مقالات

حسين شبكشي – معارضة وكرامة سوريا!

تستضيف العاصمة السعودية الرياض الملتقى الأهم لأطياف المعارضة السورية السياسية منها والعسكرية، لتوحيد المواقف والصفوف والآراء وذلك لتكوين الجبهة المنشودة، للبدء في إجراءات المرحلة الانتقالية والتي من المفروض أن تشهد حكومة موحدة بين المعارضة والدولة السورية (بعيدا عن الأسد وزمرته) وذلك بحسب ما تم الاتفاق عليه في مباحثات جنيف الأولى.

المشكلة الكبرى أن الاحتفاظ بنظام بشار الأسد من قبل بعض الأطراف الدولية حّول سوريا إلى ساحة اقتتال طائفية موحشة، وتم فيها التسبب بخروج وحوش شيطانية من أمثال «القاعدة» وحزب الله و«داعش»، الذين قاموا جميعا بارتكاب أفظع الجرائم تحت شعارات طائفية ومذهبية، ولكنها في النهاية تسببت كلها مجتمعة في قتل وتشريد السوريين، وكان الضحية الشعب السوري وحده الذي دفع ولا يزال يدفع فاتورة باهظة التكلفة وغير مسبوقة على الصعيد الإنساني.

ليس هناك المزيد من الكلمات التي من الممكن أن تقال وتكتب لوصف حجم الإجرام العظيم الحاصل من قبل نظام بشار الأسد ومن يؤيده، ولا توجد أي كلمات جديدة من الممكن أن تقال لأجل وصف جرائم الفصائل الإرهابية الدموية الموجودة، ولكن الكل يعلم تماما أنه بالإمكان القضاء على تلك الفصائل الإرهابية، وكذلك الخلاص من نظام بشار الأسد متى ما اتفقت الإرادة الدولية على ذلك الأمر، ولكن حتى كتابة هذه السطور يبدو أن هناك تحديا دوليا لا يزال يعيق إنجاز ما هو مطلوب بالشكل اللائق.

من الواضح جدا أن سوريا تحولت لمعركة تصفية حسابات قديمة وجديدة بين الروس والأميركان والعرب والفرس والشيعة والسنة. كلها شعارات دموية ومجنونة وموتورة رفعت باطلا وكانت النتيجة المزيد من الدماء التي تراق كل يوم، ولكن يبقى الحد الأدنى المطلوب وهو توحيد كلمة الصفوف المعارضة بشكل واضح، والابتعاد عن عناصر التفرقة والترفع العقلاني الداعي للتركيز على عناصر التوافق والاتفاق وهو المطلوب وبشدة.
على ما يبدو أن الحراك السياسي هذه المرة يحظى بمباركة عالمية وتوافق فيه الحد الأدنى المطلوب من الجدية اللازمة، ولكن يبقى ضرورة التفريق بين الأماني وما هو ممكن وقابل للإنجاز والتحقيق.

المعارضة السورية أمامها فرصة حقيقية ونهائية لتوحيد الصفوف على أرض السعودية صاحبة المبدأ الأصيل في دعم الشعب السوري أمام النظام المجرم.

هذا الاجتماع هو خطوة محورية وليست نهاية المطاف، ولكنها ولا شك مطلوبة. لن يغفر السوريون لمعارضتهم إذا فشلوا في الاتفاق والترفع عن كل الخلافات والصراعات البينية التي شتتتهم وحيرتهم وأضعفت كلمتهم. الشعب السوري عانى كما لم يعان غيره وقدم من التضحيات ما تعجز عن وصفه الكلمات، وليس مقبولا أبدا أن يكون خطاب المعارضة بعد كل هذا فيه أي نوع من النظرة القاصرة ولا الأنانية، فاليوم لا كلمة ولا موقف يجب أن يعلو عن كرامة السوريين جميعا بمعنى الكلمة.

المصدر : الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى