الآن يعرف الجـمـــيع حقيقة «داعش». كشفت الشاشات المــستور، وعــرّت الــمــخـــبوء. فالمشاهد الذي ينهل معلوماته من قناة «روسيا اليوم» يعرف أن «داعش صناعة تركية، وقواته يمرون بكل سلاسة وسلام عبر أراضيها حيث يتزودون بالمال والعتاد وأحياناً النساء ليجدوا أنفسهم داخل الأراضي السورية في قلب التنظيم الإرهابي الغادر الهادر الخائن.
وتعري «روسيا اليوم» رعاة الإرهاب والمتورطين في نشاطات تجارية مشبوهة مع داعش أساسها شراء نفط سورية والعراق المنهوب وكذلك مقايضته بالسلاح والمؤن. لكن المشاهد المعتمد على «سي إن إن» عرف أن «داعش» جماعات من المقاتلين ستستغرق مواجهتها بين 3 إلى 5 سنوات. وبات عليماً بأن مواجهة داعش تحتاج الى صبر استراتيجياً وإلى طول بال تكتيكياً وإلى نفس طويل عسكرياً. وعرف كذلك أنه رغم ذلك، فإن «داعش» لا يشكل خطراً على الولايات المتحدة.
كما عرف أن أميركا لن ترسل قوات برية إلى المنطقة الملتهبة. لكن المشاهد ما لبث أن عرف أيضاً أن مواجهة «داعش» تحتاج إلى تسريع خطوات وتركيز ضربات إذ إن السنوات التي سبق ذكرها قد تؤدي إلى إبادة المنطقة قبل أن يباد التنظيم. ثم عرف بعدها أن أميركا أرسلت قوات برية إلى المنطقة، لكنها ليست قوات غزو، بل قوات خاصة. وأخيراً تابع على الشاشة ذاتها أنباء حادث كاليفورينا الإرهابي وعلم أن السيدة التي اشتركت مع زوجها في تنفيذه بايعت «داعش» حديثاً، وربما أقنعت زوجها بالمثل.
أما المشاهد الذي يتابع «بي بي سي» فحقيقة «ما يطلق عليه» داعش غير واضحة، إذ لا يصح إطلاق نعت «إرهابي» عليه لأن هذا لفظ لا يتسم بالحياد المهني كما لا ينبغي وصفه بـ «الهادف إلى تأسيس الخلافة الإسلامية» لأنه قد يكون هناك تنظيمات أخرى تهدف إلى تأسيس خلافة إسلامية ما قد يعصف بالدقة المهنية المطلوبة. ثم ما لبث مشاهد «بي بي سي» أن فوجئ بأخبار بدء توجيه ضربات جوية لهذا التنظيم وإن كان لا يظل في منطقة رمادية حيث لا هو بالإرهابي ولا هو بغير الإرهابي.
ومن يستمد معلوماته عن «داعش» من قناة «تي آر تي» التركية فسيعرف أن أعداد الهاربين من تركيا تزيد. وسينمو إلى علمه أن تركيا هي أكثر دولة حاربت داعش. كما هناك معلومات تؤكد أن النظام الروسي هو أكثر المستفيدين من التجارة مع داعش.
مشاهدو التلفزيون السوري سيجدون الجيش السوري يحارب العصابات المسلحة من «داعش» ونصرة وجيش حر وغيرها. وسيعرف أن شرطة أردوغان توقف عشرات الطلاب المناهضين لتنظيم داعش. وسيشاهد الفيديو لاستهداف سلاح الجو الروسي لقافلة نفط سوري مسروق كانت في طريقها للبيع إلى النظام التركي.
أما بقية شاشات المنطقة، فتنقل ما تراه موائماً لمصالحها. لا يهم إن كانت حقيقة «داعش» التي يمتلكها المواطن ألفاً تقف على طرف نقيض من الحقيقة التي يمتلكها المواطن باء. المهم إنها الحقيقة.
المصدر : الحياة