مقالات

ماذا يعني الكشف “الالماني” عن مجمع نووي سوري جديد في منطقة القصير بحراسة حزب الله؟

فجرت مجلة “دير شبيغل” الاسبوعية الالمانية مفاجأة جديدة عندما كشفت في عددها الصادر اليوم السبت عن اقدام الرئيس السوري بشار الاسد على العمل سرا، وبشكل دؤوب، على بناء مجمع تحت الارض بإمكانه تصنيع اسلحة نووية، وقالت ان هذا المجمع النووي يقع في منطقة القصير الجبلية، قرب الحدود اللبنانية (على بعد كيلومترين منها) وتتولى حراسته مجموعة من مقاتلي “حزب الله”، وعززت اقوالها هذه بالصور والوثائق.

هذا الكشف، وفي مثل هذا التوقيت بالذات، يثير العديد من علامات الاستفهام حوله، والغرض منه، وعما اذا كان مقدمة لعدوان اسرائيلي جديد بضوء، اخضر امريكي، لتدميره او حتى محاولة اتخاذه ذريعه لاسقاط النظام.

وربما ليس من قبيل الصدفة ان تتولى بيانات المعارضة السورية الرافضة للاشتراك في المؤتمر الذي تحضر القيادة الروسية لعقده قبل نهاية هذا الشهر في موسكو لاجراء مفاوضات بين طرفي الازمة السورية للتوصل الى حل سياسي، فبعد رفض حركة الاخوان المسلمين السورية المشاركة في المؤتمر، اصدر السيد معاذ الخطيب رئيس لائحة “سورية الوطن” بيانا اعلن فيه هو الآخر رفضه المشاركة بعد ان كان من اكثر المتحمسين، وبرر ذلك بعدم نضج الظروف الملائمة له، وعدم افراج النظام عن معتقلين من النساء والاطفال.

مجلة “دير شبيغل” الالمانية تتمتع بمصداقية اخبارية عالية وتستند معظم الاوقات على تقارير استخبارية يتم تسريبها لها بين الحين والآخر، وسبق ان كشفت عن الغارة الاسرائيلية على معمل الكبر النووي السوري في دير الزور ودمرته في ايلول (سبتمبر) عام 2007، بقرار من ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي في حينها وبضوء اخضر من ستيفن هادلي مستشار الامن القومي الامريكي.

السلطات السورية التزمت الصمت كالعادة، ولم تنف او تؤكد ما ورد في تقرير المجلة، خاصة الجزء المتعلق منه عن اشراف خبراء ايرانيين وكوريين شماليين على بنائه، ونقل ثمانية آلاف قضيب نووي اليه كانت معدة لمفاعل الكبر المدمر.

واذا صحت التقارير والوثائق التي نشرتها المجلة حول المنشأة او المجمع النووي الجديد، وهي تبدو صحيحة، فإن هذا يعني ان سورية تعلمت من اخطاء مفاعل الكبر المدمر، مثلما تعلمت من تجربة ايران، واقامت المنشأة الجديدة في قلب جبل على غرار منشأة “اراك” النووية الايرانية قرب مدينة قمم بحيث يتعذر على الطائرات قصفه وتدميره.

واختيار منطقة القصير السورية المحاذية للحدود اللبنانية ربما يفسر ايضا دخول قوات حزب الله بقوة للدفاع عن المنطقة واخراج الجماعات الاسلامية المتشددة مثل “الدولة الاسلامية” و”جبهة النصرة” التي نجحت في السيطرة عليها، واقامة شبكة انفاق معقدة عجزت القوات السورية النظامية عن اخراجهم منها قبل عام مضى.
السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو عن رد الفعل الاسرائيلي والامريكي على هذا الاكتشاف، وعما اذا كانت الدولتان تمهدان لضربات جوية جديدة لتدميره، وما اذا كانتا قادرتين على ذلك هذه المرة؟

الاسرائيليون لن يقفوا مكتوفي الايدي، لانهم يعتبرون اي محاولة سورية لتخصيب اليورانيوم خطا احمر، فقد اقدمت طائرات اسرائيلية على تدمير مفاعل تموز العراقي النووي عام 1981، كما دمرت منشآت الكبر النووي السورية عام 2007، وهدد بنيامين نتنياهو اكثر من مرة بعزمه مهاجمة المنشآت النووية الايرانية طوال السنوات الاربع الماضية، ونشرت صحف اسرائيلية تسريبات اخبارية تقول ان فشل التوصل الى اتفاق امريكي ايراني حول المنشآت النووية الايرانية في الاشهر القليلة القادمة قد يشكل الذريعة لهذا الهجوم.

الطائرات الحربية الامريكية تصول وتجول في الاجواء السورية هذه الايام دون ان يتصدى لها احد تحت غطاء ضرب تجمعات قوات “الدولة الاسلامية”، وتستطيع لو ارادت ضرب هذه المنشآت او حتى ارسال قوات ارضية لتدميرها، ولكن مثل هذه الخطوة خط احمر بالنسبة الى الحكومة السورية ربما تدفعها، وبدعم روسي ايراني للرد هذه المرة.

المعلومات التي نشرتها هذه الصحيفة “راي اليوم” قبل ايام حول سقوط طائرة (اف 16) الاردنية التي كان يقودها الطيار معاذ الكساسبة بصاروخ سوري ربما تحتوي على بعض الاجابات في هذا الصدد، ولعل القيادة السورية اختارت هذه الطائرة الاردنية بعناية لتوجيه انذار لامريكا واسرائيل بأنها تملك صواريخ “اس 300″ الروسية المتطورة المضادة للطائرات وستلجأ الى استخدامها اذا حاولت الطائرات الامريكية الخروج عن مهامها وضرب اهداف سورية.

العام الحالي قد يشهد تطورا مفاجئا في الملف السوري، ولا نعتقد ان فصائل المعارضة السورية المسلحة وغير المسلحة تتراجع عن حضور مؤتمر موسكو بهذه السرعة والكثافة دون تعليمات من واشنطن وبعض الدول العربية الداعمة لها الى جانب تركيا، وما علينا غير الانتظار.

عبد الباري عطوان – رأي اليوم – وطن اف ام 

متعلقات 

معلومات استخباراتية: بشار الأسد يبني مفاعلاً نووياً قرب الحدود السورية – اللبنانية

زر الذهاب إلى الأعلى