مقالات

مأمون كيوان : هل يحرق نتنياهو البيت الابيض؟

شكلت دعوة رئيس مجلس النواب الاميركي جون بوينر، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الى إلقاء خطاب أمام الكونغرس مدخلاًَ لسجال حاد بين مراكز صنع القرار السياسي في كل من واشنطن وتل أبيب. وتمثلت خلفيته في قرب توصل الإدارة الأميركية إلى اتفاق نووي مع إيران وإلغاء العقوبات المفروضة عليها، الأمر الذي ينتقده نتنياهو ويحذر ، ليل نهار، من تبعاته.

يذكر أن خطاب نتنياهو “المحتمل”هو ثالث خطاب له أمام مجلسي الكونغرس سيضعه في مصاف ونستون تشرشل، الذي دعي ثلاث مرات لإلقاء خطابات أمام الكونغرس. وتمحورت اعتراضات النواب الديموقراطيين الجدد والقدامى،المؤيدين لإسرائيل، على خطاب نتنياهو حول تخوفهم من أن دواعي نتنياهو من وراء الخطاب ليست أمنية صرفة، وإنما انتخابية. وأخذت شكل احتجاج على قرار رئيس مجلس النواب دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس من دون التشاور مع الرئيس أوباما. وتمثلت الاعتراضات أيضاً بمقاطعة جلسة الكونغرس التي سيلقي فيها نتنياهو خطابه، تحت ذرائع مختلفة. لخصتها زعيمة الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي بإعلانها أنه: “حتى إذا لم يقاطع النواب الديموقراطيون الخطاب، فإن كثيرين منهم سيكونون مشغولين في أعمالهم”. البيت الأبيض، أعلن أنه لم يعط أي تعليمات لنواب الحزب الديمقراطي بحضور خطاب نتنياهو أو مقاطعته، لكن إعلان الرئيس ونائبه ووزير الخارجية الأميركي أنهم لن يحضروا ولن يلتقوا بنتنياهو كي لا يمنحوه الفرصة لاستغلال هذه الزيارة انتخابيًا. كان فاضحاً لنواياهم السياسية.

رغم أن وزير الخارجية الاميركي جون كيري أعلن أن زيارة نتنياهو موضع ترحيب بواشنطن رغم انها تجاوزت الأعراف الدبلوماسية المتعرف عليها بين البلدين. ورغم تأكيدات رئاسة الحكومة الإسرائيلية على إصرار نتنياهو على الذهاب إلى الكونغرس لإلقاء خطابه، إلا أن إلغاء الخطاب أمر محتمل في ضوء موجة الاعتراضات. ويخشى بعض المحيطين بنتنياهو أن تضعف مقاطعة عدد من النواب والشيوخ للخطاب، صورة نتنياهو، ليس في الولايات المتحدة فحسب، وإنما أيضاً لدى الناخب الإسرائيلي. ولا يشكل خطاب نتنياهو جوهر القضية الرئيسة المتمثلة في التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية الإسرائيلية، وتحديداً في العملية الانتخابية. وكان كيري قد قال:”لا ينبغي لأي شخص أن يتدخل في الانتخابات الإسرائيلية”، وأيضاً الرئيس أوباما قال انه لا يريد ان يكون متهماً بالتدخل في الانتخابات الإسرائيلية، برغم النشاط اللافت لمنظمة “V15”- مدعومة من قبل “OneVoice” (صوت واحد) وهي منظمة سياسية غير حكومية تحصل على تمويل من وزارة الخارجية الأميركية-والمتمركز حول الإطاحة بنتنياهو ، وصلاتها مع  حزب العمل الإسرائيلي إلى درجة وجود بعض مرشحيه للكنيست مثل: داني عطار ويوئيل حسون (المتواجدان في المراكز 15 و16 في القائمة الانتخابية لحزب العمل) بالإضافة الى عضو الكنيست السابقة عن حزب العمل كوليت أفيطال وعضو الكنيست السابق إفرايم سنيه، ضمن “مجلس المستشارين الفخريين” لمنظمة “V15”.

وكانت بداية التدخل الأميركي في خطاب السفير الاميركي في إسرائيل دان شابيرو في بار ايلان. وكان محوره هو أنه على المواقف الاسرائيلية مراعاة المصالح والاهداف الاميركية، وأن لا تعكس فقط الحاجات الامنية الملحة لدولة اسرائيل. وثمة تخوفات من أن يفضي تدخل أوباما في الانتخابات الإسرائيلية إلى نتائج عكسية. بخلاف الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون الذي شارك في الحملة الانتخابية ضد نتنياهو ولم يحاول إخفاء تدخله. ففي عام 1996، استضاف كلينتون مرشح حزب العمل شمعون بيرس في البيت الأبيض قبيل الانتخابات الإسرائيلية. وفي انتخابات عام 1999، أرسل منظم الاستفتاءات الديموقراطي ستانلي غرينبرغ الى إسرائيل من أجل مساعدة مرشح حزب العمل إيهود باراك.

وفي تل أبيب، شن خصوم نتنياهو هجوماً مكثفاً عليه، ودعاه زعيم المعارضة مرشح تحالف “المعسكر الصهيوني” لرئاسة الوزراء اسحق هرتسوغ رئيس حزب العمل، إلى إلغاء الخطاب الذي يعرض للخطر العلاقة المميزة بين إسرائيل والولايات المتحدة. وشاطره الرأي نفسه يائير لابيد زعيم حزب “ييش عتيد- يوجد حد” وزعيمة حزب “ميرتس” زهافا غالئون. واتهمته زعيمة حزب “هتنوعاه ـ الحركة” تسيبي ليفني، بأنه  اجتماع انتخابي ان ” يفكر بمصلحته وليس بمصلحة البلاد”. وإذا تذكرنا أن نتنياهو نفسه قال عام 1996: “سأحرق البيت الأبيض” وفجّر لكلنتون بعد أسبوع واحد من هذا التصريح فضيحة مونيكا لوينسكي. ماذا سيفعل في مواجهة أوباما ربيع العام 2015؟. وهل سيكون مصيره مشابها لمصير سلفه الليكودي اسحق شامير الذي رغم التزامه بسياسة “ضبط النفس” خلال عملية “عاصفة الصحراء” لتحرير الكويت، إلا أنه حاول جاهداً الانقلاب على مسار مؤتمر مدريد للسلام فخسر منصبه لصالح رئيس حزب العمل إسحق رابين في انتخابات الكنيست.

المدن _ وطن اف ام 

زر الذهاب إلى الأعلى