استشهد محمد زهران عبد الله علوش، بغارة روسية، سورية، هذا لا يخفف من حجم الألم بين السوريين، وبغض النظر عن الطريقة التي استشهد فيها أبو عبد الله، النتيجة واحدة، الأسئلة التي تنتظرنا الآن كثيرة، مستقبل قيادة جيش الإسلام وماذا ينتظر دمشق بعد هذه العملية، والسؤال الأكبر أين أصبح الحل “السياسي”. هذه حزمة بسيطة من التساؤلات المفتوحة.
في العاشر من شهر أيلول سبتمبر/2014، استشهدت نخبة من قيادات أحرار الشام وعلى رأسهم أميرهم أبو عبد الله الحموي، أصاب السوريين حينذاك حالة عميقة من الإحباط، فالحركة كانت في بداية سطوعها في الشمال وأصبحت القوة السورية الوحيدة التي يمكن التعويل عليها.
ذهب العديد من المحللين للشأن الميداني إلى أن الحركة أصيبت بنكسة يصعب أن تتعافى منها، ومع تولي هاشم الشيخ (أبو جابر) ذلك المهندس المغمور لم يتوقع الكثير صمود هذه الحركة، لكن المفاجآت جاءت من ذلك الرجل الهادئ البعيد عن الأضواء.
وطهرت الحركة إدلب من مقاتلي الدولة الإسلامية “داعش”، ولقنت النظام درسا لن ينساه في اقتحام الحواجز إلى أن حررت إدلب بالكامل وقرعت بالتعاون مع الفصائل الأخرى قرى العلويين المؤيدة للنظام في سهل الغاب.
انتفضت الحركة على نفسها، ليخرج الجيل الثاني من الثورة، قتل أبو عبدالله الحموي ونخبة من القيادات الجهادية السورية، لكن الثورة بقيت محمولة على الأكتاف، لقد كان استشهاد القادة في الأحرار درسا في صمود الثورة.
وكانت سياسة التحالفات التي نتج عنها تأسيس غرفة عمليات جيش الفتح أبرز نجاحات الأحرار، واليوم يواجه جيش الإسلام ذات الدرس والتجربة ليست ببعيدة، فهل يكون الجيل الثاني من قيادات جيش الإسلام على خطى الأحرار.. وهل تكون هناك أيضا سياسة تحالفات في كل دمشق وريفها لتمتد إلى القلمون الغربي والشرقي.
أما مصير العاصمة دمشق، فلا يمكن التنبؤ به بعد استشهاد “أبو عبدالله”، الذي أكدت المعلومات أنه استشهد وهو في مخبأ سري يحضر لعمل عسكري كبير في دمشق، فهل يكمل المشوار عصام أبو همام بويضاني.
بكل تأكيد رفع رحيل علوش مستوى القتال بين النظام والمعارضة سواء في الشمال أو الجنوب وقواعد اللعبة تغيرت سياسيا وعسكريا منذ اليوم الثاني لاستشهاد قائد جيش الإسلام، وستكون المفاجآت العسكرية عنوان المرحلة المقبلة وهذه من فوائد رحيل شخص بحجم علوش.
أما كذبة الحل السياسي، فيبدو أنها انتهت تماما من حسابات المعارضة المسلحة، التي جاملت الدول الإقليمية في الآونة الأخيرة وهي تدرك أن لا حل مع النظام إلا القوة العسكرية، وبموت زهران تثبت التجربة أن تفكير من هم في الأرض أكثر حصافة وفطنة من المهرولين للحل السياسي.
انتهى زمن الحمائم باستشهاد علوش ولا يحق لأي أحد اليوم أن يتحدث عن الحل السياسي وسط استباحة روسيا لكل سوريا.. لا حمائم بعد اليوم الكل صقور لا بإرادتهم بل بممارسات روسيا والنظام، الذي أمن خروج مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في وضح النهار وعلى مرأى من الروس بينما يغير على الغوطة.
أمام الدول الصديقة العربية الصديقة خيار واحد فقط، تزويد المعارضة بالسلاح في الشمال والجنوب وإعلان معركة على يد السوريين ضد إيران وروسيا والنظام، فسنوات الكذب الخمسة قاربت على الانتهاء بأحلام الحل السياسي، ولعل استشهاد زهران يجعل الكثير يستفيق من نومه السياسي وأوهام السلام مع النظام.
هذا منعطف كبير يموت المعتدل السوري وعلى بعد كيلومترات منه يعبر الجهادي العابر للقارات من الحجر الأسود بحماية نظام الأسد، بل ويصل إلى الرقة عاصمة الخلافة!
المصدر : زمان الوصل