ليس دفاعاً عن السعودية التي تعرف كيف تدافع عن نفسها، بل رأفة بالوضع اللبناني الواقف على حافة إنهيارات، وحرصاً على تواصل الكلام والسلام وتبادل التحيات بين “تيار المستقبل” و”حزب الله”، وأيضاً رأفة بالوضع الملتهب في المنطقة والذي تتأجج فيه صراعات وتعصف به رياح كراهيات مذهبية بغيضة، طالما سعى الاعداء وفي مقدمهم العدو الاسرائيلي الى اثارتها.
على خلفية كل هذا رأى معظم اللبنانيين أنه ليس من المبرر ولا من المقبول لا بل من المستغرب، ان يوجّه السيد حسن نصرالله هذا السيل القاسي والعنيف من الإتهامات الإفتراضية والمبالغ فيها الى السعودية.
طبعاً هذه ليست المرة الاولى ولن تكون الأخيرة، تتعرض الرياض لإتهامات من “حزب الله”، غالباً ما تأتي في سياق الصراع المتصاعد بين السعودية وايران وعلى خلفية التصدي السعودي للتدخلات الايرانية في المنطقة، خصوصاً ان طهران تقول إنها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية !
وطبعاً إستغرب اللبنانيون اتهام نصرالله السعودية بأنها تتحمل “مسؤولية كل القتل في لبنان والمنطقة”، على رغم انها تجد نفسها في موقع المقتول والمستهدف بالقتل في مناطق كثيرة، من القصيف حيث تم أمس أيضاً اكتشاف أسلحة وذخائر دسّها الايرانيون لليمن حيث قالت صحيفة “كيهان” التي تعكس وجهة نظر المرشد علي خامنئي، بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية “ان الدور سيأتي على السعودية بعد سقوط اليمن”، مما يشكّل إعترافاً بالتدخلات الايرانية في البحرين والعراق وسوريا ولبنان !
لكنها عاصفة الحزم” التي فرملت التدخلات الايرانية وأسقطت الكماشة التي أرادت ان تمسك بالخليج من مضيق هرمز الى باب المندب، وبمقدار ما تقترب الشرعية اليمنية من إستعادة سيطرتها ستتعالى وتعنف الاتهامات التي ستوجه الى السعودية.
في أي حال، لم تسفك السعودية دماً ولا اطلقت ناراً في لبنان كما يقول نصرالله، كل ما فعلته كما يعرف اللبنانيون، انها كانت ولا تزال اول دولة شقيقة قدمت لنا دعماً قيمته ملياران و300 مليون دولار، وخصوصاً عندما ساهمت في اعادة اعمار الضاحية والقرى الجنوبية بعد العدوان الاسرائيلي عام 2006، وكل ما تلقته من اتهامات قبل عامين كان سببه انها قدمت اربعة مليارات دولار للجيش والدولة اللبنانية لدعم الشرعية والامن.
لكنها السياسة تطلق الإتهامات ضدها، وعلى رغم انها تشن حرباً لا هوادة فيها على الإرهاب يتهمها نصرالله بإدارة “داعش” و”القاعدة”، وحتى بعدما وصل وزير الصحة الايراني حسن هاشمي الى السعودية وإجتمع مع زميله خالد الفالح بعد حادث التدافع في مشعر منى، وأشاد بجهودها في خدمة الحجاج وأثنى على دورها في خدمة الحجيج، قال نصرالله إنها مسؤولة عن قتل الحجاج، ولكن ما دخل السياسة في الدين؟
المصدر : النهار اللبنانية