الضغط الاميركي على المعارضة السورية لا يأتي حباً بالنظام السوري أو علامة تغيير في موقف الرئيس بشار الاسد. إنما هذا الموقف نابع من حرص اميركي على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من المعارضة السورية التي لا تملك على الارض من القوة ما يمكنها من فرض خياراتها وفي مقدمها الانتقال السياسي.
اللاعبون الاقوياء في سوريا هم الجيش السوري من جهة وجهاديو “داعش” و”جبهة النصرة” من جهة أخرى. وبرزت في الاشهر الاخيرة “قوات سوريا الديموقراطية” التي تشكل “وحدات حماية الشعب” الكردية عمودها الفقري وتحظى بدعم جوي أميركي وأحياناً روسي.
ولعل “انقلاب الوضع” على حدّ تعبير وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف منذ بدء التدخل الروسي الجوي، هو ما يملي الضغط الاميركي على المعارضة السورية كي تذهب الى “جنيف 3″ ولا تضيع ما وصفته وزارة الخارجية الاميركية بـ”الفرصة التاريخية”.
وما صدر من مواقف عن الهيئة العليا للتفاوض مع النظام المنبثقة من مؤتمر الرياض، يفترض ان تكون الفصائل المسلحة التابعة لـ”الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” هي التي تملك اليد العليا على الارض وان ما على النظام سوى التفاوض على رحيله وتسليم السلطة بالاستناد دوماً الى بيان “جنيف 1” الصادر في 30 حزيران 2012.
وتقتضي الواقعية السياسية من المعارضة ان تبني الان على ما صدر عن مؤتمر فيينا الذي بات المرجعية للعملية السياسية في سوريا وليس “جنيف 1”. أما التمترس وراء بيان “جنيف 1” فيستلزم من المعارضة ان تكون هي في موقع الهجوم وان يكون النظام مقتنعاً بأن لا أمل له في الاستمرار. وهذه ليست الحال.
والواقع الميداني والسياسي المتغير بسرعة منذ العملية الجوية الروسية، جعل واشنطن تقتنع بأن من الافضل البحث عن حل سياسي مع النظام عوض المضي في السياسة التي انتهجتها أميركا منذ 2011 والتي كانت تراهن على اسقاط النظام بالقوة. وهذا ما يجعل واشنطن تبحث اليوم عن انقاذ المعارضة من وهم المضي في الخيار العسكري.
ويتصرف بعض المعارضة السورية وكأن لا خطر داهماً اسمه “داعش” أو “القاعدة” بمسمى “جبهة النصرة”. ولا يزال هذا البعض يرى ان النظام هو من أوجد كل هذه المجاميع الجهادية وأتى بها من أربع رياح الارض كي يشوه صورة المعارضة. وهذه نظرية تجاوزها الزمن ولم تعد تخفي تقصير الكثير من المعارضين السوريين في التصدي للخطاب الجهادي وكأن هؤلاء سيكون لهم موقع فيما لو أسقط الجهاديون دمشق.
المصدر : النهار