السؤال العاجل المطروح لبنانيا هو: هل تنعكس المواجهة السعودية – الايرانية التي تصاعدت حدتها في اليومين الأخيرين إثر تنفيذ السلطات السعودية حكم الاعدام بعدد من المتهمين بأعمال إرهابية، ومن بينهم الشيخ السعودي الشيعي نمر النمر؟
فردة الفعل الايرانية التي تجاوزت كل ما سبقها من مواقف وما أعقبها من ردّ سعودي، دفعت العلاقات بين البلدين الى مكان أكثر خطورة من أي وقت مضى. فالصراع المستمر بين البلدين منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لبنان، واتضاح مسؤولية ايران ونظام بشار الاسد المشتركة عنها مر بمراحل عدة على مساحة الاقليم من لبنان، الى العراق فسوريا والبحرين ثم اليمن، والان يشهد اندفاعة كبيرة نحو منزلق اكثر خطورة ، عبر وصوله الى الساحات الداخلية للبلدين.
فالتورط الايراني المباشر في تحريض شيعة البحرين ضد النظام، وامتداد التورط نحو المنطقة الشرقية في السعودية ينذر ببلوغ المواجهة نقطة خطرة، وخصوصا أن السعودية لن تتأخر في الرد في الداخل الايراني، من الاحواز العربية، الى بلوشستان، مما سيضع البلدين امام “هاوية “الصدام المباشر”، والامر خطير جدا نظرا الى تداعياته الاقليمية والدولية.
هذا احتمال قائم في ظل اختلال التوازن الدولي الذي أحدثته سياسات ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما المنكفئة تارة، والمترجحة طورا، والتي أثبتت في اكثر من مناسبة للحلفاء في العالم العربي ان عليهم ان يقودوا “عربة” السياسة الاقليمية من المقعد الامامي! هذا ما حدث في اليمن، وهذا ما يمكن ان يحصل في سوريا على الرغم من دخول العامل الروسي على الساحة. لكن من المؤكد اننا امام احتمالات نشوب مواجهة ناجمة عن خطأ في التصرف او التقدير في اي لحظة بين البلدين، ما لم يتضح مسار للتهدئة تقوده دول كبرى معنية بالمنطقة. هذا الاحتمال وارد لكنه لم يتبلور بعد.
في لبنان خوف كبير من ان ينعكس الصدام السعودي – الايراني سلبا على الداخل، وخصوصا ان “حزب الله” يرفع من نبرة خطابه السياسي المعادي للسعودية الى حدود قصوى، ولا سيما عندما يشكك الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله في شرعية وجود المملكة العربية السعودية كما جاء في خطابه عصر الاحد، او من خلال قول الاعلام الحزبي ان قتال السعودية يجب ان يسبق قتال اسرائيل!
على الرغم من ذلك الكلام الكبير والمؤذي للبنان أكثر مما هو مؤذ للسعودية، تبدو “التفاهمات” الداخلية التي تقوم على أساسها “التهدئة” محمية بمظلة اقليمية – دولية مزدوجة قائمة. ولا مصلحة لأي طرف، حتى لـ”حزب الله” بتجاوز حدود الموقف الخطابي مهما كان حادا، لاعتبارات تتعلق بوضعه الداخلي في ضوء كلفة تورطه العالية في سوريا وفشله المدوي فيها. هذا الامر ينطبق أيضا على اسرائيل حيث يكتفي “حزب الله” باستخدام مزارع شبعا ساحة لتنفيس المواقف مثلما حصل البارحة خلال عملية الرد في المزارع على اغتيال سمير القنطار الذي لا يمكن ان يكون أغلى من عماد وجهاد مغنية. في اختصار: العين بصيرة واليد قصيرة هذه الايام!
المصدر : النهار