشال عون الغريق، وذلك بعد مهزلة تظاهرتيه الاخيريتين ليعلن نصرالله: “لن نترك عون ينكسر”!
حقا ان الزمن قلّاب!
المصدر : النهار اللبنانية