في العيد العالمي للمرأة تحضر صورة المرأة العربية بوصفها امرأة من العالم مهددة بالإقصاء من العالم. الكتابة عن العيد العالمي للمرأة في هذا الزمن العصيب من قبيل المغامرة أو القول الفاقد لمغزاه.
المرأة العربية التي رأت في الربيع العربي فرصة مكتظة بالآمال لتحقيق مكاسب وتحصين أخرى، وجدت نفسها، كما المجتمع وكما الربيع العربي ذاته، في وضع نكوصي بامتياز. بعد أن كان السجال النسوي منصبّا على المطالبة بإلغاء التمييز والالتزام باتفاقية “سيداو” والبحث عن المزيد من التمثيل والمناصفة. تجد المرأة العربية، في سوريا وفي العراق وفي اليمن، نفسها مسبية في سوق النخاسة أو مغتصبة، وفي أحسن الحالات نازحة أو معتقلة. البون شاسع بين المطالبة باتفاقية سيداو وبين مقاومة السبي.
المجتمع الذي يكابد من أجل الارتفاع بنصفه المشلول بالقوانين القديمة والأعراف، أصبح يحاول جاهدا الحفاظ على المكتسبات القديمة، لذلك فإن طرح قضية المرأة، الآن وهنا، أكثر من عسير، أولا لأن المجتمعات العربية بأسرها مهددة بمفاهيم قديمة تجتاح الفضاء وتطرح القوامة بديلا عن الشراكة وتستعيض عن مبادئ اتفاقية سيداو ورفع التمييز بالسبي وتأنيث الجهاد، وثانيا لأن تنظيم داعش وسواه يمارس إرهابا بمفعول “رجعي” لم يستثن منه الآثار العريقة المشيدة قبل مجيء الإسلام، لكنه طبّق عليها “تعاليمه” وسواها بالأرض.
قبل زمن داعش كانت بعض الأصوات المدنية تقول بأن طرح قضية المرأة بالمطالبة ببعض المكاسب هو انسياق في مشروع تبخيسها، والبديل هو أن تطرح قضية مجتمع يجب أن يتحلل من تقاليده وأعرافه التي تتجاور في فصامية عجيبة مع بعض تعابير الحداثة. لكن قضية المرأة في زمن ملاحقة الإيزيديات والمسيحيات “المرتدات”، تطرح من زاوية أزمة حضارة بأسرها تعاني مفاعيل ازدهار التشدد الديني الذي أنتج أفعالا طالت الزرع والضرع.
المرأة العربية في زمن داعش تحنّ إلى وضع قديم كانت تناضل فيه من أجل حقوق ومكاسب، لكنها تحظى بـ“امتياز” أنها لا تسبى ولا تباع. الثابت أن استرجاع المرأة لمكانتها لا ينفصل عن صراع المجتمع والمنطقة ضد غلوّ يجتاحه أو يسكن فيه. عندما تتصدى الأمة لسكاكين أعملها داعش في جسدها فإنها ستنصف نساءها وتاريخها.
العرب اللندنية _ وطن اف ام